حاولت مصالح الأمن، اليوم، إجهاض مسيرة الطلبة الجامعيين، القادمين من مختلف جامعات، معاهد وكليات العاصمة، للاحتجاج ضد رموز النظام في الجزائر الوسطى، حيث منعتهم من السير عبر نفق الجامعة المركزية بن يوسف بن خدة والتجمهر في ساحة البريد المركزي، واستعملت لتفريقهم الغاز المسيّل للدموع وخراطيم المياه. تميزت مسيرة اليوم التي كان ينتظر أن ينظمها الطلبة الجامعيون من ساحة البريد المركزي نحو ساحة أودان، بالجزائر الوسطى، بالعدد الهائل من الطلبة القادمين من مختلف جامعات العاصمة، وحتى من جامعات الولايات المجاورة، خاصة بعد مضي يومين من عودتهم إلى مقاعد الجامعة بعد عطلة الربيع التي انتهت الأحد الماضي. وككل يوم ثلاثاء، التحقت أعداد كبيرة من الطلبة بالجزائر الوسطى، حيث حضّروا اللافتات والشعارات المناهضة للنظام، واستعدوا للاحتجاج من خلال الاحتشاد في ساحة البريد المركزي والسير نحو ساحة أودان، مرورا بنفق الجامعة المركزية بن يوسف بن خدة، وجزء من شارع ديدوش مراد. ورفع الطلبة العديد من الشعارات التي طالبت برحيل جميع وجوه النظام، كما طالبوا برحيل عبد القادر بن صالح هو الآخر، باعتباره أحد رموز النظام، خاصة بعد توليه الرئاسة. كما تجمهر الطلبة مجموعات ليناقشوا الأوضاع السياسية الراهنة للبلد، خاصة وأنّ الكثيرين يعتبرون الحراك الشعبي في منعرجه الأكثر أهمية. فرغم تلبية عدد من المطالب، على غرار عدم ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة، وعدم تمديد عهدته الرئاسية الرابعة، واستقالته قبل أيام لينسحب من المشهد السياسي، وانسحاب العديد من الأسماء الأخرى، على الأقل حاليا، على غرار وزير الحكومة الأسبق أحمد أويحيى، واعتقال رجل الأعمال علي حداد، غير أنّ الطلبة اعتبروا أن تلك القرارات تبقى غير كافية؛ كون رئيس الحكومة الحالي نور الدين بدوي وحكومته المعنية أبعد من تلاقي رضا المواطنين. ومر الطلبة المحتجون من نهج باستور، حيث قابلهم سد أمني أول تمكنوا من تخطيه، قبل أن تقيم مصالح الأمن سدا أمنيا ثانيا على مستوى الشارع نفسه على بعد أمتار من نفق الجامعة المركزية، على عكس أيام الثلاثاء من الأسابيع الماضية، حيث لم تكن الشرطة تعترض طريقهم. وبعد قرابة نصف الساعة من الاحتجاج، قامت مصالح الأمن بإطلاق الغاز المسيّل للدموع، وخراطيم المياه، على المحتجين، وهو الأمر الذي تسبب في إغماءات بالجملة بينهم، خاصّة وأنّ مصالح الأمن عملت على تأخير الطلبة، كما وقع تدافع بين أفراد الشرطة وبين المتظاهرين الطلبة. وفي ساحة البريد المركزي، كان عشرات الآلاف من الطلبة قد احتشدوا واحتلوا المكان لساعات، قبل أن تتدخل مصالح الأمن من جديد، وتحاول تفريقهم بخراطيم المياه، غير أنها لم تفلح في فضّ احتجاجهم، كون الطلبة الجامعيين أصروا على البقاء في الساحة، والتظاهر السلمي، وترديد شعارات أغلبها مناهض لعبد القادر بن صالح. ولم يَقِلَّ عدد الطلبة المحتجين في حدود الساعة الرابعة مساء، ولكن تزايد بفعل التحاق العديد من سكان الأحياء المجاورة، القادمين من شمال، وجنوب، وشرق وغرب العاصمة من أجل الاحتجاج ضد تولي عبد القادر بن صالح رئاسة الجمهورية، وهو الأمر الذي حوّل ساحات وشوارع بلدية الجزائر الوسطى إلى مساحة مفتوحة للاحتجاج السلمي. ومثل الحركات الاحتجاجية الماضية، تمكن الطلبة من تسيير المسيرة بشكل جيد، كما خصصوا أفرادا من أجل تنظيف الشوارع والساحات التي مروا منها، وهذا في تأكيد منهم على طابع المسيرة السلمي.