فتحت المدارس الابتدائية أمس أبوابها للتلاميذ بعد أزيد من 8 أشهر من الإغلاق بسبب وباء كورونا، وبالرغم من التطمينات التي أعطتها وزارة التربية الوطنية من أجل إنجاح العملية، إلا أن انطلاق الموسم الدراسي 2020/2021 للطور الابتدائي لم يكن سوى "شكلي"، إذ سجلت مختلف الأقسام غيابات في صفوف التلاميذ أرجعها بعض المتابعين إلى "البسيكوز" الذي لا يزال يسيطر على الأولياء المتخوفين من خطر انتشار العدوى. ووقفت "الخبر" خلال جولة استطلاعية في العاصمة على التطبيق السليم للبروتوكول الصحي في أغلب الابتدائيات، فيما سجل تأخر محسوس لأشغال التهيئة في الكثير من المؤسسات. استعاد الأطفال المتمدرسون صباح أمس نشاطهم وحيويتهم بعد فتور دام عدة شهور، فوضعوا مآزرهم الزرقاء والوردية وحملوا محافظ "خفيفة" متوجهين للالتحاق بمقاعد الدراسة بعد أزيد من 8 أشهر من الانقطاع. وعلى غير العادة اختلفت أجواء الدخول المدرسي عن باقي المواسم الماضية، إذ اتسمت أجواء يوم أمس بالإجراءات الاستثنائية الخاصة بالبروتوكول الصحي الخاص بقطاع التربية، وهو ما وقفت عليه "الخبر" أمام بعض المؤسسات الابتدائية في العاصمة. في حدود الساعة السابعة صباحا، توقفت شاحنة مجهزة بخزان مياه أمام المدرسة الابتدائية عيدي محمد ببلدية سيدي موسى بالعاصمة، وراح أعوان البلدية يرشّون جدار المؤسسة وأبوابها بالمواد التعقيمية تمهيدا لاستقبال التلاميذ الصغار. وهي العملية التي انطلقت منذ الرابعة فجرا، وفق ما كشف عنه رئيس المجلس الشعبي البلدي ل "الخبر"، الذي لم يخف علينا أنه التمس بعض التخوف لدى الأولياء والجمعيات من الخطر المحدق بالأطفال حول مدى احترام البروتوكول الصحي، "إلا أن ذلك لم يمنعهم من مقاطعة المدارس"، يضيف المتحدث. ولم تختلف أجواء أول يوم من الدخول المدرسي في ابتدائيات بلدية سيدي امحمد عن أجواء بلدية سيدي موسى، إذ سجلت غيابات للكثير من التلاميذ، والسبب راجع حسب رئيس المجلس الشعبي البلدي إلى توجّس الأولياء من خطر انتشار العدوى. وخلال جولة استطلاعية قادتنا إلى مدرسة ابن الناس التي استفادت مؤخرا من مشروع إعادة تهيئة داخلية، وقفنا على مدى احترام التدابير الخاصة بالبروتوكول الصحي، بدءا من مقياس جهاز الحرارة وتوزيع الكمامات وتوفير السوائل المعقمة وكذا العمل بما نسبته 50% فقط من القدرة الاستيعابية، وهي نفس الأجواء التي عاشتها مدرسة فاطمة الزهراء مليل بالشراقة. ورغم غلق المؤسسات التربوية لأكثر من 8 أشهر، إلا أن ذلك لم يشفع لبعض التلاميذ في تحسين ظروف دراستهم، إذ أهملت بعض البلديات عمليات التهيئات الخارجية والداخلية للمؤسسات التربوية، وهو حال المدرسة الابتدائية أحمد بودور بالمدنية في أعالي العاصمة، وعدة مدارس بحي خليفة بوخالفة. والزائر لمدرسة أحمد بودور يتفاجأ من الفوضى التي أفرزتها أشغال الترميم داخل المدرسة، في وقت كان التلاميذ قد التحقوا بمقاعد الدراسة. حالة كارثية جعلت أحد الأولياء يعلق في حديثه ل "الخبر": "8 أشهر كاملة لم يقوموا فيها بأي أشغال، وفجأة تنطلق الأشغال مع عودة التلاميذ للدراسة! هم يسارعون الزمن لتهيئة المؤسسات تحسبا لتنظيم استفتاء تعديل الدستور وليس لاستقبال التلاميذ". في البليدة احتج نهار أمس أولياء تلاميذ بالشفة، ورفضوا السماح لأطفالهم بالعودة إلى مؤسساتهم التربوية بسبب وضعيتها الكارثية، ولمباشرة أشغال الترميم في بعض منها. كما أبدى أولياء أسفهم واستياءهم لالتحاق أبنائهم بمدارس تمت مباشرة الأشغال بها منذ أيام فقط، عائبين على المسؤولين عدم استغلال فرصة تعليق الدراسة منذ شهر مارس الماضي في الترميم والصيانة والدهن. وفي الجلفة لم يلتحق تلاميذ عدة مدارس ابتدائية ببعض بلديات الولاية بمدارسهم نهار أمس، في ظل الظروف غير المهيأة وتقاعس سلطات بعض البلديات في توفير كل متطلبات البروتوكول الصحي، بداية من النظافة، إلى انعدام التعقيم والتطهير، والأدهى من كل هذا الاكتظاظ بمؤسسات التعليم الابتدائي، حيث منع الأولياء أبناءهم من الالتحاق بالدراسة. وفي بعض المؤسسات بعاصمة الولاية وبمدينة عين وسارة وغيرها، احتج الأولياء وقد حضر الوالي بحي بنات بلكحل لإحدى الوقفات. والأمر نفسه سجلته بعض ابتدائيات عين وسارة، وقد طالب الأولياء بتوفير الحجرات بالبناء الجاهز كحل استعجالي. وانتقد الأمين العام للنقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الابتدائي محمد حميدات، في اتصال مع "الخبر"، تأخر المصالح البلدية في التحضير الجيد لانطلاق الموسم الدراسي، حيث صرح قائلا "من حق الأولياء التعبير عن خوفهم على أبنائهم في ظل تواصل انتشار الوباء وكذا النقائص المسجلة في الكثير من المؤسسات، وهو ما يترجم الإقبال المحتشم للتلاميذ على مختلف المؤسسات التربوية خلال اليوم الأول من انطلاق الموسم"، وأضاف: "لولا اجتهاد بعض مديري المؤسسات التربوية والأساتذة والأولياء لوقعنا في كارثة حقيقية، فلا أشغال تهيئة ولا تنظيف للأقسام ولا شيء من هذا القبيل"، قبل أن يضيف: "حتى ينفض الغبار على المدارس الابتدائية لا بد من تحريرها من هيمنة المصالح البلدية وإلحاقها بمصالح وزارة التربية الوطنية".