أكد رئيس الدولة الصحراوية الديموقراطية ابراهيم غالي خلال اختتام اشغال الجامعة الصيفية لجامعة بودواو على توجهه بالشكر إلى كل القائمين على هذا المنبر الفكري التنويري المتجدد، من مشرفين ومنظمين ومسيرين. الشكر والعرفان إلى الجزائر عامة، بحكومتها وشعبها، ببرلمانها وأحزابها ومجتمعها المدني، بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون. الشكر والعرفان إلى اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، برئاسة رفيقنا الدكتور سعيد العياشي، على المبادرة الراقية والرعاية والمتابعة الدائمة لهذه التظاهرة التضامنية السنوية. الشكر إلى سلطات وسكان ولاية بومرداس المضيافة، إلى جامعة الشهيد محمد بوقرة، إلى كلية العلوم السياسية ببودواو، على كرم الضيافة وحسن الوفادة، إلى كل جنود الظل العاملين والساهرين على توفير هذه الظروف الرائعة التي مكنت من إنجاح هذه الطبعة الحادية عشرة. كما وجه تحية إلى كل الوفود الشقيقة والصديقة الممثلة للحكومات والبرلمانات والأحزاب والمنظمات والجمعيات والشخصيات من الجزائر الشقيقة ومن البلدان الصديقة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا والعالم. وأضاف في تصريحه بأن اختيار الجامعة لاسم الشهيد عبد الله لحبيب البلال، لا بد أن نتوقف وقفة ترحم وإجلال على روح هذا المناضل المقاتل الذي نذر روحه فداء لقضية شعبه العادلة، فظل متمسكاً بعهد الوفاء وما بدل تبديلاً، ومن خلاله كل شهداء القضية الوطنية، وفي مقدمتهم مفجر الثورة الشهيد الولي مصطفى والرئيس الشهيد محمد عبد العزيز. ولا يجب أن تفوت المناسبة دون أن الترجمة أيضاً بإجلال وتقدير على شهداء الجزائر البررة، الذين ضحوا من أجل الجزائر الحرة الكريمة، ولكن تضحياتهم وبطولاتهم كان لها الوقع الكاسح في كل أرجاء العالم، لأن الثورة الجزائرية ملهمة الثورات ورائدة الشعوب المكافحة التواقة إلى الحرية والاستقلال، وهوما كرس حقيقة أن الجزائر هي مكة للثوار وقِبلة للأحرار. هي إذن رسالة وفاء واستمرارية، يجسدها بجلاء شعار الجامعة؛ نصف قرن من الصمود، إصرار على فرض الوجود. فهذه الجامعة تنعقد في سنة تخليد الشعب الصحراوي للذكرى الخمسين لتأسيس تنظيمه الطلائعي، جبهة البوليساريو، واندلاع الكفاح المسلح ضد الوجود الاستعماري في الصحراء الغربية، بكل ما تحمله المناسبة من دلالات الاستماتة في المقاومة والكفاح، بكل السبل المشروعة، وعزم وإصرار على افتكاك النصر الحتمي، مهما اقتضى الأمر من زمن ومهما تطلب من تضحيات. كما أن هذه الطبعة من الجامعة الصيفية تنعقد في ظل ظروف وتطورات عديدة تشهدها القضية الوطنية الصحراوية، ولكن أيضاً المنطقة والعالم. فقد وجد الشعب الصحراوي نفسه مرة أخرى مضطراً إلى استئناف الكفاح المسلح، كوسيلة مشروعة، يكفلها ميثاق الأممالمتحدة للشعوب المستعمرة، بعد أن أقدمت دولة الاحتلال المغربي على الانتهاك السافر لاتفاق وقف إطلاق النار منذ 13 نوفمبر 2020. إن استئناف الكفاح المسلح، كقرار شعبي صحراوي، زكاه المؤتمر السادس عشر لجبهة البوليساريو، جاء رداً طبيعياً على إمعان دولة الاحتلال المغربي في تعنتها وممارساتها الوحشية في حق المدنيين الصحراويين العزل، ونهبها الممنهج للثروات الطبيعية الصحراوية، في ظل صمت مريب وتغاضيٍ مخجل، بل وتآمر مخزيٍ من بعض الأطراف على مستوى مجلس الأمن الدولي. وبالمناسبة، نجدد شديد الإدانة لما تتعرض له جماهير شعبنا في الأرض المحتلة وجنوب المغرب من ممارسات القمع والتنكيل والتضييق والحصار الخانق، ونطالب