❊ لا يحتاج الملاحظ الفطن إلى كبير عناء ليعرف أن ما يجري في سوناطراك هو صراع عصب، بخلفية سياسية تديرها مصالح جهوية وزبائنية! أولا: الأمر يتعلق بصراع عصب سياسية جهوية للسيطرة على منابع الثروة في الجزائر وهي البترول... المصدر الوحيد للثروة والثراء في الجزائر. ولهذا، فإن تداول أكثر من 5 مديرين على سوناطراك في ظرف 15 سنة، يعكس صعوبة التحكم في إدارة هذه الشركة، وهي قلب الصراع العصبي الجهوي المغلف بالسياسة. فقد وصل الحال بأن تولى وزير الطاقة نفسه، شكيب خليل، إدارة هذه الشركة إلى جانب إدارة وزارة الطاقة! وكأن الأمر يتعلق بالصراع حول اسم المدير الذي يعيّن على رأس سوناطراك! فالأمر يتعلق بصفقات خيالية عقدت خارج الشفافية بعد نزع حتى قانون الإشهار عن الصفقات في الجرائد، وتم إبطال مفعول هذا القانون بتعليمة من الوزير شكيب! ولا أحد سأله عما يفعل. لكن شكيب تقدم خطوة أخرى وهي أنه صادر عملية تدفق المعلومات عن التسيير لفائدة (D.R.S)، ونشبت معركة بين الوزير شكيب وضابط (DRS) العقيد عز الدين، إلى حد أن شكيب قال لهذا الضابط ساخرا: أنت هنا في الوزارة تضمن أمن “البارك” الذي أركن فيه سيارتي وليس لمراقبة ما أقوم به في الوزارة! وكان هذا جوابا عما قاله العقيد للوزير شكيب، عندما قال له: لابد من مساعدتي على إشاعة الثقافة الأمنية في قطاع المحروقات؟! وقتها كانت الأخبار تتحدث عن صفقات سمسرة تتم في أعالي البحار بين سوناطراك وشركات أجنبية. وكان شكيب يتحدث عن خوصصة سوناطراك لتسليط الضوء على هذه العمليات المشبوهة... فكان قانون المحروقات الذي جمّد فيما بعد. ثانيا: الصعوبة التي واجهتها الرئاسة في تعيين المسؤول الأول عن سوناطراك، تفسر لنا عدم الاستقرار الذي عرفته الشركة... فقد أصبحت السياسة والصراعات السياسية بين الزمر هي التي تحدد من يتولى سوناطراك وليس الكفاءة والقدرة على التسيير! وهذه القضية تطرح مسألة حيوية، هي ضرورة إعادة النظر في الأساليب التي يتم بها تعيين المسؤولين في المناصب الحساسة. فإذا كان الأمر لا يشكل خطورة عندما يتعلق ببعض الوزارات، فإنه بالغ الخطورة عندما يتعلق بشركة مثل شركة سوناطراك! فالرئيس الذي عيّن 5 مديرين طوال 15 سنة، لابد أن يدرك بأن الطريقة التي يعيّن بها المسؤولين هي التي يجب أن تُغيّر وليس المسؤولين! كما أن الأجهزة التي تقترح عليه هؤلاء المديرين هي التي يجب أن يعاد فيها النظر. هذا هو لب المشكل، أما حكاية صراع (DRS) مع شكيب وأتباعه، فهي في النهاية مجرد الجزء الظاهر من جبل الثلج الذي يغطي المشكل الرئيسي في البلاد، وهو مسألة الكفاءة والشرعية في تولي المناصب في الدولة... سواء تعلق الأمر بالمناصب السياسية الحساسة أو المناصب التنفيذية الحساسة.. هذا هو لب المشكل، أما ما عداه فهو عملية إلهاء. [email protected]