تعيش العديد من الولايات عبر الوطن أزمة مياه حادة تتفاقم مع موسم الحر، رغم الموارد المائية المعتبرة التي تزخر بها البلاد، ما أدى إلى خروج السكان في بعض الولايات والاحتجاج من أجل توفير هذه المادة التي يزداد الطلب عليها صيفا. ففي ولاية بومرداس لاتزال عدة بلديات تشهد احتجاجات من غلق للطرقات ووكالات المؤسسة الوصية، للتنديد بحالة العطش غير المسبوقة التي تضرب الولاية. وعن المشكل في برج منايل، يقول السكان إنها "أزمة عطش الأعنف" التي تضرب البلدية، حيث لم تزر المياه الحي منذ أزيد من نصف شهر، أضف إلى ذلك أيام العيد، فيما لم تكلف الجهات المسؤولة نفسها إعطاء معلومات أو حتى تخصيص صهاريج لتوفير بعض الماء.
وسبق أن نظم مواطنون من عدة أحياء ببرج منايل حركة احتجاجية قاموا خلالها بغلق وكالة المؤسسة ببرج منايل طيلة يومين متتالين، وهي نفس الخطوة التي أقدم عليها سكان الناصرية أمس الأول. وإن كان هذا أمر البلديتين المتجاورتين، فإن كل بلديات بومرداس تعاني من حالة العطش غير المسبوق، حيث انقطع الماء عن عدة قرى ببلدية اعفير منذ أزيد من 20 يوما؛ في وقت تعاني قرى بلدية راس جنات وبلدية زموري ويسر وسي مصطفى والثنية من تذبذب كبير في التزود بالمياه، شأنها شأن بلديات خميس الخشنة وقورصو واولاد موسى وقدارة وقرى من بلدية بني عمران. يحدث كل هذا رغم الإمكانيات التي تمتلكها الولاية، على غرار سد الحميز وقدارة والمياه الجوفية غير المستغلة.
وفي البليدة، خلفت أزمة الانقطاع والتذبذب في الماء الشروب غضبا بين السكان المحرومين بعدة أحياء شعبية في البليدة، كما أدت إلى ارتفاع أسعار صهاريج بيع الماء إلى سقف ال2500 دينار، بسبب حجم الطلب المتزايد عليها منذ حلول فصل الصيف وانقضاء شهر الصيام، أجبرت بعضا من سكان تلك الأحياء إلى الاحتجاج ومحاصرة مراكز الجزائرية للمياه. أزمة العطش والتذبذب والانقطاع والتسربات تم تسجيلها بشكل واضح في أحياء مايا وكلاريا وكتانغا بمفتاح، وأيضا بأحياء المدارس في ميمش ببوعرفة، وحي 54 مسكنا بوادي جر، وبقلب حي ڤرواو وبوينان بين سكان العمارات في العفرون وقلب مقر الولاية أيضا.
تيزي وزو.. معضلة تنذر بصيف ساخن!
أما في تيزي وزو فيخشى السكان أن يكون صيف هذا العام ساخنا، سواء من حيث الحرارة أو من حيث كمية ماء الشروب الموزعة على سكان ال1500 قرية تضمها ولاية تيزي وزو، بسبب تراجع منسوب مياه سد تاكسابت من جهة والاستغلال الناقص للمنابع المائية المتوفرة بإقليم الولاية، وهو ما من شأنه أن يخرج المواطنين إلى الشارع للمطالبة بحقهم في ماء الشرب دون أن ننسى تبذير بعض المواطنين لهذه المادة الحيوية. ومعلوم أن عدة قرى وبلديات بولاية تيزي وزو تعرف بها عمليات توزيع مياه الشرب، هذه الأيام، تذبذبا وشحا دفع بسكان بعضها للخروج إلى الشارع للتعبير عن غضبهم على الوضعية، على غرار ما حدث أول أمس على مستوى قرية السيخ أمدور ببلدية تيزي وزو، حيث شل هؤلاء حركة المرور بالطريق الوطني رقم 12 في جزئه الشرقي لعاصمة الولاية تيزي وزو، وكذا احتجاج سكان بعض قرى بلدية أزفون على هذه الندرة.
المدية.. عجز ب15 ألف متر مكعب ينفر سكان عاصمة الولاية
وفي المدية تقدر الجزائرية للمياه العجز المسجل في تزويد سكان عاصمة الولاية بماء الشرب ب15 ألف متر مكعب يوميا، يصعب تداركها لعدة عوامل متشابكة ومراوحة العديد من المشاريع التي صعب تجسيدها حتى الساعة مكانها، منها انتهاء صلاحية الشبكة المعتمدة وتقادم تجهيزات الضخ التي تشغل بضعفي طاقاتها أمام تضاعف عدد السكان، زادت من تعقيداتها في الفترة الصيفية كثرة الانكسارات في قنوات شبكة التوزيع جراء الضخ المفرط وحتى الاستخدام العشوائي للمضخات الفردية والجماعية وصعوبة إيصال الماء إلى ما بعد الطابقين السفليين لأغلبية العمارات، خاصة تلك الواقعة بأعالي المدينة. وأمام وضعية كهذه لم تجد لها حلا منذ سنوات، فإنها تبقى عصبا قابل للتوتر في أي لحظة مع اشتداد حرارة الصيف.
أزمة مياه في الشرق رغم توفر الموارد المائية
وفي تبسة أقدم، ظهيرة أمس، سكان حي التجمعات السكانية بحي "عمر بن عبد العزيز" المعروف بدوار الغربة بعاصمة الولاية، على غلق الطريق المزدوج المؤدي إلى مقر الولاية وعدة إدارات أخرى، احتجاجا على أزمة العطش التي تعاني منها المنطقة منذ أكثر من 5 أشهر. وفي رده على هذه الانشغالات، قال المدير العام للجزائرية للمياه ل"الخبر" إنه سيشرع في تصليح القنوات الرئيسية أو الداخلية في الشوارع في الأيام القليلة القادمة. كما تواجه بلديات ڤالمة أزمة عطش حادة، جزء منها سببه تحويل كميات معتبرة من سد بوهمدان إلى سقي المحاصيل الزراعية الموسمية، والجزء الآخر ناتج عن غياب الآبار والسدود، وأكثر من ذلك تضيع كميات معتبرة في الطرقات بسبب التسربات وأخرى من المنابع الطبيعية التي لم تستغل إلى اليوم. أما الطارف ورغم أنها ثاني ولاية وطنيا من حيث الثروة المائية، مازال ثلاثة أرباع من سكانها رهن متاعب أزمة عطش خانقة تزداد حدة مع موسم الحر. ويعيش مواطنو بلدية الڤرارم قوقة بميلة أزمة خانقة بعد التذبذب الكبير الذي عرفته في التزود بمياه الشرب منذ حوالي عشرة أيام، والتي تعود إلى ملء خزان بسعة 2000 متر مكعب انطلاقا من الخزان الرئيسي بالبلدية، ما أثر سلبا على عملية تموين سكان البلدية الذين يتجاوز عددهم 20 ألف نسمة. وفي بسكرة تحولت مدينة سيدي خالد إلى بؤرة للاحتجاج، ففي كل يوم يخرج سكان حي ما بالعشرات إلى الشارع لقطع الطريق بسبب أزمة الماء التي تطرح منذ سنوات، دون أن تجد حلا جذريا ينهي معاناة هؤلاء