يضغط وزراء ويتدخلون لتحويل أسئلة نواب المجلس الشعبي الوطني من شفوية إلى كتابية، عندما يتعلق الأمر ب”موضوع حسّاس” لدى الوزير يتم تناوله بسؤال محرّج، أو يخص وزيرا “فوق العادة” يرفض النزول إلى قبة البرلمان. ويتحرّك نواب من أجل إسقاط هذه “القاعدة” التي تمّ تكريسها ضمن مادة في مشروع النظام الداخلي للغرفة السفلى. تشير المادة 115 من مشروع النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني، بأنه “طبقا لأحكام المادة 71 من القانون العضوي رقم 12-16، يمكن تحويل السؤال الشفوي إلى كتابي بمبادرة من صاحبه أو باقتراح من مكتب المجلس، كما يمكن صاحب السؤال سحب سؤاله. وفي كل الحالات يجب أن يتم ذلك قبل اليوم المحدد لطرح السؤال الشفوي ب24 ساعة على الأقل”. هذه المادة التي أغضبت كثيرا النواب خصوصا من المعارضة، تعتبر من الدوافع التي تأجل بسببها مناقشة مشروع النظام الداخلي أكثر من مرة، على أساس أنها لقيت اعتراضا من النواب وطلبوا من مكتب المجلس سحبها كونّها تمس بحرية “ممثل الشعب” وتقتل روح المبادرة في السؤال الذي عند تحويله من كتابي إلى شفوي يسقط إدلاء عضو الحكومة بالحقيقة كاملة، فيجيب بالطريقة التي ترضيه ويكتب ما يشاء. وفي حصيلة للأسئلة الشفوية المحولة إلى الحكومة، كثرت في العهدة البرلمانية الماضية في عهد محمد العربي ولد خليفة، كما الحالية في عهد السعيد بوحجّة ظاهرة تحويل الأسئلة من كتابية إلى شفوية. فخلال دورة 2017-2018، تم تحويل سؤال للنائب عن التجمع الوطني الديمقراطي أميرة سليم إلى كتابي بتاريخ 21 نوفمبر 2017، لأنّه تناول معاناة طلبة الجالية الوطنية عند المصادقة على شهاداتها الجامعية. وفي شهر أفريل الماضي، تحول سؤالين شفويين للنائب عن الأرندي أيضا إلى كتابيين، كان موجهين إلى وزير الأشغال العمومية والنقل، الأول بتاريخ 6 فيفري 2018 يخص وضعية مشروع مطار المعلبة والخطط المستقبلية بخصوصه بولاية الجلفة، ورد عليه الوزير في 16 أفريل الماضي، والسؤال الثاني حوّل بتاريخ 22 مارس 2018 ولم يتلق النائب بشأنه جوابا لحد الآن والمتعلق بوضعية مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 01 ومدى تقدم الأشغال به. سؤال آخر لنائب عن حركة مجتمع السلم، فاطمة سعدي، وجّهته إلى وزير العمل حول قرار حذف بعض الأدوية من قائمة الأدوية التي يتم تعويضها، لكن السؤال تحوّل إلى كتابي في 18 مارس 2018 وأجاب عنه عضو الحكومة بتاريخ 5 أفريل 2018، وأبلغ به مكتب المجلس النائب. وتكثر الأسئلة الشفوية المحوّلة إلى كتابية، تلك الموجهة إلى الوزير الأول، فخلال دورة 2016-2017، جرى تحويل سؤال توجهت به النائب حفصة خالدي كان يتعلق بفصل المدارس الابتدائية ماديا عن الجماعات المحلية، فشاء الوزير الأول آنذاك، عبد المالك سلال أن يجيب عنه كتابيا. مثلما فعلت نفس الشيء خلال نفس الفترة، وزيرة التضامن سابقا مونية مسلم التي تغيّر لأجلها سؤال محرج يخص استبدال قفة رمضان بشيك أو صك بريدي. سؤال شفوي آخر وجّه إلى الوزير الأول بتاريخ 8 نوفمبر 2016 حول إعادة النظر في قيمة الدعم الممنوح للكهرباء في المناطق الجنوبية تحول إلى كتابي. وسؤال لقي نفس المصير وجه إلى وزير التجارة عن الفوضى التي يعرفها قطاع التجارة بولاية إليزي، فلم يشأ وزير التجارة في العهدة الماضية النزول إلى البرلمان للإجابة عنه شفويا. وبخصوص هذه الظاهرة، أفاد رئيس المجموعة البرلمانية لاتحاد النهضة والعدالة والبناء، الأخضر بن خلاف، ل”الخبر”، بأنّ “تحويل الأسئلة الشفوية إلى كتابية إجراء موجود في النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني منذ 2000، ويتم توجيه الاقتراح إلى النائب صاحب السؤال لتغيير السؤال الذي عادة ما يكون محرجا أو موجها إلى وزير يرفض النزول إلى البرلمان، بتواطؤ من مكتب المجلس مع الوزير الذي يعتبر نفسه وزيرا فوق العادة، على غرار الخارجية والدفاع، وحتى وزراء عاديون مثل وزير الصحة سابقا عبد العزيز زياري”. وقال بن خلاف بأن “السؤال يحوّل عندما يجد فيه مكتب المجلس أو الوزير المعني به، أنه يتضمن حقيقة مرّة عن واقعة معينة لا يمكن أن ينزل بشأنها الوزير إلى البرلمان ومقابلة النواب”، مشيرا إلى “أنّني تعرّضت إلى هذا الإجراء في العهدة الماضية، لما وجهت سؤالا شفويا إلى وزير العدل حول ظهور شكيب خليل لأول مرة في احتفالية ذكرى نوفمبر في السفارة الجزائرية في واشنطن، مما اضطر مكتب المجلس إلى تحويله إلى كتابي لعدم إحراج وزير العدل”. وذكر بن خلاف أن “التحويل تم بناء على تعليمة سابقة صدرت في عهد عبد القادر بن صالح، وطلبوا منّي إعادة النظر في السؤال، لكنّني تمسكت به ولم يتم الإجابة عنه لحد الآن، فطلب تحويل السؤال يكون غالبا بهدف دفن السؤال، لأن الرسالة التي تصل إلى النائب ظاهرها اقتراح لكنها في حقيقة الأمر قرار صادر عن مكتب المجلس لتحويل السؤال”، مضيفا أن هذه “الطرق الرسمية تتم بالموازاة مع الطرق الملتوية بواسطة اتصالات مباشرة بين الوزير ورئيس المجلس الشعبي الوطني”.