أثارت المشاريع الفلاحية المعلنة بشراكة جزائرية أمريكية في مناطق أدرار والبيض، جدلا من حيث مدى جدواها وإمكانيتها في التأثير على سياسات إحلال الواردات، زيادة على آثارها البيئية وإمكانية دخول عبرها لتقنيات المواد المعدلة جينيا أو وراثيا بكل محاذيرها، حيث تستخدم المشاريع تقنيات الزراعة المكثفة، على غرار ما شهدته ولاية كاليفورنيا الأمريكية. إلا أن الوجه الآخر من الجدل، كشف أيضا عن خلفيات رهان على سوق جزائري يعد من بين أهم المستهلكين في المنطقة لمواد الحبوب والحليب والمواد الاستهلاكية. البيض وأدرار تحتضنان مشاريع جزائرية أمريكية في القطاع الفلاحي
شرع في تجسيد المشروع الأمريكي الجزائري الأول في أكتوبر 2016، على أساس اتفاق شراكة جزائر أمريكي يخص تربية الأبقار الحلوب وإنتاج الحبوب والأعلاف في ولاية البيض بسهل ضاية البقرة (بلدية بريزينة)، على مساحة إجمالية قوامها 150.000 هكتار تم تسخيرها أمام الامتياز الفلاحي لفائدة 43 مستثمرا، بمعية المجموعة الأمريكية الدولية للفلاحة.
ويعتبر هذا المشروع الأول من نوعه بين مجمع أمريكي متخصص في تربية المواشي وزراعة الحبوب، والمجمع الخاص الجزائري (لعشب)، بحسب ما أكده شيخون في تصريح للإذاعة الوطنية.
وتتربع هذه المستثمرة على مساحة 25.000 هكتار، منها 5.000 هكتار موجهة لتربية الأبقار الحلوب، كما ستنتج أيضا القمح الصلب والشعير والعلف والبطاطا، زيادة على تسليج الذرة على مساحة إجمالية تقدر ب 20.000 هكتار، وستسمح هذه المساحة بالزراعة لمرتين وسيتم الحصاد الأول في ماي 2017.
وشرع المشروع الذي أقيم حسب قاعدة 51/49 بغرس مساحة قدرها 1.440 هكتار في 2017، قبل أن ترتفع تدريجيا إلى غاية استغلال كل المساحة الإجمالية في آفاق 2019.
ويرتقب أن يتم خلال الحصاد الأول في ماي إنتاج 7.200 طن من القمح الصلب، و7.600 طن من العلف، و7.700 طن من الشعير و17.800 من الذرة المسلوجة و24.200 طن من البطاطا.
وستنتج المستثمرة لاحقا 72.000 طن من القمح الصلب سنويا، و76.000 طن من العلف، و77.000 طن من الشعير، و350.000 طن من الذرة المسلوجة وما معدله 60 طنا في الهكتار من البطاطا، أي ما يعادل إنتاجا سنويا قدره 485.000 طن، فإن المستثمرة الضخمة تضم 20.000 بقرة في آفاق 2019.
ويساهم المشروع في إنشاء 1500 منصب عمل مباشر. أما المشروع الثاني، فهو عبارة عن اتفاق شراكة بين مجموعة "تيفرالي" والمجموعة الأمريكية الدولية للفلاحة، بقيمة استثمارية تقارب 300 مليون دولار لإقامة مشروع فلاحي بولاية أدرار على مساحة 25 ألف هكتار، بقاعدة 51 و49 في المائة، تتضمن مشروع إنتاج حليب ب190 مليون لتر في السنة ولحوم ب20 ألف طن سنويا، زيادة على 22 ألف طن من الحبوب، و105 ألف أعلاف.
ويضم المجمع الأمريكي ست شركات متخصصة، منها مجموعات تنشط بولايات ايداهو وكاليفورنيا، تأسست بفرجينيا وانضمت إلى برنامج "الحواضن"، ويتعلق الأمر بتحالف بين إدارة الأعمال الصغرى التي تشرف على المؤسسات الصغيرة والمصغرة والمتوسطة، وجامعة جورج ماسون وعدد من الشركاء الاقتصاديين.
تأسست المجموعة بمعية خبراء في المجال الفلاحي، منها الرئيس تيد اياش وديرك باركنسون، الذي يصنف ضمن أهم منتجي البذور الخاصة بالبطاطا في ولاية ايداهو.
وتعمل المجموعة الأمريكية على شكل مجمع يتشكل من مؤسسات متخصصة، منها "فالي" في مجال الري وجوديري في مجال الجرارات والآليات الفلاحية و"سوبدنيك" في مجال إنتاج البطاطا و"أس دابليو للبذور" في مجال الحبوب والأعلاف، و"بوماتيك" في مجال إنتاج الحليب و"وايد سيريوس" في مجال جينات الأبقار الحلوب، وتساهم العديد من هذه الشركات في مشروع البيض.
وولدت المشاريع الأمريكية مخاوف، منها إمكانية إدخال تقنيات "المواد المعدلة جينيا" المستخدمة في الولاياتالمتحدة، إلا أن مثل هذه التقنيات، حسب الخبراء المطلعين على المشاريع الجزائرية، تستخدم عادة في مشاريع مضاعفة الإنتاج بصورة كبيرة جدا، وهو غير مطروح في المشاريع الجزائرية، والأمر نفسه بالنسبة للموارد المائية، حيث تبقى التقنيات المستخدمة، مثل التقطير والرش المحوري، كفيلة بضمان ترشيد استهلاك المياه، علاوة على إمكانية إعادة الرسكلة.
زيادة على ذلك، استفاد المجمع الجزائري - الأمريكي من رخص لحفر ثلاثة (3) آبار ارتوازية عميقة، تضاف إلى موارد سد لروية بقدرة 132 مليون متر مكعب، علما بأن المشروع بحاجة إلى موارد بحوالي 20 مليون متر مكعب.
وقد قام الخبراء الأمريكيون بأخذ عينات من التربة والأرضيات الخاصة بالمشاريع ومعالجتها، لمراعاة طبيعة الأرض التي تماثل في جوانب منها تلك المستغلة في مناطق كاليفورنيا، وهو ما يجعل المشروع قابلا للتطبيق عمليا في انتظار التجسيد الفعلي لأولى المحاصيل، علما بأن معدل إنتاج البقرة الحلوب في الولاياتالمتحدة يقدر ب32 لترا يوميا، ومعدل إنتاج البذور للبطاطا 50 طنا في الهكتار في الموسم، وعليه، تطرح أسئلة حول الدوافع التي تجعل مثل هذه المشاريع تثير جدلا كبيرا ومخاوف حتى قبل بداية تجسيدها.