حجز محققو الدرك الوطني، يوم الأحد 7 ماي الماضي، كل الوثائق المحاسبية المتعلقة بفوترة عمليات استيراد الحبوب عبر ميناء وهران لسنوات 2014، 2015 و2016، في إطار التحقيق المفتوح في قضايا "تهريب العملات الصعبة إلى الخارج" ومسائل أخرى تتعلق ب"التدليس"، سببت خسائر كبيرة لخزينة الدولة. وكانت "الخبر" قد تناولت في عدد 8 جانفي 2015 القضية التي تحقق فيها مصالح الدرك الوطني هذه الأيام، والمتعلقة بالتلاعبات التي كانت حاصلة في عمليات تفريغ حمولات تسع بواخر مستأجرة من طرف الديوان الوطني المهني للحبوب، مكثت في عرض البحر لمدة فاقت شهرين تنتظر التفريغ، واستفاد في الفترة نفسها مستوردون خواص لمختلف السلع من "أفضلية" إدخال بواخرهم، ومنها ما رسا في رصيف "هامبورغ" المخصص للحاويات أو رصيف "كاديكس" المغلق والقريب من محطة المسافرين. وبررت إدارة ميناء وهران حينها ذلك التأخير في إدخال بواخر الديوان المهني للحبوب بالأشغال التي كانت جارية في ميناء وهران، إلا أنه مباشرة بعد صدور المقال تنقلت لجنة تحقيق من وزارة النقل إلى وهران وأمرت بإعطاء الأولوية لبواخر الديوان في ميدان تفريغ حمولاتها. لكن يبدو أن الأمر استمر ويستمر، ما جعل مصالح الدرك الوطني تتحرك وتفتح تحقيقا في كل عمليات استيراد الحبوب من طرف الديوان المهني للحبوب وكذا الشركات الخاصة، خاصة بعد أن تأكد أن أموالا كبيرة بالعملة الصعبة كانت تدفع لشركات الشحن البحري جراء تأخر بواخرها خارج الميناء، حيث احتل ميناء وهران سنة 2014 المرتبة الثانية في ميدان تسديد تكاليف التأخر "سوريستاري" بعد ميناء العاصمة، بمبلغ 250 مليون دولار أمريكي. وبقي هذا الملف يراوح مكانه منذ بداية سنة 2016، عندما فتحت مصالح الدرك الوطني تحقيقا رسميا بأمر من نيابة محكمة وهران، حيث استمع المحققون إلى إدارة ميناء وهران، بعد أن تقدم السيد تونسي نور الدين، الإطار في هذه المؤسسة، بتبليغ إلى الدرك حول "التعاملات المشبوهة التي كانت تحصل في هذه المؤسسة التجارية"، لكن الأمور تطورت في الاتجاه المعاكس، عندما قررت إدارة الميناء فصل هذا الأخير عن عمله وهو في عطلة سنوية، ثم تابعته بتهم القذف. وفي 3 ماي الماضي، استدعت فصيلة الأبحاث للدرك الوطني هذا الإطار المفصول، في إطار الملف رقم 3305 – 2016 الذي يخص موضوع استيراد الحبوب، واستمعت إليه بحكم كونه تقدم ببلاغ رسمي لفتح تحقيق في 2 ماي 2016. وقبلها في 27 أفريل 2017 الماضي، استدعى الدرك المدير العام لمؤسسة ميناء وهران لمعرفة إن كان سيتأسس كطرف مدني في القضية، إلا أنه بعد أن استشار مسؤوليه في وزارة النقل أبلغ مصالح الدرك الوطني بأنه لن يتأسس كطرف مدني. وعلمت "الخبر" أن محققي الدرك استمعوا إلى إطارات "قبطانية" ميناء وهران لتحديد الجهات التي كانت توجه لهم الأوامر فيما يخص إدخال السفن للتفريغ، خاصة بعد "قضية شركة رونو الجزائر" التي قررت نقل البواخر التي تنقل عليها قطع السيارات من ميناء وهران إلى ميناء أرزيو، منذ السنة الماضية، بسبب تأخير إدخالها للتفريغ. وكان المدير العام لميناء وهران قد رد حينها على مراسلة لمدير شركة "رونو" أنه "عليه أن يتفاوض مع نقابة الميناء لإيجاد حل لمشكل تأخر دخول بواخره". وقبلها أيضا، دفعت الخزينة العمومية مبلغ 200 ألف دولار لشركة شحن أجنبية استقدمت سنة 2014 معدات موجهة لمؤسسة "سونلغاز"، تأخر تفريغها مدة طويلة. من جهة أخرى، كانت المفتشية العامة للمالية قد أوفدت، سنة 2016، لجنة تحقيق إلى ميناء وهران فيما يخص "قضية تهرب ضريبي كبير"، لكن لا أحد يعلم مآل ذلك التحقيق.