جُمدت منذ تنصيب الحكومة الجديدة التي يقودها الوزير الأول، عبد العزيز جراد، كافة مسارات التعيينات في المناصب العليا للدولة، بغرض إعادة تصحيحها بعدما تم اكتشاف "انحرافات" من طرف حكومة بدوي، خصوصا في وزارة الداخلية والوزارة الأولى، عن أشخاص لا يستحقون تلك المناصب. تلقى الوزراء الجدد، بعد أيام من تسلمهم لمهامهم رسميا، تعليمات صارمة بتجميد التعيينات في المناصب العليا في الدولة، التي تم اقتراحها من طرف حكومة الوزير الأول المستقيل نور الدين بدوي، حتى يعاد النظر في تلك الاقتراحات، بعدما وردت إلى السلطات العليا في الدولة معلومات تفيد بعدم أحقية وأهلية بعض المسؤولين لتلك المناصب، والتي طبعتها المحاباة والولاء في التعيين. وتزامن التجميد مع قرار رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي أعلن، أول أمس، في اجتماع مجلس الوزراء، عن تحويل قرار سلطة تعيين عدد معين من إطارات الدولة إلى الوزير الأول، وهذا في إطار احترام الأحكام الدستورية المعمول بها في هذا الصدد. وبرر الرئيس قراره ب"هدف التخفيف من إجراءات التعيين في المناصب السامية للدولة، وتسريع حركة مستخدمي الوظائف العمومية السامية". ومع إعطاء تبون الضوء الأخضر لوزيره الأول، عبد العزيز جراد، باتخاذ قرارات التعيين، فإنه سيعيد النظر في قائمة المسؤولين الذين جمدت تعييناتهم، لإعادة النظر فيها وتصحيحها وكذا إعادة الاعتبار لعدد من الإطارات الذين ظلموا وهمشوا خلال فترة حكومة بدوي التي استمرت 10 أشهر فقط. ويحوز الرئيس بحكم المنصب، حسب الدستور، على الصلاحية المطلقة في تعيين إطارات الدولة والموظفين السامين عبر مراسيم رئاسية، حيث كرس الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة طيلة فترة حكمه هيمنة مطلقة في التعيين، حتى في تعيين أمين عام بلدية ونواب مديرين في وزارات، خصوصا بعدما قضى على منصب "رئيس حكومة" واستبدله ب"وزير أول" منزوع من صلاحيات كثيرة، من بينها التعيين، فترك له فقط التنسيق العادي بين الوزراء وقطاعاتهم. ويعيّن رئيس الجمهورية الإطارات العليا للدولة، حسب نص المادة 92 من الدستور، الوظائف والمهام المنصوص عليها في الدستور، والوظائف المدنية والعسكرية في الدولة، والتعيينات التي تتم في مجلس الوزراء. وحسب وعود الرئيس عبد المجيد تبون، فإنه سيعمل، حسبه، خلال تعديل الدستور على مراجعة الصلاحيات الممنوحة دستوريا لرئيس الجمهورية، عبر تقليص بعضها في الدستور المقبل، الذي تعكف لجنة من الخبراء على جمع المقترحات حول محتواه. ويهدف وعد تبون بتقليص صلاحيات الرئيس في الدستور القادم، إلى "ضمان التوازن بين السلطات الثلاث وتوفير أداء منسجم لها، عبر إعادة توزيعها داخل السلطة التنفيذية وإقامة سلطات مقابلة فعالة تهدف إلى تفادي أي انحراف استبدادي". والواضح أن تبون قرر تحويل تعيين بعض إطارات الدولة التي تدخل ضمن صلاحياته دستوريا، إلى وزيره الأول حتى قبل تعديل الدستور، حيث سيتمكن الوزير الأول، ليس فقط من إعادة النظر في التعيينات الأخيرة، بل اختيار الإطارات التي يراها مناسبة للعمل معه قصد تنفيذ مخطط الحكومة المقرر نزوله إلى البرلمان في غضون نهاية الأسبوع الجاري أو بداية الأسبوع المقبل كحد أقصى.