سادت، أمس، مصارحة كبيرة بين مسؤولي صحف وطنية ووزير الاتصال الناطق باسم الحكومة، عمار بلحيمر، حول الإشهار العمومي الذي يطالب أصحاب المهنة بتحريره من احتكار الوكالة الوطنية للنشر والإشهار، والإسراع في إصدار قانون الإشهار الذي ينظم لوحده السوق بدل آليات تعتمدها الوكالة في توزيعه على الصحف. وطالب مديرو نشر صحف، أمس، في تدخلاتهم بمناسبة لقاء إعلامي بين مؤسسة "لاناب" والصحافة الوطنية حول موضوع "المقاييس الانتقالية لتوزيع الإشهار العمومي"، بالشفافية في توزيع الإشهار العمومي الذي تحول في سنوات مضت إلى "سلاح" في يد السلطة لفرض الولاء والطاعة. ورافع الرئيس المدير العام مسؤول النشر ليومية "الخبر"، زهر الدين سماتي، في تدخله بضرورة تكريس الشفافية من خلال نشر ما تحصل عليه وسائل الإعلام الوطنية من إشهار مع نهاية كل سنة، والاعتماد على معايير مستمدة من الميدان، وذلك عبر قانون إشهار يكون الوحيد الذي ينظم الإشهار وليس آليات وكالة "لاناب". من جهته تدخل السيد علي جري، المدير الأسبق ليومية "الخبر"، وأبدى بعض التحفظات حول بعض من المعايير المعتمدة في آليات منح الاشهار منها آلية "الفساد"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن ربط مصير جريدة بمسؤول فيها تورط في قضية فساد ولو كان المدير العام لها، بحيث لا يسحب من الجريدة الإشهار لأجل هذا السبب، فالأصل هنا المؤسسة وليس مسؤولها". وبشأن معيار "السحب"، شدد الاعلامي محمد يعقوبي على ضرورة اعادة النظر في معيار السحب فالكثير من الصحف انخفض سحبها لكن قراءها لا يزالون أوفياء لها عن طريق المواقع الالكترونية، ما يعني أن انخفاض السحب لا يعني أن الصحيفة تفقد قوتها، بل لأن قراءها تحولوا إلى الوسائط الإلكترونية وأضحوا يتابعونها عبر صفحاتها في منصات التواصل الاجتماعي وموقعها الإلكتروني. بدوره، أكد الوزير بلحيمر، في كلمة له على "استمرار مسعى الحكومة الهادف إلى تطهير قطاع الإشهار لوضع حد للأطماع والممارسات المنافية لمهنة الصحافة"، معتبرا أن "الهدف الأسمى من وراء تطهير قطاع الإشهار هو أن تمارس الصحافة من طرف الصحفيين، فوزارة الاتصال ليس لها أي دخل في إدارة وتسيير مؤسسة اقتصادية عمومية تخضع للقانون التجاري في أول وآخر الأمر". وأوضح بلحيمر: "نحن المالك الوحيد لمؤسسة مستقلة مسؤولة قانونيا عما تتخذه كقرارات، ولسنا هنا أيضا کوصاية لأن عهد الولاء والوصاية الإدارية أدى إلى كوارث اقتصادية يصعب تقييمها اليوم". وذكر بلحيمر أن "المؤسسة ستضيف ملحقا إلى اتفاقياتها ابتداء من الفاتح جانفي المقبل، وهو بمثابة إجراء إدخال تعامل تجاري وشراكة جديدة في سياق قانوني مجبر"، متابعا: "هذا المسعى ضمن حرية التعاقد مادامت الحرية لا تتنافى وقوانين الجمهورية". واعتبر الوزير أن "ذات المسعى يراعي ثلاثة مبادئ وهي أن کل شيء ممكن في إطار القانون، حيث تنص المادة 59 من القانون المدني على أن العقد يولد نتيجة إرادات متوافقة دون المساس بالأحكام القانونية، والممارسة الهادئة للحريات بفضل إعادة الاعتبار لمفهوم المسؤولية، والشروع في الانتقال من الصحافة الورقية إلى الصحافة الإلكترونية". من جانبه، كشف المدير العام للوكالة الوطنية للنشر والإشهار، العربي ونوغي، عن إعداد 15 مقياسا لمنح الإشهار العمومي، في محاولة للمساهمة في تطهير القطاع من الدخلاء، مبرزا أن المقاييس "انتقالية في انتظار صدور قانون الإشهار الذي سيكون هو الفاصل". وتتمثل هذه المعايير، حسبه في امتلاك سجل تجاري، والحصول على اعتماد من وزارة الاتصال، وتصريح بالوجود والضرائب، وشهادات رقم التعريف الإحصائي ورقم التعريف الجبائي، والوضعية تجاه الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء. وتشمل المعايير أيضا: السحب من خلال تحديد اليوم السابق الذي يعد إجباريا، وطبيعة الجريدة (محلية وجهوية أو وطنية)، وإنشاء الجرائد، والفساد (متابعة مدير النشر بخصوص الفساد يمكن أن ينجر عنه إيقاف الإشهار لنفس السبب المادة 9 من قانون العقوبات إلى غاية رفع المانع). بالإضافة إلى "إعارة الاسم والقذف ونسبة الإشهار الممنوح للنشرية وأخلاقيات المهنة وإشهار الحسابات الاجتماعية السنوية وطبيعة النشرية (لا يجب أن تكون نشرية لحزب أو أي منظمة حزبية أو جمعوية). في المقابل، سيجري تجديد اتفاقيات الإشهار بالمصادقة على المعايير ال15 من طرف المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار، حيث سيتم تكوين ملف اتفاقي ومعايير المنح، ويبدأ سريان الاتفاقيات الجديدة في 1 جانفي 2021، تحدد مدتها بثلاث سنوات يمكن تجديدها تلقائيا أو فسخها دون إشعار مسبق. ولا يمكن تعديل الاتفاقيات أو مراجعتها خلال السنة المالية الحالية، كما يتم إعداد أو تجديد كل اتفاقية إشهار يحدد في المدة التي تتراوح بين 1 إلى 30 ديسمبر من كل سنة مالية. وعن منح الإشهار، فبالإضافة إلى المعايير المذكورة في انتظار إنشاء ديوان إثبات التوزيع الذي سيخضع للقانون الجزائري في المستقبل، سيتم منح الإشهار العمومي الذي يمثل نوعا من الإعانة غير المباشرة من طرف الدولة للصحافة المكتوبة المطبوعة، على أساس ثلاثة أطوار منفصلة وتدريجية. فالطور الأول يتألف من الجرائد التي لها أقل من أربع سنوات من الوجود دون انقطاع، والطور الثاني يتضمن الجرائد التي لها خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة من الأقدمية، بينما يضم الطور الثالث الجرائد التي لديها 15 سنة فأكثر من الأقدمية. وأبرزت المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار، ومن أجل تبسيط عمليات الفوترة والمحاسبة ستطبق المؤسسة ابتداء من 1 جانفي 2021 تعريفات جديدة.