وقع رئيس الاتحادية الجزائرية خير الدين زطشي في المحظور وراح يفضح نفسه بنفسه؛ من خلال التناقضات التي حملتها تصريحاته الأخيرة التي أدلى بها عبر أمواج القناة الإذاعية الثالثة، عندما اعترف أنه كان بصدد الانسحاب من رئاسة "الفاف" و"نسي" أن الفاف التي يرأسها نشرت بيانا رسميا يوم 25 جويلية 2019 تفند فيه رحيله وتؤكد أن كل ما قيل حول استقالته من الاتحادية مجرد إشاعة لا غير. يبدو أن ذاكرة رئيس الاتحادية خير الدين زطشي لم تعد قوية إلى درجة أنه لم تحتفظ بأحداث مر عليها أسابيع قليلة فقط، بل وشغلت الرأي العام الجزائري، على غرار البيان الرسمي الذي نشره عبر الموقع الرسمي للاتحادية يوم 25 جويلية الماضي، الذي نفى فيه وجود نية في استقالته من رئاسة الاتحادية، مثلما تطرقت إليه الصحافة الوطنية، بل وضرب بمصداقيتها من خلال التأكيد أن كل ما تم نشره مجرد إشاعة، الهدف من ورائها ضرب استقرار الاتحادية والمنتخب الوطني على حد سواء. ومعلوم أن بيان الاتحادية الذي نفى فيه وجود نية من الرئيس زطشي للانسحاب بعد تتويج "الخضر" باللقب القاري، تزامن مع "معاقبة" الرجل الأول في "الفاف" بحرمانه من تكريم رئاسة الدولة في قصر الشعب يوم 20 جويلية الماضي. وينطبق المثل "سكت دهرا ونطق كفرا" على خير الدين زطشي الذي تبنّى موقف "النعامة"، جراء كل الأحداث التي عاشتها الاتحادية منذ العودة باللقب القاري وترك المجال مفتوحا أمام كل التأويلات والضجة والهرج الإعلامي، لكن ربما "استقوى" بخرجة بلماضي الجريئة التي رد فيها بالثقيل على منتقديه وعلى من وصفهم ب "مجرمي السمعي البصري"، ليطل عبر القناة الإذاعية الثالثة ويستعمل الخطاب نفسه الذي استعمله بلماضي عندما وظّف عبارات "فتنة"، "كراهية" وغيرها. ولم يجد زطشي حرجا في تحميل كل المشاكل التي عاشتها كرة القدم الجزائرية للإعلام ولمحللي البلاطوهات، لكنه فضح نفسه بنفسه عندما قال في القناة الإذاعية الثالثة: إنه كان ينوي الاستقالة بعد عزله خلال التكريم الذي حظي به المنتخب من طرف رئاسة الجمهورية، لكنه تراجع، حسبه، من أجل انجاز المشاريع التي أطلقها. والغريب أن زطشي انتظر أكثر من شهر ليقول للجزائريين إن هذا الإقصاء آلمه كثيرا ولا يزال يجهل سبب عزله في حفل الرئاسة؛ فالرجل الذي نفى خبر نيته في الاستقالة يوم 25 جويلية، كان بإمكانه إعلان انسحابه من رئاسة الاتحادية والخروج من الباب الواسع بعد تتويج "الخضر" بالتاج القاري الذي طال انتظار ل 29 سنة. وربما انسحابه تنديدا بالظلم الذي تعرض له، مثلما قال، سيكسبه محبة وتأييد الجزائريين، إلى درجة المطالبة ببقائه رفقة مدربه بلماضي، خاصة وأنه ساهم في الاستحقاق الذي ناله المنتخب الوطني في مصر. اتحادية زطشي التي تطالب وتدعو دائما الصحافة إلى التحلي بالاحترافية، لا تزال تسبح في فلك الفوضى، وتتويج الجزائر باللقب الإفريقي هو بمثابة الشجرة التي غطت الغابة؛ لأن ما خفي أعظم ومصطلح "الإقالة" أو "الاستقالة" علامة مسجلة في اتحادية زطشي، بدليل حالة ألااستقرار التي تعيشها منذ سنتين ونصف من تولي رئيس بارادو تسيير شؤون مبنى دالي إبراهيم. فليست الصحافة هي التي أقالت الناخب الوطني لوكاس الكاراز، أو كانت وراء استقدامه للمنتخب، ولم تكن وراء إقالة خليفته رابح ماجر، ولم ينسحب تيكانوين ورابح سعدان وبوعلام شارف من المديرية الفنية بسبب الصحافة، وهل يجرأ زطشي ويحمّل الصحافة مسؤولية رحيل أعضاء المكتب الفدرالي جهيد زفزاف وكوسة وولد زميرلي؟ وهل الصحافة التي يريدها زطشي "بوقا" ل "الفاف" مسؤولة عن استقالة مسؤول خلية الإعلام وانسحاب المناجير العام حكيم مدان؟ كان من الأجدر على زطشي أن يسابق الزمن لإعادة ترتيب بيت "الفاف" ومسايرة "الاحترافية" التي تبناها الناخب الوطني جمال بلماضي منذ قدومه من أجل الحفاظ على الصورة الجميلة التي أعاد رسمها بلماضي، والاستثمار في الاستحقاق الإفريقي عوض البحث عن أعذار لتبرير "الأخطاء".