عندما كانت عدة جمعيات معنية بحقوق الطفل مجتمعة بفندق "ماركير" بباب الزوار في العاصمة الأسبوع الماضي، تُناقش موضوع الاتجار بالأطفال في الجزائر وترفع مطالب مكافحة ظاهرة استغلال البراءة في أنشطة التسول وتعنيفهم، كان طفل لا يتجاوز عمره ال7 سنوات في محيط المبنى يحمل علب مناديل ورقية ويقفز من سيارة لأخرى من أجل بيعها لأصحاب السيارات الخارجة من المركز التجاري باب الزوار لشرائها، غير مبال بامتناعهم ولا بخطر احتكاكه بالسيارات. هذا المشهد الذي يتكرر أمام الجزائريين في الشارع كان محور تدخل رئيسة جمعية "ناس الخير لتنمية الأفراد"، لعبيدي نجاة، حيث انتظرت آخر اللقاء وفاجأت الحضور بانتقاداتها للتنويه إلى تضخم ظاهرة استعمال أطفال رضع من قبل أمهاتهم في ظروف قاسية جدا من أجل استعطاف المارة تمهيدا لكسب الصدقات دون تفعيل لآليات حماية حقوق الطفل الموجودة على الورق ودون استحداث إجراءات رقابية وردعية ضد هؤلاء الأولياء، مشيرة إلى أن هذه الممارسات تتنامى كلما غاب اهتمام وبحث اجتماعي جاد عن وضع هذه الأسر الحقيقي. أسهب رؤساء الجمعيات، يومها، في الحديث عن واقع الطفل بالجزائر والأخطار التي تتهدده، لكنها لم تخرج عن دائرة النظري بدليل أنهم لم يقدموا تصورات عن آليات عملية جديرة بالتجسيد في الواقع وتسمح بإنهاء سلوك استعمال الأطفال في التسول، الذي بات شبه معمم في الشارع الجزائري. أعادت تدخلات هؤلاء إلى الأذهان هاجس الفجوة القائمة بين ترسانة القوانين التي تشرع في الجزائر وبين فعالية آليات تطبيقها وتنفيذها على الميدان بشكل يجعلها نافعة وملموسة، وهو ما ساقه جمعوي آخر بالقول إن الطفل يطلب منه القيام بأعمال وأنشطة لا تليق بسنه ولا ببنيته النفسية الهشة، فتترتب عن ذلك آثار وتشوهات سلوكية تبدأ بالتجلي عندما يتقدم في السن ويصبح شابا، فيُعيد إنتاج تلك المعاناة التي كانت مستقرة في لا وعيه في شكل أفعال وتصرفات وردات فعل غير طبيعية وعنيفة في كثير من الوضعيات. ومن بين التدخلات الأكثر واقعية في اللقاء الذي كان من تنظيم اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، رصدت "الخبر" ملاحظات رئيس جمعية ملتقى الشباب بولاية الشلف، بلجابري يوسف، عندما تطرق إلى ظاهرة استغلال الأطفال بالملاعب في تسويق المأكولات الخفيفة والمشروبات وبيع كل ما يستهلك داخل الملعب، واعتبره نشاطا يرقى إلى جريمة الاتجار بالبشر، لكون هناك من يقف وراءه ويجعله مهيكلا ومنظما بل ويديره عن بعد. وفي وقت ينتشر الوعي وسط الأولياء بضرورة الاستثمار في أطفالهم وتمكينهم من العيش في ظروف مريحة ومحترمة تليق بكرامتهم لتجنيبهم، مستقبلا، السقوط في الانحراف والبؤس، يستغل الكثير من التجار الأطفال لتسويق منتجاتهم في مداخل الملاعب والفضاءات التجارية الشعبية، دون تدخل المصالح المعنية للتحقيق في هذه الممارسات، يضيف المتحدث.