عندما أقرأ محتوى ما تكتبه جماعة الرئاسة باسم الرئيس ويوزعونه على وسائل الإعلام على أنه من بنات أفكار الرئيس... عندما أسمع ذلك أصاب بالغثيان. فقد قال الرئيس في رسالته الموجهة للصحفيين في عيدهم الوطني «أنه يقف إلى جانب الصحفيين في دعم المهنية والحرية وترقية الصحافة»!، فهل قرأ هؤلاء ما قاله وزير الإعلام أمام البرلمان حين قال: «إن الإشهار العمومي يوزع 90 بالمائة منه على الخواص وأن مقاييس توزيع الإشهار على الصحف الخاصة لا تخضع للجانب التجاري والتوزيع.. بل تخضع إلى قيم الشتم والقذف وزرع النميمة»! أولا: هل يعلم الرئيس ومن يكتب له الرسائل الإعلامية للصحفيين أنه حتى صفة وزير الإشهار التي أطلقت على وزير الاتصال لم تعد مقبولة الذي قاله هذا الوزير أمام البرلمان، فالإشهار عادة وفي كل دول العالم هو عملية تجارية يروج بها للسلع والخدمات، ومن هنا فإن الأولوية المهنية في الإشهار تعطى للجانب التجاري، وأساسا إلى مسألة حجم التوزيع! فكيف يلغي الوزير هذه المهمة الأساسية للإشهار ثم يقول إنه إشهار؟! ثانيا: ما قاله الوزير في هذا الخصوص كان من الواجب أن يضعه تحت طائلة القانون ويحول أمره إلى العدالة، إذ كيف يوزع الوزير الإشهار على الخواص خارج الرسالة الإشهارية التجارية للإشهار، أليس هذا تحويل لرسالة ومال الإشهار وليس إشهارا؟! ثالثا: متى كان الإشهار يعطى بناء على أحكام قيمية كالقذف والشتم وممارسة النميمة كما قال الوزير؟ أليس القذف والشتم من صلاحيات العدالة وليس من صلاحيات وزير الاتصال؟! ثم من هو هذا «البنعريفو» الذي يتواجد في الوزارة ويحكم على هذه الصحيفة أو تلك بأنها لا تمارس الإعلام وتمارس القذف والشتم؟! ولا يحولها إلى العدالة بل ولا يوقفها عن الصدور، بل ويقوم فقط بحرمانها من الإشهار؟! رابعا: لو كان الوزير صادقا مع نفسه ومع الرأي العام لقال «إن توزيع الإشهار بالطريقة التي يوزع بها تتحكم فيه معايير الصحبة والزبائنية والفساد والجهوية والرداءة، ولا تعير وزنا للمهنية والكفاءة والتوزيع. خامسا: حقيقة أن الطريقة التي يوزع بها الإشهار العمومي هي عبارة عن سرقات موصوفة تحت عنوان الإشهار، وهي عبارة عن تحويلات إلى حسابات أشخاص ومؤسسات وهمية لا علاقة لها بالإعلام والصحافة. والعملية لا تعني فقط تحويل المال العام بواسطة الإشهار إلى جيوب الأصحاب والخلان، بل تساهم أيضا في إلغاء الدور الإيجابي للإشهار العمومي في محاربة الفساد، من خلال التعتيم على الصفقات العمومية بنشرها في صحف لا تطبع ولا توزع أصلا. هذه جرائم اقتصادية وليس إشهارا عموميا، ومطلوب من العدالة والحكومة تحويل الملف إلى القضاء عوض الحديث عن الأمر في برلمان الحفافات؟!