كرست الجمعية العامة الاستثنائية للاتحادية الجزائرية لكرة القدم انتهاء عهد سيطرة رئيسها السابق، محمد روراوة، على عدد من أعضائها، وقدّم الموعد الثالث لخير الدين زطشي أمام كل الأعضاء، سواء في الدورات الانتخابية أو العادية أو حتى الاستثنائية، مؤشرا قويا على أن روراوة لم يعد يزن شيئا وفقد تأثيره حتى على مقربيه وحلفائه. بعيدا عن عدم خروج تركيبة الجمعية العامة عن تقليد رفع الأيدي لكل رئيس اتحادية في المنصب وتكريس مبدأ جمعية “بني وي وي” التي تسبح مع التيار، فإن اللافت للانتباه في نجاح خير الدين زطشي في تمرير مشروع مراكز التكوين بالإجماع، استمالته لكل الحضور والمقدر عددهم ب98 عضو، وهو رقم لم يكن خليفة روراوة يتوقع تحقيقه منذ تواجده على رأس “الفاف” في 20 مارس 2017، قياسا بمدى تأثير سابقه الذي عمّر في كرسي الاتحادية 16 عاما، وكان له خلال الأربع سنوات التي رحل عنها عن رئاسة الاتحادية، ما بين 2005 و2009، تأثيرا مباشرا عليها بحكم علاقة الصداقة التي تربطه بحميد حداج الذي خلفه في المنصب لعهدة أولمبية واحدة. وبالموازاة مع انقلاب أعضاء الجمعية العامة أنفسهم على “الإمبراطور” السابق للاتحادية، وعدم شعورهم بالحرج وهم يتناسون مشروع الفندق الذي صوتوا له في إحدى الجمعيات العامة في عهدة روراوة، بمن فيهم رئيس “الفاف” الحالي خير الدين زطشي، ويعلنون الولاء والطاعة لمن أصبح “أمرا واقعا” كخليفة دائم وليس مؤقتا لرئيسهم السابق الذي رفعوا له لافتات “كلنا روراوة” بالأمس القريب، فإن الدورة الاستثنائية شهدت أيضا تغييرات في المواقف لآخر الموالين لروراوة، باختيارهم الحضور والتزكية أيضا لمشروع بناء المراكز ولو كان هؤلاء غير مقتنعين إطلاقا بما يدعو إليه خير الدين زطشي. وشهدت الجمعية العامة حضور رئيس رابطة ورڤلة الجهوية، علي باعمر، وهو الذي مدد “السوسبانس” قبل موعد الجمعية الانتخابية الشهيرة، حين رفض ترؤس الأشغال وإصراره على تطبيق مواد القانون الأساسي بعقد الانتخابات شهرين بعد الدورة العادية، فقد اختار باعمر إعادة التموقع وتوجيه رسائل مصالحة غير معلنة لزطشي لطي صفحة الماضي من خلال رفعه لعدد أصوات المؤيدين لمشروع بناء المراكز عندما اختار التصويت ب”نعم”، على غرار حميد حداج، الذي لم يكتف بالتزكية فحسب، بل صعد إلى المنصة وأثنى في كلمته على ما يقوم به رئيس الاتحادية الجديد، رغم أن حداج اختلف مع زطشي وترك منصبه على رأس لجنة الانضباط. ولم يختلف موقف سعيد بكري، رئيس رابطة بومرداس الولائية لكرة القدم عن باعمر وحداج، فرغم أنه من أصدقاء الرئيس السابق للاتحادية، إلا أن بكري حضر كعادته الأشغال بصفته عضو الجمعية العامة، ووجه ملاحظاته لزطشي في اليوم السابق للأشغال خلال الاجتماع الذي عقده رئيس الاتحادية مع أعضاء الرابطات الولائية والجهوية بمركز سيدي موسى، ثم صوّت لصالح العمل على نشر مراكز التكوين عبر التراب الوطني. اتحادية زطشي كسبت الكثير من “الموقف السلبي” للرئيس السابق محمد روراوة خلال الدورة العادية التي خذل فيها كل حلفائه والموالين له، خاصة وأن ليلة أشغال الجمعية العامة العادية، كان الاتفاق قد حصل على “قلب الطاولة” على زطشي، غير أن روراوة اكتفى بالمرافعة لصالح بناء الفندق دون أن يواجه غريمه بالطريقة التي تكون سببا في وقوف كل الأعضاء في وجه زطشي، ليكتشف هؤلاء متأخرين بأنهم كانوا في النهاية مجرّد “كومبرس” في مسرحية نسج خيوطها روراوة بإحكام من أجل الدفاع عن “مصالحه”. المكسب تجسّد أكثر بغياب روراوة عن الدورة الاستثنائية التي “دفنت” مشروع الفندق، وقد فهم المقربون منه حقيقة الميدان، ممن واجهوا زطشي علنا، ومنهم من خسر المعركة قبل التفطن لتطور الأحداث ونية روراوة الحقيقية، وفقد مكانته وامتيازاته، مثل محفوظ قرباج، ومحمد دهامشي، ومنهم من استبق الأحداث وقرر التخلص من عقدة روراوة نهائيا بإعادة ترتيب الحسابات، في صورة علي باعمر وحميد حداج وياسين بن حمزة، رئيس رابطة سعيدة الجهوية، إلى جانب سعيد بكري وأحمد ميبراك وعبد الكريم مدوار، طالما أن كلمة “لا” لم يكن لها وجود في آخر لقاء لزطشي مع أعضاء الجمعية العامة، بما يجعل الأشغال انتصارا حقيقيا للرئيس الحالي على سابقه. ولاحقت الانتقادات روراوة منذ أشغال الجمعية العامة الانتخابية، حين تفطن بعض المقربين منه بأنه خذلهم وحرمهم من خلافته على رأس الاتحادية على غرار خليل حموم ووليد صادي، ما يفسّر “قطع” علاقتهما مع مرور الوقت بمن كان يعتبر بالأمس القريب “إمبراطور” الكرة الجزائرية.