الظاهر أننا سنكون أمام حرب ضروس، تدور رحاها بين أولياء تلاميذ من مختلف الأطوار التعليمية وأصحاب مدارس خاصة. والسبب هو إصرار كل طرف على موقفه. أولياء يرفضون دفع مستحقات الفصل الثالث كون أبناءهم لم يدرسوا، بسبب كورونا، وأصحاب المدارس الخاصة يصرون على مستحقاتهم. وبين هذا وذاك تبقى وزارة التربية، والحكومة ككل مطالبة للتدخل العاجل للفصل في الموضوع. وجدت بعض المؤسسات الخاصة نفسها في "صراع" مع أولياء تلاميذ متمدرسين لديها، نتيجة توقف نشاطها بسبب انتشار فيروس كورونا وفرض الحجر الصحي، وتعالت الأصوات للمطالبة بالإعفاء من دفع مستحقات التمدرس الشهرية، أو على الأقل اعتماد تسهيلات في الآداء بالنسبة للعائلات التي تراجعت مداخيلها نتيجة الأزمة. وفي هذا السياق أطلق العديد من الأولياء نداءات استغاثة ونجدة لوزير التربية لدعوته إلى التدخل للفصل في هذا النزاع الذي سيأخذ طابعا آخر، لو استمر كل طرف مصرا على موقفه، ولو استمرت، أيضا، "سياسة النعامة" التي تطبقها الوزارة الوصية. الأولياء، وأمام صمت الوزارة الوصية، قرروا رفع مستوى طلب النجدة إلى مصالح الوزير الأول ورئيس الجمهورية، داعين أعلى السلطات التدخل العاجل والفاصل في هذه المشكلة التي ستتحول إلى أزمة يدفع التلاميذ الأبرياء مخلفاتها. يقول عدد من الأولياء بأنهم تفاجؤوا في الأيام الأخيرة عندما وصلتهم رسائل نصية وإلكترونية من إدارات المؤسسات التعليمية الخاصة التي يدرس بها أبناءهم، تطالبهم فيها بضرورة الإسراع في تسوية المستحقات المالية التي عليها والخاصة بمخلفات الفصل الدراسي الثاني، والفصل الثالث، وفي أقرب الآجال"، ومن المؤسسات الخاصة من بلغ به أمر "التهديد". وأضاف الأولياء ممن وجدوا أنفسهم ضحايا هذا الموقف، بأن مصالح وزارة التربية، وأيضا وزارات التجارة والمالية مطالبة للتدخل والتدقيق في ملفات المدارس الخاصة. "فهل من المعقول أن يدفع الأولياء المقابل المالي على دروس لم يتلقاها التلاميذ؟ وكيف تتجرأ بعض المدارس وتطلب الأموال من الأولياء والحكومة قررت إنهاء العام الدراسي؟" من جهة أخرى قال أولياء تلاميذ أن هناك من المدارس الخاصة قامت بتقديم دروس على الشبكة العنكبوتية لفائدة التلاميذ المسجلين لديها، وطلبت إداراتها دفع المستحقات المالية كاملة إلا أن رفض الأولياء انتهى إلى اتفاق بدفع نصف المبلغ المتفق عليه.
مساومات والأولياء يدفعون الثمن
تقول السيدة (ف. ج) قاطنة ببلدية الدرارية، وأم لطفلين يدرسان بمؤسستين مختلفتين: "من غير المعقول أن نقوم بدفع المستحقات اللازمة وأبنائنا لم يتلقوا دروسهم بشكل عادي، حيث صدمنا بإجبار المؤسسة التي يدرس فيها ابني بطلب تسديد الأعباء، رغم أن أطفالنا لم يتلقوا سوى بعض الدروس عبر الانترنت والتي لم يتمكن ابني حتى من الاستفادة منها بسبب الخدمات الرديئة للأنترنت". وواصلت المتحدثة "زوجي يعمل حلواني بأحد الأحياء الراقية في العاصمة، وتوقف نشاطه منذ فترة بعد إصدار السلطات لقرار غلق المحلات، ما تسبب لنا في ضائقة مالية، ونحن اليوم نطالب بوضع قوانين صارمة لتنظيم المدارس الخاصة لاسيما وأن كل من هذه المؤسسات باتت تسن قوانينها على هواها"، مؤكدة أن ابنتها لم تتلق أي دروس عبر الانترنت منذ غلق مدرستها. وفي السياق ذاته، أفادت (م.ن) "تلقيت مراسلة من مدرسة ابنتي، وعند تنقلي لهذه الأخيرة أخبرتني إحدى المراقبات بأنه ينبغي علي أن أدفع مستحقات الفصل الأخير، وعندما قابلت طلبها بالرفض بحجة بأن ابنتي لم تتلق دروسها منذ شهر أفريل، تفاجأت بها تهددني بعدم منحي الملف الدراسي لطفلتي في حالة عدم الدفع". من جهة أخرى، وجد بعض الأولياء أنه من البديهي أن تطالب المدارس الخاصة بمستحقاتها، من أجل ضمان استمراريتها باعتبارها مقاولات تربوية، كما أنها تسعى من خلال ذلك على دفع مستحقات الأساتذة، بالإضافة إلى أن طواقمها تبذل مجهودا من أجل التواصل مع التلاميذ عن بعد بتوظيف شتى الوسائل الممكنة للتدريس.
رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ ل "الخبر": وزارة التربية مطالبة بالتدخل العاجل
أكد رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ بن زينة علي أن عديد أولياء تلاميذ متمدرسين في مؤسسات تربوية خاصة طلبوا من المنظمة تدخلا لدى أصحاب تلك الدارس ونقل انشغالهم إلى الوزارة الوصية، بعد إصرار المدارس الخاصة على موقفها بضرورة تحصيل مستحقات الفصل الثالث. المدارس الخاصة خارقة لقوانين التربية كون الأولياء يدفعون الأموال مقابل رداءة التعليم، لاسيما وان هذه الأخيرة تقوم بعملية تجارية من أجل تقديم مصلحة أو خدمة للمواطن مقابل الأموال (أي بيع النقاط). وأفاد بن زينة أنه خلال الآونة الأخيرة طالب أولياء التلاميذ المدارس الخاصة المتواجدة ببعض المناطق في العاصمة (برج الكيفان، شراقة ،بئر خادم...)، المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ بالتدخل بعد أن فرضت عليهم بعض المؤسسات دفع أعباء الاشتراك الفصل الثالث. وأضاف المصدر ذاته أنه بعد تسجيل المنظمة لتلك الشكاوى، قامت بتوجيه الأولياء "الضحايا" لوضع شكوى على مستوى وزارة التربية الوطنية وعلى مستوى المديرية المركزية للتعليم الخاص، مضيفا بأنه هناك أولياء كانوا قد دفعوا مستحقات سنة كاملة واليوم أصبحوا يطالبون بتعويضهم واسترجاع أموالهم خاصة وأن أبناءهم لم يستفيدوا من أية خدمات، مرجعا سبب تصرفات هذه المؤسسات إلى أن وزارة التربية التي لا تقوم بدورها فيما يخص المراقبة والمتابعة. وأكد المتحدث أن المؤسسات التربوية الخاصة تدفع أجور الأساتذة على حسب الساعات التي يعملون بها، أي أن أغلبها لا تدفع رواتب شهرية منتظمة، بل تدفع مقابل ما تم تقديمه من دروس، ومادام لم تكن هناك دروس في الفصل الثالث فإنها لن تدفع أي سنتيم للأساتذة. ودعا رئيس المنظمة مسؤولي وزارة التربية الوطنية ضرورة التدخل العاجل للفصل في هذه المشكلة التي ستأخذ منحى آخر في ظل تمسك طرفي النزاع بمواقفهما، بالإضافة إلى إعادة النظر في دفتر الشروط على مستوى الاتفاقيات بين المدارس الخاصة ومديرية التربية وكذا تفعيل دور المفتشين الذين لا يقومون بزيارات للمؤسسات الخاصة.
