تُجمع آراء أغلب رجال القانون على ضرورة رفع التجميد عن تطبيق عقوبة الإعدام في الجزائر وإعادة تفعيلها في الدستور المطروح للاستفتاء في الفاتح من نوفمبر الداخل، خاصة في الجرائم البشعة وعلى رأسها جرائم خطف وقتل الأطفال التي استشرت في الآونة الأخيرة، حيث يتفق الجميع على إلزامية القصاص من القتلة بعد ضمان محاكمات عادلة تؤمّن كل حقوق الجناة المنصوص عليها في القانون. دافع الأستاذ بشير مناد، نقيب منظمة المدية، في تصريح أدلى به ل"الخبر"، أمس، عن العودة إلى تفعيل عقوبة الإعدام المجمدة منذ أكثر من 27 سنة، حيث اعتبر أن هذا المسعى الذي تحوّل مؤخرا إلى مطلب شعبي كبير، من المفترض أن لا يُطرح للنقاش أصلا، مردفا بالقول، "أنا قبل أن أكون رجل قانون، أنا جزائري مسلم، مقتنع بشرعية القصاص الذي شرّعه الله للعباد حتى يعيشوا في طمأنينة وسكينة وسلام". وفي هذا الموضوع، دعا مناد إلى إلغاء التجميد المفروض على عقوبة الإعدام منذ سنة 1993 والعودة إلى تطبيقه، ولكن بطريقة شرعية وقانونية، حيث أوضح أن تنفيذ الإعدام لا يجب أن يتم إلا بعد تحريات كبيرة وتحقيقات واسعة ومحاكمات عادلة"، مضيفا أن "50 بالمائة من أحكام الإعدام التي يتم النطق بها في مختلف محاكم الجمهورية ليست صحيحة، لأنني في الميدان وأعي جيدا ما أقول حول التناقض الكبير الذي يتم عند إصدار هذا النوع من الأحكام". وبغرض إزالة أي مبررات قد يستند عليها معارضي العودة إلى تطبيق عقوبة الإعدام في الجزائر، اقترح ذات المتحدث "إعادة التمحيص في أحكام الإعدام التي تنطق بها هيئات الحكم المخولة قانونا من قبل لجنة خاصة يتم تشكيلها من مجموعة من الخبراء والقانونيين تُصدر فتواها في الموضوع قبل الوصول إلى مرحلة التنفيذ تفاديا لأي تناقض أو لبس أو ظلم قد يطال المعارضين لهذا الحكم". واعتبر مناد "حجج معارضي تفعيل عقوبة الإعدام واهية، ولا تستند لأي أسس صحيحة وجدية، باعتبار أن تنفيذ هكذا عقوبة محكوم في الشريعة الإسلامية وحتى القوانين الوضعية بضوابط متعددة، تبدأ بالتعزير، قبل الوصول إلى مرحلة تنفيذ الإعدام التي تكون مصير القتلة من مرتكبي الجرائم البشعة". مضيفا أن "هناك أشخاص في المجتمع تحولوا إلى ميكروبات لا يوجد لها حلا سوى التخلص منها عن طريق ضوابط شرعية لضمان سلامة الناس والمجتمع ككل". من جانبه، اعتبر الأستاذ ظاهير نقيب منظمة محامي سعيدة أن "هيئة الدفاع تضغط من أجل إقناع المشرّع بتطبيق عقوبة الإعدام المجمّدة دون أسباب جدية"، متسائلا عن "جدوى إدراج عقوبة في القانون إن لم يتم تنفيذها على مستحقيها الذين تحولوا إلى أشخاص منبوذين في المجتمع نتيجة الجرائم البشعة التي يتورطون فيها، والتي استفحلت بشكل كبير في الآونة الأخيرة". واستغرب المتحدث من "تعطيل عقوبة في حق أعظم جناية في حياة البشرية، بينما يتم التشديد على تنفيذ الأحكام البسيطة، وحتى الغرامات الزهيدة المسلطة في حق المواطنين البسطاء"، مضيفا أن "نضال المحامين من أجل رفع التجميد عن هذه العقوبة، نابع من دفاعهم على سلامة الإجراءات، من منطلق أن العقوبة منصوص عليها في القانون، ويتم النطق بها في المحاكم، وبالتالي لا داعي لتوقيف تنفيذها، فضلا عن المبدأ العام الذي ينتج الحياة من رحم القصاص، مصداقا لقوله تعالى "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون"، مشددا على ضرورة تطبيق العقوبة وفق محاكمات عادلة وبعد استنفاذ كل طرق الطعن القانونية. أما الأستاذ فاروق قسنطيني، المحامي والحقوقي المخضرم، فتمسك بمعارضته العودة إلى تطبيق عقوبة الإعدام، باستثناء جرائم خطف الأطفال وقتلهم، حيث قال: "إذا كان ولا بد نقصر هذه العقوبة على مرتكبي هذه الجرائم الشنيعة دون سواهم"، مضيفا: "أنا مقتنع بعدم جدوى الإعدام إذا كان هناك حل بديل يتمثل في السجن المؤبد مدى الحياة، ولكن في نفس الوقت أحترم الآراء الأخرى التي تضغط لأجل تسليط أقصى العقوبات على خاطفي الأطفال" يختم قوله.