أكد حميد ڤرين وزير الاتصال في حوار مع الموقع الإلكتروني “كل شيء عن الجزائر” نشر أول أمس الخميس ما سبق ل “الخبر” أن كشفته، من ضغطه على المعلنين الخواص حتى يتوقفوا عن نشر إشهارهم في جريدة “الخبر”، في محاولة يائسة للضغط عليها في سبيل إجبارها على تغيير خطها الافتتاحي الذي يشهد القاصي والداني والعام والخاص والعدو والصديق، بأنه الأقرب إلى المهنية وإلى احترام أخلاقياتها. ڤرين يصدر تعليماته للمعلنين الخواص وبشكل غريب لا يمكن أن يصدر عن سياسي هاو فما بالك بالوزير المحترف، غرق حميد ڤرين في محيط لا متناهٍ من التناقضات، فهو في البداية يتهم “الخبر” بالقذف والسب والشتم على أساس أن ما كشفته من ضغطه على المعلنين الخواص كذب وافتراء، قبل أن يفضح نفسه بشكل صارخ ويؤكد كل ما أوردته “الخبر” حين رد على سؤال آخر بقوله “حتى تكون الأمور واضحة وبشكل نهائي، أكرر ندائي للمعلنين: لا تنشروا إعلاناتكم في الجرائد التي تمارس القذف”، ولا يكتفي الوزير بهذا بل يعود ليعري نفسه عندما يشدد في فقرة أخرى “أعود لأبعث بنفس الرسالة إلى المتعاملين الاقتصاديين الخواص، سواء أكانوا محليين أو أجانب، اختاروا جيدا وسائل الإعلام التي تمنحونها إشهاركم، لا تشوشوا على صورتكم عبر ربطها بجرائد تمارس القذف مهما كان سحبها”. أليس هذا هو الضغط بعينه؟ أيُعقل أن يبقى كلام خطير كهذا يسوقه صاحبه تحت شعار “تعليمات فخامة رئيس الجمهورية” دون حساب أو عقاب؟ أيعقل أن تبقى العدالة صامتة أمام هذا الدوس الفاضح على قانون من قوانينها وهو “قانون المنافسة”؟ فلا يحق لوزير مهما كانت مكانته وصفته توجيه تعليمات لمؤسسات خاصة، وما ورد على لسان ڤرين لا يمكن أن يصنف إلا ضمن خانة “التعليمات”! المضحك المبكي أن نفس المتحدث وبعد أن قال كل هذه الحماقات يأتي في الأخير ليعقب على سائله “إذا كان هذا يعني تدخلا فأنا مستعد لتحمل هذه الصفة”! فعلا إذا لم تستح فاصنع ما تشاء. لا نريد إشهاركم ويستمر وزير الاتصال في مسلسل التناقضات المضحك عندما يؤكد استغلاله الأرعن والمتخلف للإشهار العمومي والمؤسساتي لأغراض سياسوية دنيئة، من أجل الضغط على الأقلام والعناوين الحرة حتى تغير من خطها الافتتاحي وتتراجع عن قناعتها وتبيع مواقفها في سوق النخاسة، فهو يقول “جريدة تمارس القذف ضد الدولة لن تأخذ إشهار آناب”، وهو التصريح الذي يأتي أياما قليلة بعد تصريحات أخرى صرخ فيها حميد ڤرين حتى بح صوته “الوكالة الوطنية للنشر والإشهار آناب مؤسسة اقتصادية مستقلة يسيرها مديرها العام كما يشاء وبما تفرضه قوانين السوق ولا دخل لي في ذلك”، أي أن حميد ڤرين حول وفي ظرف أيام قليلة “آناب” من مؤسسة مستقلة عنه إلى مؤسسة تأتمر بأوامره وتتلقى منه التعليمات. فمن نصدق إذا: حميد ڤرين أم ڤرين حميد؟ وهل لهذه الشيزوفرينيا من علاج؟ ولا يكتفي المتحدث بهذا الانفصام في الشخصية والتناقض في التصريحات، بل يصر دائما على أن يبرر سقطاته بعدد من المغالطات التي لم تعد تسمن ولا تغني من جوع، عندما يحاول في كل مرة أن يقرأ مواقف “الخبر” الأخيرة على أنها ضغط للاستفادة من الإشهار العمومي والمؤسساتي، على الرغم من أن الجريدة أعلنتها وتعلنها صراحة وفي كل مرة لمن يريد أن يسمع ولمن لا يريد أن يسمع “لا نريد إشهاركم العمومي والمؤسساتي الموبوء الذي تريدون به تركيع الأصوات الشريفة والآراء الحرة، رغم أن هذا الإشهار هو ملك للشعب الجزائري وليس ملككم أنتم”، فلترجعوا هذا المبرر الأحمق إلى بطونكم وتوقفوا عن استعماله كشماعة تعلقون عليها تجاوزاتكم و “ستالينيتكم” ضد حق هذا الشعب الأخلاقي والدستوري في الحرية والتعددية والكرامة، هذا الشعب الذي يحتفل اليوم بستينية ثورته ضد القمع والتسلط و “الحڤرة”، “الخبر” لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد ب “آناب” منذ 1998، أي منذ أن كان حميد ڤرين صحفيا لدى المخزن الذي أثبت أخيرا بأنه يحب لنا كل الخير، وعدم استفادة “الخبر” من إشهار “آناب” التي حولوها إلى شركة إعلانات خاصة، لم يمنعها من التطور والاستثمار وتحسين الأداء والرفع من أجور الصحفيين والعمال الذين تتشدقون دائما بالدفاع عنهم. وكما عاشت “الخبر” بعيدا عن دوائركم المشبوهة 16 سنة، يمكنها أن تستمر دونكم بفضل احترافيتها ومهنيتها ومصداقيتها وتمسك قرائها الأوفياء بها. وزير للاتصال والتضامن والعدل وبدا حميد ڤرين في حواره مع “كل شيء عن الجزائر” الذي قرر أن يرد فيه على “الخبر”، رغم أن أخلاقيات المهنة وقواعدها التي يدعي الذود عنها والدعوة إليها تقتضي أن يرد المتضرر من عنوان في العنوان نفسه، مختصرا لكل مؤسسات الدولة في شخصه، فهو مجلس أعلى لأخلاقيات مهنة الصحافة عندما يسمح لنفسه بإصدار الأحكام الأخلاقية على العناوين الصحفية، هذه احترافية وتلك لا، هذه تحترم القواعد والأخرى تدوس عليها! وهو العدالة عندما سمح لنفسه بإصدار أحكام الإدانة ضد جريدة “الخبر” عوض أن يرفع ضدها دعوى قضائية لدى مصالح الطيب لوح، ثم يقرر العقوبة عبر محكمة “آناب” والتعليمات الواضحة التي وجهها للمعلنين الخواص المحليين والأجانب، وهو وزير للتضامن أيضا عندما يسمح لنفسه بتبرير ما تمنحه “آناب” للجرائد ذات السحب الضعيف جدا على أنه يضمن العيش لأكثر من 25 ألف عائلة، رغم أنه لم يفكر لحظة في مصير عشرات العائلات التي كانت تقتات من يوميتي “الجزائر نيوز” و“آلجيري نيوز” عندما أمر بوقف سحبهما. وبذلك يكون وزير الاتصال قد دق آخر إسفين في نعش الدولة الجزائرية التي صارت تبدو مسخا بلا قوانين ولا مؤسسات، يمكن أن يفعل فيها الوزير ما يشاء وكيفما يشاء، يمكن له فيها أن يعوض حتى العدالة، فهو الذي يصدر الأحكام ويقرر العقوبات، فلا داعي إذا لدوشة المحاكم ولرفع الدعاوى القضائية ولتطبيق قانوني الإعلام والعقوبات. يشهد ل “الخبر” بالمهنية ثم يتهمها بالقذف! ويعتقد الوزير حميد ڤرين بأنه عندما يتهم “الخبر” بممارسة القذف والشتم وبالابتعاد عن قواعد المهنة وبأنها تشكل خطرا على استقرار الدولة، أن عاقلا في هذه البلاد سيصدقه، من سيصدقك يا حميد ڤرين والأمر يتعلق بجريدة أثبتت وتثبت كل يوم بأنها الأقرب إلى الصدق والمصداقية، وبأنها تحاول دائما الاقتراب أكثر من قواعد المهنة وأخلاقيتها؟ ولو أنها كانت عكس ذلك لما بقي عشرات الآلاف من القراء أوفياء لها، وكما أنك تدعي تلقيك لرسائل دعم فإن “الخبر” تتلقى كل يوم مئات الرسائل التي تدعوها إلى عدم الانبطاح والاستمرار في خطها الوطني الناصع، رسائل من جزائريين “زوالية” لا طموح لهم إلا أن يعيشوا داخل وطن حر محترم يضمن لهم سيادتهم وحقهم في الحياة الكريمة. ويعلم حميد ڤرين أكثر من غيره أن “الخبر” التي شهد لها هو نفسه ول“الوطن” في لقاء بقسنطنية بالمهنية والاحترافية، كانت ولا تزال المرجع الإعلامي الأول في الجزائر لدى أصحاب القرار في الداخل والخارج ولدى وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية، ولو كانت كما يدعي لما بلغت هذا المبلغ المشرف. ورغم أنف وزير الاتصال، فإن جريدة “الخبر” وطنية حتى النخاع، ولا تحتاج من أجل إثبات ذلك إلى دليل، فهي ومنذ البداية انبرت للدفاع عن الجمهورية وعن أمن الجزائريين واستقرارهم، ودفعت لأجل ذلك الغالي والنفيس، كما أنها كانت ولا تزال في الصفوف الأولى للمدافعين عن الخيارات الاستراتيجية للدولة الجزائرية، فعندما كان حميد ڤرين الذي يتهم “الخبر” اليوم بتهديد استقرار الدولة الجزائرية، ينعم في خيرات المخزن ويأكل ما شاء الله من غلته، كانت “الخبر” ولا تزال تُتهم من طرف نفس المخزن بكونها من أشد المدافعين عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ومن أشرس المواجهين للحملات الإعلامية التي تطلقها الرباط بين الفينة والفينة ضد الجزائر، وهي تهمة نتشرف بها ولا نبرئ أنفسنا منها. لكل هذا لن يصدقك أحد يا سيادة الوزير الذي لم نهاجم شخصه بأي حال من الأحوال، بل انتقدنا مواقفه دفاعا عن الحقوق والحريات، وهو خيار لن نحيد عنه ولن نبيد مهما بلغت الضغوط والأكاذيب والمغالطات، وإذا كنا في غمرة ذلك قد عرجنا على محطات في مسيرة المعني المهنية، فذلك يدخل ضمن نشاطه العمومي ولا علاقة له بحياته الشخصية. سكت دهرا ونطق كفرا واستغل وزير الاتصال الحوار ليذكر في أكثر من مرة “محاسن” مشروعه “الإصلاحي” العظيم الذي يهدف إلى أخلقة المهنة وعصرنتها عبر نظرية “دائرة الأخلقة” التي ابتدعها، أخلقة بدأها بالضغط على العناوين الحرة والعريقة، لكن جميع الملاحظين يسجلون بأن مشروع ڤرين يقتصر لحد الآن على توزيع بطاقة الصحفي، وحتى هذه الخطوة على ضآلتها وضحالتها باء فيها بفشل ذريع، حيث إن الوزارة وباعترافه لم تستلم لحد الآن سوى 1300 ملف من بين 4 آلاف منتظرة، كما أنها خطوة تثبت مرة أخرى تناقض صاحبها الذي يتبجح بالحديث عن الشفافية، ووزارته أطلقت عملية إصدار البطاقات في جو يسوده الغموض ويغرق في العتمة، فلحد الآن لا يعرف أهل المهنة تشكيلة اللجنة ولا شروط اختيار أعضائها ولا ضوابط عملها. أراد حميد ڤرين عبر حوار “كل شيء عن الجزائر” أن يرد على “الخبر” فأكد ما أوردَته، وأثبت إصابته بمرض انفصام الشخصية، وبالتالي يصدق عليه قول الحكيم العربي “سكت دهرا ونطق كفرا”. وفي الأخير، نشكر وزير الاتصال على هذه التهنئة التي يوجهها ل “الخبر” بمناسبة ذكرى تأسيسها ال24. المصداقية سر شعبية “الخبر” الفايسبوكيون ينتفضون ضد وزير الاتصال لم يجد وزير الاتصال حميد ڤرين أي رد إيجابي