أمرت وزارة الصحة في تعليمتين موجهتين لوزارة التربية، من جهة، والمؤسسات الصحية العمومية من جهة أخرى، باتخاذ إجراءات استثنائية لفائدة الأطفال مرضى الهيموفيليا، بعد أن تم إحصاء حوالي 1850 حالة حادة، تتطلب المتابعة الدورية وبانتظام، مع التشجيع على العلاج المنزلي لتجنب مضاعفات هذا المرض التي كثيرا ما تؤدي للإعاقة أو الوفاة. نجحت الجزائر، خلال العشر سنوات الأخيرة، في التقليل من الوفيات المرتبطة بمرض تخثر الدم "الهيموفيليا"، بعد قرارها اعتماد بروتوكول علاجي يتضمن حقن عوامل التخثير "بروكسيلاكسي". وتوصي مصالح الوقاية على مستوى الوزارة، بالشروع في إخضاع المرضى في سن الثانية، بهدف تجنيبهم مع مرور السنوات، الإصابة بالتهاب المفاصل الذي غالبا ما يؤدي في حال تكرر النزيف الدموي، سواء ظاهري أو باطني، إلى تلف الغضروف والإعاقة. وقالت البروفيسور بركوك، أخصائية في أمراض الدم في مستشفى بني مسوس بالعاصمة، خلال دورة تكوينية نظمتها وزارة الصحة، مؤخرا، لفائدة الصحفيين، بالتنسيق مع مخابر "نوفو نورديسك" للتعريف بالمرض وتشريحه، قالت إن الجزائر تبنت علاجا وقائيا يجنّب المرضى، خاصة الأطفال، النزيف الحاد المتكرر وما ينجم عنه من مشاكل صحية تصيب المفاصل أو العضلات، وتخلّف نزيفا مفصليا أو عضليا، قبل أن تنتقل إلى الغضروف وتتسبب في تلفه، وبالتالي العجز الكلي عن المشي. وشددت المتحدثة ذاتها على أنه لا يوجد أي علاج خاص بمرض تخثر الدم، بل كل التدخلات التي يخضع لها المرضى تدخل في إطار وقايتهم من الأخطار التي كانت قبل حوالي 30 سنة، تحصد أرواح آلاف المرضى، حيث تشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد الوفيات كان يتجاوز 60 بالمائة وقتها. وفي هذا الإطار بالذات، أقرت وزارة الصحة بروتوكول علاج، منذ حوالي عشر سنوات، بعد أن قام فريق متخصص على مستوى مستشفى بني مسوس بالعاصمة، كونه مؤسسة استشفائية مرجعية، بتجريب بروتوكول ب "جرعات مخففة"، وقد اتضح بعد التجارب بأنه الأنسب للمرضى الجزائريين، وتم فعليا، تضيف المتحدثة ذاتها، تبني العلاج، وهو اليوم متداول على مستوى جميع المستشفيات والمؤسسات الصحية عبر الوطن، ويتعلق الأمر بإخضاع المرضى للحقن بجرعات "عوامل تخثير الدم" لتجنب النزيف، مرتين أسبوعيا، بشكل دوري ومنتظم مدى الحياة، وهو العلاج الذي ينصح بالشروع فيه في سن مبكرة لا تتجاوز السنتين للمصابين بالهيموفيليا الحادة، بعد أن يتم تكوين ملف طبي للمريض يتضمن بطاقة خاصة بأهم المعلومات، لاسيما نوع الهيموفيليا التي يعانونها، باعتبار أن المرض ينقسم إلى نوعين، وكذا مختلف التوجيهات التي لا بد من التقيد بها للتدخل في حالة النزيف الحاد، لحماية المصاب، خاصة الأطفال، أهمها تشجيعهم على التمدرس، لأن مرضى تخثر الدم لا يمكنهم مستقبلا العمل في مجالات شاقة تتطلب جهدا. وهنا بالذات، أقرت وزارة الصحة إجراءات استثنائية لفائدة التلاميذ، تشدد على ضرورة مراقبتهم، خاصة أثناء فترة الاستراحة، بعدم السماح لهم بالركض وبذل جهد.. وأكثر من ذلك، العمل على عدم تعرضهم للتدافع مع زملائهم، لأن مجرد سقوطهم أرضا قد يسبب لهم نزيفا حادا يتطلب نقلهم إلى المستشفى بشكل استعجالي. وهي الإجراءات نفسها الخاصة التي وجهتها مصلحة الوقاية على مستوى الوزارة، للمؤسسات الصحية العمومية، لمراقبة عمليات تلقيح الأطفال المصابين بهذا المرض، من خلال السهر على حقنهم داخل الوريد. من جهة أخرى، أمرت الوزارة بإخضاع جميع عمليات الختان وقلع الضرس، لتحاليل خاصة كشرط أساسي، على أن تتم العملية في حضور فريق طبي تحسبا لأي طارئ.