يُجمع المختصون على ضرورة مواصلة غلق كل المجالات الجوية والبرية والبحرية، بالنظر إلى الوضعية الوبائية المقلقلة التي تعاني منها العديد من الدول الأوروبية وبالتحديد فرنسا التي تستوعب 90 بالمائة من الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج، مضيفين بأن أي استئناف للرحلات في الوقت الراهن يُعد مغامرة كبيرة قد تكون نتائجها وخيمة جدا على الصحة العمومية، في ضوء استمرار تفشي فيروس كوفيد 19، واستفحال خطر السلالات المتحورة. وفي هذا الموضوع، أوضح الدكتور بقاط بركاني محمد رئيس العمادة الوطنية للأطباء في تصريح أدلى به ل"الخبر" أمس، بأن " الأزمة الصحية تستدعي عدم اتخاذ أي إجراءات تخص فتح المنافذ الحدودية، ومن ثمة استئناف الرحلات بكل أشكالها بالرغم من وجود ضغط كبير في الداخل والخارج، من أجل اعتماد هكذا قرار بالنظر إلى طول المدة التي استغرقتها هذه الأزمة والتي أثرت بشكل بالغ على عامة الجزائريين، بما في ذلك الموجودين خارج الوطن، ممّن حرموا من رؤية ذويهم وأقاربهم، وحتى حضور مراسيم دفن أفراد عائلاتهم " مشيدا في هذا السياق، بقرار رئيس الجمهورية الأخير، القاضي بالإستمرار في غلق كل المنافذ الحدودية وتعليق كل الرحلات.
الغلق المبكر للحدود جنّبنا كارثة حقيقية
وفي تشريحه للوضعية الوبائية المستقرة نسبيا، التي تعيشها البلاد عكس أغلب الدول الأخرى، أوعز المسؤول الأول عن شريحة الأطباء ذلك، إلى " الإجراءات المبكرة التي اعتمدتها السلطات الوصية بغلق كل المنافذ الحدودية، وتعليق الرحلات إلى آجل غير مسمى، وبدرجة أقل التدابير الوقائية التي تم الالتزام بها في وقت سابق، على غرار الحجر المنزلي والتباعد الجسدي، واستعمال الأقنعة الوقائية، بدليل عدم التقيّد بأغلب هذه الإجراءات من قبل عامة المواطنين في الآونة الأخيرة دون تسجيل أي ارتفاع محسوس في معدلات الإصابة "، مضيفا بأن " صحة هذا الطرح تؤكده المعاناة التي تكابدها الدول التي رفضت غلق حدودها أمام حركة السياح، بالرغم من انتشار الفيروس، وأحسن مثال دول الجوار مثل المغرب وتونس ".
الجالية مُجبرة على التحمّل والصبر أكثر
وفي هذا الموضوع، أردف بقاط بالقول " المؤسف في الأمر كله هو عدم اغتنام السلطات العمومية، وبالتحديد وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات المهلة الزمنية الكبيرة التي أتاحتها لنا وضعية الاستقرار الوبائي التي نعيشها، حيث لا تزال حملة التلقيح تراوح نفسها في ضوء انعدام اللقاحات نتيجة الصراع الدائر حول الظفر بها "، مضيفا بأن الحملة هي النقطة السوداء في الموضوع كله. أما فيما يتعلق بوضع الجالية، فدعا ذات المتحدث بضرورة الصبر أكثر، باعتبار أننا نعيش ظروفا قاهرة لم يسبق وأن عاشتها البشرية جمعاء، مضيفا بأن " هناك مؤشرات لانفراج الوضع في المستقبل المنظور، خاصة في فرنسا التي تضم أكبر عدد من المغتربين الجزائريين، باعتبار أن هذه الأخيرة وصلت إلى مرحلة الذروة من جهة، فضلا عن التقدم الكبير المسجل في عملية التلقيح من قبل السلطات الصحية هناك من جهة أخرى ".
الوضعية الوبائية في الخارج خطيرة جدا
وتؤكد الأرقام الأخيرة حول انتشار الوباء في العالم خطورة الوضع، حيث سجلت تونس أول أمس 47 حالة وفاة، و1004 إصابات جديدة بالفيروس، ونفس الأمر بالولايات المتحدةالأمريكية التي أحصت السبت الماضي أكثر من 32 ألف إصابة جديدة مؤكدة، فضلا عن 367 حالة وفاة في غضون 24 ساعة. في حين سجلت البرازيل 24619 إصابة جديدة و847 حالة وفاة. أما الهند التي تعاني كارثة صحية حقيقية، فقد أحصت أكثر من 355 ألف إصابة، و 3438 حالة وفاة جديدة، الأمر الذي استدعى من رئيس الجمهورية اعتماد قرار الاستمرار في غلق كل الحدود، وتعليق كل الرحلات إلى أجل غير مسمى خلال اجتماع مجلس الأمن الأخيرة، خوفا من خطر كورونا المتحورة.