من طرف قراء الحوار الذي أدلى به لموقع “كل شيء عن الجزائر”، إذ أجمع المعلقون على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الوزير على “ضلال” في رده حول ما جاءت به “الخبر” من ضغطه على المعلنين لوقف منحهم الإشهار للجريدة. أبحرت “الخبر” عبر مختلف صفحات فايسبوك، وفي مقدمتها صفحة الموقع الإلكتروني “كل شيء عن الجزائر” الذي أدلى له الوزير ڤرين بالحوار. ومن ضمن عشرات التعليقات التي اطلعنا عليها، لم نعثر على تعليق واحد على الأقل يلتزم الحياد في هذه القضية، حيث تلقى الوزير سيلا من الانتقادات. سنتفادى في هذا التقرير نقل بعضها حتى لا يتهمنا الوزير، جورا، كما فعل في الحوار، بقذفه أو التعدي على حياته الخاصة، بل سنقتصر على تلك التي شرحت ما صرح به الوزير حول أخلاقيات المهنية وكيفية تسيير الإشهار العمومي. قال جيلا مجاهد “لما تتحدث جرائد عن المادة 88 من الدستور أو تعارض العهدة الرابعة، تعتبرون هذا قذفا؟”. رضا ويشر من جهته “تريدون صحافة تكتب ما تريدون”، سمير شطاح معلق آخر على صفحة الجريدة الإلكترونية “الوزير لم يقنعني، أشم أن آلة الردع من وراء كل هذا”. وجاء في حوار الوزير أن صحف يومية تسحب 5 آلاف نسخة يوميا وتوظف بين 200 و300 صحفي، وهي من بين التناقضات التي ركز عليها “الفايسبوكيون”، فاعتبرها سمير عمريوي ب “جملة اليوم بلا منازع”. وهنا طالبه معلق آخر عباس بن بختي ب “كشف قيمة الإشهار الذي تمنحه وكالة الإشهار العمومية ومن يتحصل عليه”. من جانبه، وضع مهدي أحمد الأصبع على قضية هامة عندما خاطب الوزير قائلا “ليس من دور السلطة التنفيذية مكافحة القذف، هذا دور العدالة، ووزارة الاتصال لا يجب أن توجد أصلا”. في نفس السياق تقريبا وفي تعليق مطول، قال ناصر سافر “عبر هذا الحوار، يقول لنا وزير الاتصال إنه الوحيد القادر على تحديد من هي وسيلة الإعلام التي تحترم أخلاقيات المهنة والتي يحق لها بذلك الحصول على الإشهار”، ويواصل “الأخطر في هذه القضية هو استحواذ الوزير على صلاحيات العدالة، لما يحدد الوزير بكلامه مسبقا من هي وسيلة الإعلام التي يحق لها الحصول على الإشهار من عدمه، فنحن الآن أمام محاولة وضع الصحافة الوطنية تحت الوصاية، فالرسالة لوسائل الإعلام المعنية هي: يجب أن تعملوا كما نأمركم وإلا نسحب منكم مصروف الجيب، هذا في وقت يفترض منح حرية التعبير للصحافة والحرية للعدالة، فالوزير يحدد قواعد اللعبة مسبقا، وسيكون مصير من لا يحترمها المجاعة”. ولما قال الوزير في حواره للجريدة الإلكترونية “وسيلة الإعلام التي تقذف وتشتم خطر على القراء وعلى الأمن العمومي والاستقرار”، ردت عليه معلقة كتبت باسم مستعار “لؤلؤة المطر”: “وزير اتصال وقح، أيضا خطر على القراء وعلى الأمن العمومي واستقرار البلاد”. وتساءل خالد كلوز “لماذا لا ترد على صفحات “الخبر”، هل أنت خائف؟”، وأضاف “وزير الاتصال أم وزير التضامن؟ يقول إنه لا يجب أن نوجه أصابع الاتهام لليوميات التي تسحب 5 آلاف نسخة وتوظف مئات الصحفيين”. وحاولنا طوال ساعات البحث عن تعليقات مؤيدة لما جاء على لسان وزير الاتصال، غير أن محاولاتنا باءت بالفشل.