رئيس الجمعية الوطنية للمدارس الخاصة ل"الخبر": المؤسسات الخاصة أمام موقف حرج
أوضح رئيس الجمعية الوطنية للمدارس الخاصة، آيت عامر سليم، أن المؤسسات التعليمية الخاصة وجدت نفسها أمام موقف حرج بسبب توقف دفع الأولياء للمستحقات التي عليهم، لاسيما وأنها مطالبة بتسوية وضعياتها المالية مع مستخدميها من أساتذة وموظفين، لفترة تمتد 7 أشهر. وندد رئيس الجمعية بتصرفات بعض المؤسسات الخاصة التي تتعسف ضد الأولياء، واصفا إياهم ب"الخارجين عن القانون"، مشيرا إلى أن الجمعية مستعدة للوقوف مع هؤلاء الضحايا وحمايتهم. وأكد المتحدث أنه يفترض على الأولياء الدفع السنوي، أما بالنسبة للدفع الشهري أو بالفصل فإنه يعتبر استثناء فقط، مشيرا إلى أن الجمعية أصدرت بيانا بعد تفشي جائحة "كورونا" توضح من خلاله تضامنها مع أولياء التلاميذ ومع الدولة لمحاربة هذه الظاهرة، إلا أن المشكل المطروح هو أن هذه المدارس توظف من جهتها عشرات المئات من العمال وهم بحاجة إلى أجورهم مثلهم مثل زملائهم في القطاع العام. وفي نفس الموضوع، أردف آيت عامر أن المدارس المنتسبة للجمعية الوطنية ستعوض الأولياء عن جزء من المستحقات المتعلقة بالإطعام وبعض الخدمات الأخرى، إلا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال المساس بأجور العمال، إلا في حالة دعمت الدولة هذا الجانب، مؤكدا أن المدارس لن تتخلى عن التلاميذ الذين تضرر أوليائهم بسبب هذه الأزمة لا في هذا الفصل ولا حتى خلال السنة القادمة، مشيرا إلى أنهم راسلوا وزير التربية في عدة مرات من أجل الاستفسار عن الموضوع إلا أنه لا حياة لمن تنادي. وذكر رئيس الجمعية أن أصحاب المدارس يواجهون موقفا صعبا فهم مطالبون بدفع مستحقات الأساتذة، الضرائب، والكراء، ..الخ ،الأمر الذي وضع هؤلاء في أزمة حقيقية. وأشار رئيس الجمعية الوطنية إلى أن عدد المدارس الخاصة في الجزائر يتجاوز ال 500 مدرسة، توظف أزيد من خمسين ألف أستاذ ومؤطر، بينما يتعدى عدد التلاميذ 300 ألف متمدرس.
رئيس جمعية حماية المستهلك ل"الخبر": راسلنا الجهات الوصية لتعويض الأولياء
كشف رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي في حديثه مع "الخبر" بأن "جمعية حماية المستهلك تعتبر أول منظمة أثارت هذا الموضوع، ومنذ ذلك الحين ونحن نتابع الملف، حيث قمنا بمراسلة وزارة التربية ونحن بصدد انتظار رد منها، كما قمنا مؤخرا بمراسلة وزارة التجارة، وراسلنا أيضا جمعية المدارس الخاصة ووجدنا ترحابا وتفهما من طرفهم". وتابع المتحدث "نحن في أخد ورد فيما يتعلق بكل حالة، فهنالك مدارس قامت بإتمام البرنامج الدراسي عن طريق القاعدة الرقمية، في حين توجد مدارس أخرى لم تلقن التلاميذ ولو حرفا واحدا"، موضحا أنه سوف يكون هنالك تعويض حسب كل وضع، أي تعويض الأولياء بالنسبة للمدارس التي لم تقم بأي مجهود، و"نحن بصدد انتظار رد من الوزارات المعنية في هذا الشأن".
الأمين العام لنقابة "آسنتيو": يجب سن قوانين لردع تجاوزات بعض المؤسسات
كشف، عبد الكريم بوجناح، الأمين العام لنقابة عمال التربية "اسنتيو"، أن هناك "تجاوزات وتعسفات"خطيرة من طرف بعض المدارس الخاصة، مؤكدا أنه كان قد تحدث من قبل عن بعض المؤسسات التي تزاول نشاطها بعيدا عن القوانين التي تنظمها، وتقوم بتشغيل أساتذة مقابل مبالغ زهيدة، ثم يتم طردهم تعسفيا دون أن تضمن لهم أي حق، مضيفا أن مدراء التربية لا يتحكمون في بعض المؤسسات كما ينبغي ولا يتفقدهم المفتشون . وواصل أمين عام "آسنتيو" "يقوم الأولياء بدفع المستحقات خلال العطل، إلا أن هذه المدارس لا تدفع أجور موظفي القطاع الخاص بما فيهم الأساتذة كونهم في عطلة "استثنائية"، ما اعتبره بوجناح بغير المعقول، لاسيما وأنه منذ بداية الحجر الصحي حرم الأساتذة من تلقي أجورهم، مضيفا أن حتى نظام الدروس الافتراضية الذي اعتمدته بعض المدارس في هذه الفترة لا يسيّر بشكل جيد . وأكد المتحدث أن بعض المؤسسات الخاصة تقوم بابتزاز الأولياء والضغط عليهم ولا يهمها إلا الربح، متخذين من هذه المهنة النبيلة تجارة. وشدد بونجاح على ضرورة إعادة النظر في تسيير المؤسسات الخاصة ومراقبتها من طرف مديريات التربية والمفتشين والإدارة.