لم تكن كتابة صفحة جديدة من صفحات نهائيات كأس العالم أمريكيا خلال شهر جوان من سنة 2018 بنيل الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومعها كندا والمكسيك شرف تنظيم أول نسخة للمونديال ب48 منتخبا بدلا من 32 خلال 2026، إنما أراد التاريخ في نفس الشهر والسنة أن يخلّد اسم "البلد الغريم" روسيا لدخول تاريخ اللّعبة بجعل نسختها الحالية الأولى التي تجري بتقنية الفيديو. منذ أن اختارت الاتحادية الدولية لكرة القدم وضع حدّ نهائي للأخطاء التقديرية للحكّام داخل مربع العمليات خلال نهائيات كأس العالم، باعتماد تقنية الفيديو بصفة رسمية، تكون قد جعلت من طبعة روسيا موعدا تاريخيا، وقد بدأت التقنية تعطي ثمارها مبكرا في أولى مباريات الافتتاح لبعض المجموعات، حين سمحت للحكام بالاستفادة من "حق" التدارك وتفادي الأخطاء التقديرية التي طالما وضعتهم في حرج وتحت الضغط، بعدما كانت "الفيفا" قبل ترسيم التقنية، تحت الضغط أيضا أمام مؤيد ومعارض للفكرة، لاختلاف الآراء حول تداعيات "التمادي" في جعل الكرة الساحرة مقننة "أكثر من اللزوم بما يقضي على روح اللعبة المبني أساسا على الأخطاء لدعاة التخلي عن الفكرة، وحول مخلفات "الإبقاء" على هضم حقوق المنتخبات بسبب الأخطاء التي يجب أن تعرف طريق النهاية للمدافعين عنها. ويرى المدير الفني الوطني السابق، توفيق قريشي، بأن تقنية الفيديو لا تقتل روح اللعبة، مبرزا في تصريح ل"الخبر" أمس بأن "الفيفا" أحسن الاختيار، مشيرا "هناك حراس مرمى ولاعبون تعمدوا إهدار الوقت بمختلف الطرق، واضطر الحكام، بسبب تحايل اللاعبين، إلى توقيف المباريات في مناسبات كثيرة دون جدوى، وبالتالي، فإن توقيف المباراة مؤقتا من أجل مراجعة اللقطات عن طريق الفيديو لن يكون أكثر ضررا من توقيف المباراة بسبب حراس المرمى أو اللاعبين"، مضيفا "الفيديو يسمح بتصحيح الأخطاء ويضمن أيضا نتيجة نزيهة للمباريات بشكل لا تُظلم فيه المنتخبات". مؤشرات أول مونديال "تحت المراقبة" لم يكن سلبيا وقد بدّدت عملية المراجعة عن طريق الفيديو المخاوف التي سبقت الموعد، خاصة في ظل ارتكاب بعض الحكام أخطاء تقديرية حتى بعد المراجعة خلال عملية "تجريب" التقنية قبل المونديال في بعض البطولات، على غرار ما حدث في نهائي الكأس بقطر بين السد والدحيل، حين احتسب الحكم ضربة جزاء لنادي الدحيل في الوقت بدل الضائع كانت حاسمة ومثيرة للجدل، كونها تأتت بعد مراجعة اللقطة وكان الحكم، في نهاية الأمر، مخطئا في قراره حتى وهو يعيد مشاهدة اللقطة، حيث إن الفيديو في روسيا منح حكام أفضلية التأكد من لقطات تتعلق باحتساب ضربات جزاء من عدمه. وحسب قريشي، فإن بعض اللاعبين يتحايلون بشتى الطرق لتغليط الحكام خاصة داخل مربع العمليات، مشيرا "لقد تسببت الأخطاء التقديرية في مشاكل كثيرة وأثرت قرارات خاطئة للحكام على نتائج المباريات، واليوم، فإن الفيديو يغلق الطريق أمام الغش والأخطاء"، مواصلا القول "هناك 11 حكما يعاينون الفيديو خلال كل مباراة في المونديال، وهم متواجدون في غرفة مغلقة ويتخذون القرار المناسب، ودور الحكم يكون بمراجعة اللقطة، غير أن القرار الحاسم يتخذه مجموعة الحكام، بما يضمن عدم ارتكاب أي خطأ بعد مراجعة اللقطة". التقنية الجديدة ل"الفيفا" لم يتم اعتمادها قبل دراسة كل جوانبها الإيجابية والسلبية، منها الحرص على عدم جعل الحكم يعتقدون بأنهم غير مطالبين بمتابعة اللقطات والتركيز خلال المباريات لكون المراجعة أصبحت مسموحة، كون الاتحادية الدولية اقتنعت بأن المحافظة على روح اللعبة أمر ضروري أمام التكنولوجيا المستحدثة التي تضمن الاستعانة بالفيديو في أربع حالات منها وضعيات التسلل والأخطاء داخل مربع العمليات وتحديد لون البطاقات الموجهة للاّعبين بسبب الأخطاء المرتكبة. وحرص توفيق قريشي على القول في هذا الشأن أيضا بأن تقنية الفيديو لا تقلل من دور الحكم وتركيزه خلال المباراة، مشيرا إلى أن الاتحادية الدولية اعتمدت التقنية من أجل مراجعة أي لقطة محل جدل، ليضيف "هذا لا يعني بأن الحكم يقتصد جهده ويفقد تركيزه، لأن الفيديو موجود، فالاتحادية الدولية أقرت خصم نقاط لكل حكم خلال أدائه في المباريات كلما عاد إلى الفيديو، وقدّرت الاتحادية الدولية بأن كثرة العودة إلى التقنية لأي حكم في المباراة، يعني بأنه فاقد للكفاءة لحسم قراراته دون الفيديو". وبدخول التقنية حيز التطبيق في مونديال روسيا، فإن تصحيح المراجعة عن طريق الفيديو لبعض الأخطاء التقديرية، جعل "الفيفا" تكسب رهانا صعبا وتجعل نتائج المباريات أكثر نزاهة، بما قطع الطريق أمام الاحتجاجات التي صنعت الحدث في المواعيد السابقة لسنوات لم تكن خلالها أي إمكانية لمراجعة أي لقطة خلال المباريات.