انتقل إلى رحمة الله، صباح اليوم، الفنان الكوميدي محمد حزيم، في المستشفى العسكري لوهران، الذي نقل إليه قبل ثلاثة أسابيع، بعد أن تدهورت حالته الصحية، وهو الذي كان يعاني منذ أكثر من عشر سنوات من أزمة في الجهاز النفسي وكذلك مرض في القلب. وذكر افراد عائلته أن الطواقم الطبية للمستشفى الذي أقام فيه قبل أن يفارق الحياة بذلوا كل جهودهم لإنقاذ حياته، إلا أن تعقيدات حالته الصحية لم تمكن جسمه من المقاومة. ويعتبر الفنان الراحل من بين أشهر الممثلين الكوميديين الجزائريين في العقود الأخيرة، حيث برز مع فرقة "بلا حدود" في العشرية السوداء، بتمثيلياتها الفكاهية التي أخرجها للتلفزيون الجزائري الفنان مصطفى لبيوض، معتمدا على مجموعة من الممثلين المغمورين من سكان حي ڤمبيطة الشعبي، وهم حزيم، مصطفى هيمون وحميد والراحل عباس. وقد نالت تلك السلسلة الفكاهية شهرة كبيرة، ومازالت إلى اليوم تعتبر من بين "المراجع" في سجلات الفكاهة الجزائرية الهادفة. ويفارق الفنان المحبوب محمد حزيم الحياة عن عمر ناهز 69 سنة، بعد أن قضى آخر سنوات عمره يقاوم الأمراض التي ألمت به، ومتاعب الحياة، بعد تقاعده من شركة سوناطراك التي اشتغل فيها، ولم تكن منحة تقاعده تتجاوز 20 ألف دينار، ما فرض عليه مواصلة العمل الفني لمجابهة متاعب الحياة والتكفل بأسرته. وقد واجه قبل خمس سنوات أيضا أزمة أثرت فيه كثيرا، عندما انهارت العمارة التي كان يقيم فيها في شارع "كاناستيل" بحي ڤمبيطة، بسبب الحفرة العميقة التي حفرها مقاول في قطعة أرض مجاورة لإنجاز ترقية عقارية. بدأ الفنان محمد حزيم مشواره في المسرح وعمرة لا يتجاوز 14 سنة في مدينة مسقط رأسه معسكر، ثم انضم في سبعينات القرن الماضي إلى الفرقة الشهيرة "مسرح العمل لوهران"، وبعدها أسس مع رفاقه مصطفى وحميد وأبناء حيه "ڤمبيطة" فرقة "بلا حدود" التي كانت من بين الفرق الفنية الجزائرية التي واصلت العطاء خلال سنوات المأساة التي عاشتها الجزائر، حيث جابت الفرقة عشرات المدن والقرى وقدمت تمثيلياتها في مسارحها ودور شبابها وغيرها من قاعات العرض كشكل من أشكال المقاومة. كما تنقلت الفرقة إلى مختلف بلدان العالم لتقديم عروضها للجالية الجزائرية المقيمة في الخارج، منها نيو يورك ونيو جيرسي وشيكاغو بالولايات المتحدةالأمريكية فضلا عن عشرات المدن الفرنسية. ووظف العديد من المخرجين القدرات الفنية لهذا الثلاثي في عديد الأعمال التلفزيونية منها سلسلة "ناس ملاح سيتي" و"الفهامة" وغيرها. وعندما بلغ المرحوم محمد حزيم سن الستين بدأت أزماته الصحية تظهر وتؤثر عليه، حيث خضع عدة مرات إلى عمليات جراحية في العشرية الأخيرة، كما أصيب بالعديد من النوبات الصحية استلزمت إقامات مطولة في مستشفيات وهران، سيدي بلعباس والجزائر العاصمة. وفي نهاية شهر فيفري الماضي، عاودته نوبة صحية عنيفة وهو في الجزائر العاصمة، حيث تم نقله إلى مستشفى مصطفى باشا في حالة استعجالية، قبل أن تقرر السلطات العمومية نقله إلى مستشفى وهران العسكري، في انتظار تحسن وضعه ليسمح له بنقله إلى الخارج. إلا أن القدر كان أسبق ليفارق الحياة صباح اليوم.