أكرم الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بشهر رمضان المبارك، وخصّه بفتح أبواب الرّحمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “إذا كان رمضان فتحت أبواب الرّحمة، وغلّقت أبواب جهنّم، وسلسلت الشّياطين”، رواه مسلم. وإنّ من أعظم أبواب الرّحمة في شهر رمضان، الصّيام، فصوم رمضان ركن من أركان الإسلام الخمسة، فقد فرض الله صوم رمضان في كتابه العزيز فقال عزّ وجلّ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُم الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، وبشَّر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الصّائمين فقال يروي عن ربّه عزّ وجلّ في الحديث القدسي: “قال الله عزّ وجلّ: كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصّيام فإنّه لي وأنا أُجْزي به. والصّيام جُنّة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إنّي صائم. والّذي نفس محمّد بيده لخَلوف فم الصّائم أطيب عند الله من ريح المسك. للصّائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربّه فرح بصومه”، متفق عليه. ولا شك أنّ شهر رمضان موسم رحمة يرحم الله به أمّة الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، فمن رحمات الله تعالى بالنّاس في شهر رمضان أن تفضّل سبحانه وتعالى علينا بأنّ مَن صام رمضان إيمانًا به واحتسابًا له غفر الله تعالى له ما تقدّم من ذنوبه جميعًا، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه” متّفق عليه. ومن صور الرّحمة في شهر رمضان، الصّدقات، فقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جوادًا كريمًا وكان أجود ما يكون في رمضان أي: يزداد جودًا إلى جود، وكرمًا إلى كرم، وعطاءً إلى عطاء، وسخاءً إلى سخاء، وكان صلّى الله عليه وسلّم يُعطي عطاء مَن لا يخشى الفقر. وإنّ من صور الرّحمة في رمضان، القيام، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه” متفق عليه، فالقيام في رمضان من الشّعائر العظيمة الّتي سنّها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقوله وفعله ورغّب فيها أيضًا. عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: “مَن قام مع الإمام حتّى ينصرف كُتِب له قيام ليلته”، فينبغي الحرص عليها، والاعتناء بها، رغبة في الخير وطلبًا للأجر، فيُصلي المرء مع الإمام حتّى ينصرف، ليحصل له أجر قيام ليلة. ومن أبواب الرّحمة في شهر رمضان، القرآن الّذي أنزل في شهر رمضان، يقول الله سبحانه وتعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان}. وكذلك الدُّعاء، قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قُرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَان فَاسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون} البقرة:186. وأيضًا الصّبر، لأنّ رمضان شهر الصّبر وفيه يتربّى المسلم على الصّبر بتركه للطّعام والشّراب والشّهوة الحلال نهارًا، ويتربّى المسلم على الصبر في مجاهدته لنفسه في القيام في صلاتي التّراويح والتهجّد، بل إنّ الصّائم يسمو بنفسه وبصيامه ليصبر على من يخطئ عليه، قال عليه الصّلاة والسّلام: “فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إنّي صائم”.