الأممالمتحدة بالتدخل الفوري لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ورفع هذا الحصار الجائر وإطلاق سراح أبطال ملحمة اقديم إيزيك وجميع الأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية. وهذه مناسبة للمطالبة بأن تتحمل الأممالمتحدة كامل مسؤليتها في الإسراع بتنفيذ التزامها بتصفية الأستعمار من آخر مستعمرة في إفريقيا، كما هو منصوص عليه في ميثاقها وقراراتها، وتمكين بعثة المينورسو من أداء مهمتها، حتى يتمتع الشعب الصحراوي بممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال، وفق خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991، الاتفاق الوحيد الذي حظي بتوقيع طرفي النزاع ومصادقة مجلس الأمن الدولي. كما نشدد على مسؤولية الاتحاد الإفريقي في وضع حد للانتهاك الصارخ من طرف المملكة المغربية لقانونه التأسيسي، وبالتالي إنهاء احتلالها العسكري اللاشرعي لأجزاء من تراب الجمهورية الصحراوية، العضو المؤسس في المنظمة القارية، القضاء على آخر مظهر من مظاهر الاستعمار في القارة الإفريقية. وأكد على أن الاتحاد الأوروبي ملزم بالامتثال لمقتضيات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في الصحراء الغربية، والاحترام الكامل لقرارات محكمة العدل الأوروبية التي أكدت بطلان أي اتفاق أوروبي مع المملكة المغربية يشمل الأجزاء المحتلة من الصحراء الغربية، براً وجواً ومياهاً إقليمية، باعتبارهما بلدين منفصلين ومتمايزين. وتحذر جبهة البوليساريو من مغبة اللجوء المخزي إلى التحايل على تلك المرجعيات القانونية الواضحة، والخضوع لسياسات الابتزاز ولوبيات الفساد وشراء الذمم التي تنتهجها دولة الاحتلال المغربي. من غير المعقول أن تخضع المؤسسات الأوروبية لمثل هذه الممارسات وتنجر إلى المشاركة في عملية قرصنة مكشوفة وسرقة مفضوحة لثروات شعب أعزل، ضحية احتلال عسكري مغربي لا شرعي. وشيد بالمواقف التضامنية الراسخة مع كفاح شعبنا في العالم وفي أوروبا وبشكل خاص في إسبانيا، وأكد تجديد إدانته للموقف الخياني، الداعم للسياسات العدوانية التوسعية المغربية، والذي اتخذه رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشث. كما أننا، بهذه المناسبة، ندعو الحكومة الإسبانية القادمة إلى مراجعة ذلك الموقف، بما ينسجم مع الشرعية الدولية ومع مسؤولية الدولة الإسبانية، القوة الاستعمارية المديرة في الصحراء الغربية، والتي لا تسقط بالتقادم، قانونياً، سياسياً وأخلاقياً، تجاه تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير والاستقلال. الأخوات والإخوة، بعد أن دأب الطرف الصحراوي على التحذير، منذ عقود، من المخاطر التي تهدد كامل المنطقة جراء السياسات العدوانية التوسعية لدولة الاحتلال المغربي، فقد تأكد اليوم، وبالملموس، هذا التوجه الخطير، ليس فقط من خلال دعم وتشجيع عصابات الجريمة المنظمة العابرة للحدود والجماعات الإرهابية، بما في ذلك عبر التدفق المتزايد لمخدارات المملكة المغربية، كأكبر منتج ومصدر لمخدر القنب الهندي في العالم، بل بإبرام التحالفات المشبوهة مع القوى الاستعمارية والتوسعية لتمرير أجنداتها التخريبية التي تضرب في الصميم السلم والأمن والاستقرار في كامل المنطقة. مضيفا أننا نسجل أنه بقدر ما تزداد مظاهر هذا الخطر المحدق، بقدر ما يزداد وعي شعوب المنطقة وإدراكها لتلك التحديات الماثلة. وإن الجمهورية الصحراوية التي تمد أيادي الأخوة والتعاون والتنسيق مع كل أشقائها وجيرانها، لعلى ثقة كاملة بأن هذه