حددت مرحلة جمع التوقيعات لتشريعيات 12 جوان الأحجام الطبيعية للأحزاب في الجزائر ولو بصورة تقريبية، وكشفت أن الكثير من التشكيلات السياسية تعاني أزمة وجودية، والمفاجأة أن أحزابا عمرها السياسي يقارب 10 سنوات عجزت عن استيفاء أولى الشروط، فيما نجحت أخرى في المنعرج الأخير بعد تمديد فترة إيداع الترشيحات. تشير أرقام السلطة المستقلة للانتخابات، بخصوص عدد الأحزاب التي أقصيت من سباق التشريعيات بسبب عدم بلوغها نصاب التوقيعات، إلى أن الكثير من الأحزاب تعاني من "أزمة وجودية"، فرغم مرور 10 سنوات من اعتمادها لم تشكل قاعدة شعبية بسيطة تسمح لها، على الأقل، بالمشاركة في تشريعيات جوان 2021. ومن الأحزاب التي أحدثت المفاجأة، حزب عهد 54 الذي دأب على المشاركة في كل استحقاق، لكنه اليوم لم يتجاوز 727 توقيع، جمعها في ولاية واحدة فقط، ما يعني أنه تشكيلة سياسية صارت عديمة التواجد في الشارع الجزائري بالرغم من قدم اعتمادها. واللافت كذلك أن حزب العدل والبيان لرئيسته نعيمة صالحي، بوصفها شخصية جدلية ملأت الشاشات والصفحات في شبكات التواصل الاجتماعي بخرجاتها الإعلامية ومشاركاتها، وصل عدّادها إلى 3691 توقيع في 7 ولايات وتوقف، وهي أرقام تؤشر بأنها شخصية افتراضية أكثر منها ميدانية، ولا مكان لها في المشهد السياسي الفعلي، بالمقارنة مع الأحزاب التي تمكنت من جمع عشرات الآلاف من التوقيعات ولو بشق الأنفس، من بينها حركة الانفتاح التي جمعت 20288 توقيع وتجاوزت شرط الولايات ب27 ولاية. وبينما تعبر الأرقام عن اقتراب اندثار حوالي 10 تشكيلات من الوجود السياسي، بدليل عجزها عن بلوغ سقف 1000 توقيع، تقاوم بعض أحزاب من أجل البقاء، واجتازت بصعوبة اختبار التوقيعات شرط 25 ألف توقيع، بعد تمديد عملية جمع التوقيعات وإيداع الملفات يوم الخميس، وهي حزب الكرامة والجبهة الوطنية الجزائرية وحزب طلائع الحريات، بينما لا يزال كل من التحالف الوطني الجمهوري وحركة الإصلاح الوطني وحزب الوسيط السياسي يُصارعون من أجل البقاء. ويمكن تبرير فشل الأحزاب الصغيرة في جمع التوقيعات بموجة المقاطعة التي تجتاح المشهد السياسي، والتي برزت جليا في الانتخابات الرئاسية واستفتاء الدستور، في حين نجت منها الأحزاب القديمة بالارتكاز على هياكلها وقواعدها الموزعة في كل ولايات الوطن، على غرار حركة مجتمع السلم التي تتصدر قائمة التوقيعات ب65.453 توقيع عبر 52 ولاية، وجبهة المستقبل ثانيًا ب64.651 توقيع على مستوى 54 ولاية، وحركة البناء الوطني في المرتبة الثالثة ب62.866 توقيع في 55 ولاية. بالإضافة إلى التجمع الوطني الديمقراطي الذي جمع في 57 ولاية 58.101 توقيع، وجبهة التحرير الوطني جمع 53.033 توقيع على مستوى 57 ولاية.