انتهى لقاء الحكومة - الولاة، أمس، بقراءة توصيات "جوفاء" تمخضت عن ثلاث ورشات، كلها منصبة حول البحث عن مصادر تمويل جديدة للبلديات. وكل ما خلص إليها المشاركون طيلة يومين "كلام على ورق" لم تحدد له الحكومة موعدا زمنيا ولا هيكلا، يجري الانتقال فيهما إلى التجسيد على أرض الواقع، خصوصا وأن البلاد تعيش أزمة مالية خانقة وجبهة اجتماعية تغلي على أكثر من صعيد. دافع ولاة الجمهورية، أمس، عن صلاحياتهم في ختام لقائهم مع الحكومة دام يومين، عبر إخبار الجهاز التنفيذي المركزي الذي يقوده الوزير الأول، عبد المالك سلال، بأنهم ليسوا "رجال مطافئ" دورهم إخماد احتجاجات المواطنين، وكل القرارات الهامة تتمركز لدى أعضاء الحكومة. وهذا تماما ما جاء في التوصيات التي طالب فيها الولاة بتوسيع أكبر لصلاحياتهم، حتى يتمكنوا من "تسيير" الأزمة المالية الحالية، وتكون لديهم صلاحيات مماثلة لتلك الممنوحة للوزراء، حسبما أفاد به مصدر موثوق فيه ل"الخبر". الورشة الأولى التي عنوانها "دور الجماعات المحلية في ترقية الاستثمار"، أوصى فيها الولاة الحكومة بضرورة "إصلاح نظام استرجاع الأراضي الفلاحية القابلة للتعمير واستغلالها في فضاءات التوسع السياحي وخلق مناطق نشاطات، علاوة على تمكين الوالي بقرار منه استرجاع الأراضي، على أن يبقى تصنيفها من دور مجلس وزاري مشترك". كما اغتنم الولاة فرصة اللقاء لدعوة "الحكومة فتح حسابات تخصيص للأراضي المعاد تصنيفها، فيما تكون للوالي سلطة استرجاع الأصول الفائضة لدى المؤسسات العمومية طبقا لأحكام المرسوم رقم 159-09، بينما تمنح للولايات أيضا بطاقية حول المشاريع الاقتصادية، كما يسمح أيضا للولاة بمعالجة وضعية الاستثمار خارج الإطار التنظيمي، والتخلي عن مركزية قرارات عدم المطابقة ومنح الرخص الإدارية". وأبرز نقطة وردت في توصيات الورشة الثانية، ما قرأه مقرّرها، والي ولاية تيارت، عبد السلام بن تواتي، بطلب من "الحكومة توحيد وضبط النصوص القانونية قصد إصلاح المالية والجباية المحليتين، من أجل تنمية محلية دائمة، وعدم ازدواجية الضريبة المحلية مع تلك المفروضة مركزيا، على أن يجري على وجه السرعة تثمين الممتلكات المحلية كمصدر لتمويل محلي من طرف الجماعات المحلية". ويعطي الولاة، عبر هذه التوصيات، الانطباع بأن دورهم ليس مواجهة الاحتجاجات على مطالب اجتماعية "مشروعة"، بنصوص قانونية منعدمة أو منقوصة، أو البحث عن مصادر تمويل أخرى تقطع فيها الصلة عن "الخزينة العمومية"، دون منح الولاة سلطة أكبر في تسيير الاستثمارات المحلية التي تتطلب كلها تراخيص مركزية. وزير الداخلية، نور الدين بدوي، ظهر في ثوب "الناصح" وهو يجيب على أسئلة الصحفيين في ندوة صحفية، أمس، عقب ختام لقاء الحكومة - الولاة. فكل إجابات الوزير كانت "عامة" رغم دقة أسئلة الإعلاميين، وفضل بدوي إعطاء "النصيحة" بدل الإجابة "براغماتيا". ورغم أن الظرف الاقتصادي للبلاد يتطلب السرعة في التنفيذ، إلا أن بدوي طغت على إجاباته "لغة التسويف" عن إنجازات جديدة في الأفق دون موعد زمني. وبشأن مراجعة قانوني البلدية والولاية، أوضح بدوي بأن "التوصيات عن اجتماع الحكومة - الولاة ستأخذ بعين الاعتبار، من أجل إعطاء وجه آخر لدور المنتخب المحلي، الذي سيتمكن في التعديلات القادمة حتى من إمكانية الاقتراض من البنوك لتمويل المشاريع". أما بخصوص الانتخابات التشريعية المقبلة، قال بدوي إن "الضامن الوحيد في نزاهة وشفافية الانتخابات تتوفر في تعديل الدستور الأخير، ومنها الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، والشركاء السياسيون (هكذا فضّل تسمية المعارضة) يعرفون طبيعة قواعد اللعبة، وهم يحضّرون أنفسهم من منطلق نقائص، لكننا سنعمل على تجسيد كل القيم بخصوص ضمان السير الحسن للعملية الانتخابية طبقا لتعليمات الرئيس". كما دعا بدوي المعارضة إلى "احترام المواعيد الدستورية بخصوص العملية الانتخابية، فالكثير يحاول تعطيلنا بعدم إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، رغم أنه يوجد 80 إجراء قانونيا يمر أسبوعيا على الحكومة، بهدف توفير أجواء جيدة للتشريعيات المقبلة، وعلى هذا الأساس شركاؤنا السياسيون يقومون بدورهم كاملا، أما مهمتنا فهي تطبيق القوانين التي حضّرت لهذا الموعد، ووضع كل الميكانيزمات اللازمة أمام تصرف الهيئة العليا المستقلة". وأفاد بدوي بأنه "مع نهاية السنة الجارية ستكون الهيئة المستقلة جاهزة لمباشرة عملها، وللعلم هي هيئة دائمة ولا تنتهي مهامها بانتهاء الانتخابات، وهي أيضا هيئة مستقلة حتى من جانب التمويل، ودور وزارة الداخلية توفير الظروف المادية الملائمة فقط". في موضع آخر، كشف بدوي عن "عودة 200 منتخب ممن تحصلوا على براءة في قضايا قضائية، إلى مناصب عملهم، وبهذا الخصوص، قانون البلدية سيأتي بتدبير جديد ينص على أنه لا يمكن توقيف أي منتخب محلي عن العمل، حتى يتحصل على الحكم النهائي في القضية المتابع فيها قضائيا".