الشعوب والبلدان قادرة ومؤهلة ويجب أن تتحرك معاً، بمسؤولية وحزم وصرامة، لوضع حد لهذه المخططات التي ترمي إلى أبشع استغلال لمقدراتها وثرواتها، وفي الوقت نفسه الإمعان في سياسات التجهيل والتخلف والفقر والتجويع والحروب الأهلية والخراب والدمار. مرة أخرى لا يسعنا إلا أن نتوجه بآيات الشكر والتقدير والامتنان إلى الجزائر الشقيقة، حكومة وشعباً، على هذا الاحتضان الكريم الذي يجسد بالملموس قوة الموقف الجزائري الراسخ، الداعم بلا شروط ولا تحفظ لكفاح الشعب الصحراوي من أجل الحرية والاستقلال. إنه الموقف التاريخي المشهود الذي تتبناه الجزائر، ولا تخشى فيه لومة لائم، بكل وعي وقناعة ومسؤولية ووفاء لمبادئ ثورة الأول من نوفمبر المجيدة، وبكل انسجام مع الشرعية الدولية، المجسدة في ميثاق وقرارات الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي. فالجامعة الصيفية للإطارات الصحراوية أصبحت، مع مرور الزمن وتعدد طبعاتها، ملحمة تضامنية بامتياز، تجسد قبل كل شيء قوة ومتانة الروابط الأخوية المتجذرة بين الشعبين الشقيقين، الجزائري والصحراوي، وعلاقات التعاون والتحالف الأبدي بين البلدين الجارين، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والجمهمورية الصحراوية. لا بد من كلمة شكر خاص إلى كل أولئك الأساتذة والمفكرين والباحثين والمختصين الجزائريين الذين تجشموا عناء السفر وتحملوا معنا هذه الأيام، رغم الحرارة القاسية، وضحوا بوقتهم وعطلتهم، ليكونوا معنا ويقدموا، إلى جانب أشقائهم الصحراويين، ما تيسر من علم ومعرفة وعصارة التجارب والخبرات. وأشار الى تقدمه بالتهنئة إلى الإطارات الصحراوية على ما حظوا به من عناية واهتمام وفرصة استثنائية ليتلقوا دروس الفكر والمعرفة، على يد نخبة رائعة مقتدرة من خيرة الأساتذة الجزائريين، في كافة المجالات، الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية والدينية وغيرها. كل ذلك إضافة إلى البرامج والأنشطة المتنوعة الموازية، والتي مكنت إطاراتنا من الاطلاع عن كثب على تجربة الجزائر، وزيارة مؤسساتها ومرافقها ومواقعها الأثرية والتاريخية والتبادل الثقافي والتواصل مع النخب والمواطنين ووسائل الإعلام المختلفة. إنه ولا شك رصيد في غاية الأهمية على المستوى الشخصي ولكن، وأساساً، على مستوى تطوير الكفاءات والقدرات والخبرات لإطارات الدولة الصحراوية، وبالتالي وضعهم أمام واجب ومسؤولية العمل بكل تفان لتعزيز البناء المؤسساتي للدولة الصحراوية، والمساهمة الفاعلة في تحقيق مزيد من النجاحات للتجربة الصحراوية المتميزة، والتي تقرن ما بين واقعي الحرب التحريرية وبناء مؤسسات الدولة الصحراوية. ولكن الأمر لا يتوقف هنا، واستفادة الصحراويين من الجزائر تتجاوز المعارف والتكوين إلى استحضار القيم والمثل النبيلة السامية. الصحراويون يرون أنفسهم في الجزائريين، لأنهم يجسدون ما جبلوا عليه من أنفة وعزة نفس وكرامة ونخوة وشموخ ووطنية صادقة. الصحراويون يرون أنفسهم في الجزائريين لأنهم، كما قال السيد الرئيس عبد المجيد تبون، " ولدوا أحراراً وسيبقون أحراراً". فالصحراويون ولدوا أحراراً وسيبقون أحراراً، وسيتخلصون من واقع الغزو والاحتلال المغربي الغاشم. وعلى غرار الجزائريين، لن يركعوا ولن يستسلموا ولن يتنازلوا وسيمضون على درب الكفاح والوفاء لعهد الشهداء حتى بلوغ أهدافهم العادلة المشروعة في الحرية والاستقلال. الله يرحم الشهداء، تحيا الجزائر وتحيا الجمهورية الصحراوية عاش التضامن والتحالف بين الشعبين الجزائري والصحراوي.