جاءت أرقام محافظ بنك الجزائر، محمد لوكال، لتؤكد مرة أخرى، فشل الحكومة في احتواء ظاهرة الأسواق الموازية واسترجاع الأموال المتداولة على مستواها لتوظيفها في البنوك الوطنية، وأكثر من ذلك جهلها القيمة الحقيقية للأموال المتداولة فعليا خارج القنوات الرسمية والمكتنزة لدى الأشخاص. ومازالت الأرقام المقدمة من طرف العديد من المسؤولين تتضارب وتتباين، انطلاقا من الوزير الأول الأسبق، عبد المالك سلال، الذي تكلم عن 3500 مليار دينار، ليأتي بعده أحمد أويحيى ويخفض الرقم إلى 2700 مليار دينار، ثم يعود محافظ بنك الجزائر محمد لوكال، أول أمس، ليقدم رقما آخر ويرفع الأموال المتداولة خارج دائرة البنوك إلى سقف مخيف يقدر ب4780 مليار دينار. ما يمكن الإجماع عليه، أن الحكومات المتعاقبة فشلت في احتواء الأموال المتداولة خارج البنوك والموظفة في نشاطات أغلبها "مشبوهة" أو "غير قابلة للمراقبة"، سواء أكان ذلك في سنوات البحبوحة أو حتى التقشف، حيث تعود الحكومة للحديث عنها بقوة، بالنظر إلى الحاجة الملحة لتوظيفها في الاقتصاد الوطني، لاسيما بعد انهيار أسعار البرميل إلى مستوى يقل عن 60 دولارا للبرميل. وفي ظل غياب أرقام حقيقية، يبقى المؤكد أن أموال أصحاب "الشكارة" قد بلغت 2500 مليار دينار. وقال مسؤول من وزارة المالية، في تصريح ل"الخبر"، إن الإجراءات والتدابير المقننة التي وضعتها الحكومات المتتالية فشلت في معالجة ظاهرة امتصاص أموال الأسواق الموازية، وذلك منذ أكثر من 15 سنة، مرجعا ذلك إلى محدودية فعالية الأدوات التي وضعت للتقليص من الكتلة النقدية المتداولة خارج البنوك الوطنية، انطلاقا من اعتماد مزايا جبائية بمعدل امتثال ضريبي قدر ب7 بالمائة، إلى تقنين استخدام المنتجات المصرفية الإسلامية. وأوضح المسؤول نفسه أن أرقام محافظ بنك الجزائر هي الأقرب للواقع، رغم أنها تبقى لا تعكس حقيقة السوق الموازي، بحكم أنه المسؤول عن طبع الأوراق النقدية وإحصاء الكتل النقدية خارج التداول الرسمي للتحكم في التضخم. على صعيد آخر، أكد المصدر ذاته أن احتياطي الصرف الذي انخفض إلى 97,3 مليار دولار يبقى عند مستوى غير مقلق، شرط أن تعمل الجزائر على تجديد جزئي لهذا المخزون. وحسب المتحدث، فإن احتياطي الصرف لنهاية سنة 2017 مازال يغطي أكثر من سنتين من الواردات، وهو معيار معتبر معمول به في بعض الدول مثل المغرب ومصر. وبخصوص التمويل غير التقليدي الذي اعتمدته الحكومة، قال لوكال إن انعكاساته لن تظهر قبل تسعة أشهر من العمل به. وكان محافظ بنك الجزائر، في مداخلته الإثنين الماضي أمام نواب البرلمان، قد حاول الدفاع عن خيار الحكومة الخاص بالتمويل غير التقليدي، مبينا أنه لم يؤثر على معدل التضخم الذي تراجع إلى 5,6 بالمائة نهاية السنة الماضية، إلى جانب مساهمته في إنعاش البنوك الوطنية برفع سيولتها إلى 1400 مليار دينار.