تسابق السلطات المختصة على مدار ثلاث سنوات، الزمن لاسترجاع الأموال التي نهبتها العصابات، سواء المتواجدة في السجن وحتى التي لا تزال في حالة فرار، وأضحت البلدان الأوروبية التي تروّج للشفافية أمام امتحان حقيقي لدعم جهود الجزائر في استرجاع أموال ضخمة هرّبها عشرات المتابعين في قضايا فساد. عبّر رئيس وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون القضائي في المجال الجنائي، لاديسلاف همران، عن استعداد هيئته والتزامها بتقديم كافة أشكال الدعم والمساعدة التقنية الضرورية للجهات القضائية الجزائرية في مجال التحريات، وتسهيل التواصل مع نظيراتها الأوروبية في معالجة الملفات ذات الصلة باسترداد الأموال والأصول المنهوبة من الجزائر. جاء ذلك في سياق المحادثات التي أجراها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مع الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، الذي أكد بدوره أن الاتحاد مستعدّ لدعم الجزائر في هذا المجال. ولا يوجد تقدير رسمي بحجم الأموال المهربة خلال عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، غير أن خبير تحدّثت إليه "الخبر" يرجّح أن عملية تحديد قيمة الأموال المنهوبة يعتمد على فاتورة الواردات التي يتم تبييض نسبة منها، وذلك من خلال تضخيم قيمتها، مع العلم أن قيمة فاتورة الواردات وصلت إلى حوالي 60 مليار دولار في سنة 2014 . وبالمقابل يرفض خبير آخر هذا المعيار لتحديد قيمة الأموال المنهوبة، وأكد في اتصال مع "الخبر "، " أن تحديد قيمة الأموال المنهوبة في الخارج لا يكون إلا من خلال إحصاء الأملاك العقارية والحسابات البنكية إذا توفرت المعلومات اللازمة حولها وإذا تم التصريح بها". ويرى ذات المصدر، أن الجزائر تسير في الطريق الصحيح لاسترجاع الأموال المنهوبة، ويبرز ذلك من خلال توفّر الإرادة السياسية التي يعكسها تعهّد والتزام السلطات العمومية. وعلى صعيد المواقف الدولية وخاصة التي عبّر عنها ممثل الاتحاد الأوروبي قبل يومين، يرى ذات المصدر أن "الإرادة السياسية وحدها لا تكفي، بل يجب أن يكون هناك تعاون قضائي، حيث أن الملف يحتاج لأحكام قضائية وتعاون قضائي. فقبل تقديم طلب استرجاع الأموال، يجب أن يكون هناك تجاوب أجنبي، من خلال تجميد الأموال المنهوبة حتى لا يتم التصرف فيها ولقطع الطريق أمام أي تعاون لتحويل أو لحماية هذه الأموال". وباشرت الجزائر قبل أكثر من ثلاث سنوات، اتصالات لاستعادة الأموال المهربة للخارج، أصدرت 224 مذكّرة قضائية وطلب تعاون وجّهتها إلى أكثر من 30 دولة لحصر ممتلكات وأموال وحجزها بغرض مصادرتها، وذلك بعد أن صادر القضاء خلال السنوات الثلاث نحو 20 مليار دولار من الممتلكات المنهوبة. وأكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في تصريحات صحفية قبل شهرين، وجود "تعاون كبير من قبل الدول الأوروبية التي عبّرت عن استعدادها للتحرّي وإعادة الأموال إلى الجزائر وفقًا للشروط القانونية، بما فيها عقارات وفنادق 5 نجوم". بدوره أكّد وزير العدل، عبد الرشيد طبي، خلال جلسة المصادقة على تعديل قانون الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، أن المبلغ ''أوّلي ومرشّح للارتفاع". وأفاد أن العمل جار على المستوى الخارجي لاسترجاع الأموال رغم تعقيدات العملية، مشيرًا إلى تنسيق في هذا الاتجاه يجري مع فرنسا والولايات المتحدة وإسبانيا وإيطاليا. وتبقى العملية متأخرة نسبيا في الخارج، خاصة وأن الجزء الأكبر من الأموال تم تهريبه خارج البلاد. وتبقى تحديات تسابق الجهات المعنية الزمن من أجل تحقيقه، وهو ما عبّرت عنه وزارة العدل، من خلال دعوة جميع الدول الأطراف في اتفاق الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، إلى تنفيذ التزاماتها الدولية وتسريع الإجراءات بغرض تسهيل استرداد الأموال المنهوبة.