رمى بعض الصحفيين التونسيين بقنبلة وسط الشارع الرياضي الجزائري عندما شككوا في مغزى الخيار الذي اتخذه اللاعب سفير تايدر بحمل ألوان المنتخب الجزائري عوض المنتخب التونسي، مشددين بأن «لاعب بولونيا الإيطالي تم إغراؤه بالمال الجزائري وليس بالمشروع الرياضي». كلام زملائنا التوانسة يجب أن نأخذه بحذر لأنه لا يستند إلى دليل مادي وإنما إلى تحليلات صحفيين يتابعون أخبار منتخب تونس عن كثب، لكنه بالمقابل يفتح لنا نافذة للتحدث عن مفعول المال في قلب مواقف «المغتربين» ولا سيما بعض المحترفين من ذوي الجنسيات المزدوجة، فما قالته الصحافة التونسية ليس كله خاطئا وما عاشه المنتخب الوطني في السنوات الأربع الأخيرة مؤشر على أن للمال دور حقيقي في خيارات العديد من المحترفين، وليس خيار القلب مثلما يصرحون لوسائل الإعلام. وقد يظن البعض بأن الاتحادية الكروية تمنح أجورا مباشرة للاعبين الدوليين، لكن القانون يمنع ذلك وبالتالي فإن بعض المحترفين لا يستلمون منحا وأجورا من الفاف بل يسعى هؤلاء المغتربون لاستغلال صورتهم الرياضية لدى بعض الممولين والسبونسور النشطين في مجال كرة القدم الجزائرية للظفر بعقود إشهار ضخمة تضمن لتايدر ومبولحي وبراهيمي وبلفوضيل ورفقائهم مداخيل سنوية تفوق حتما أجورهم في نواديهم بأوروبا. وكان المنتخب الوطني قد عرف صراعات قبيل وخلال مونديال جنوب إفريقيا بين اللاعبين والطاقم الفني آنذاك حول عقود الإشهار إلى درجة أن لاعبا دوليا منع من إبرام عقد مع منتج للحليب ومشتقاته، وآخر مع منتج للمشروبات الغازية وثالث مع شركة للهاتف النقال بسبب العقد الحصري للفاف مع منافسين لهؤلاء المنتجين الاقتصاديين . وكان زياني، بوڤرة، مغني، مطمور، يبدة، منصوري وعنتر يحىى قد استفادوا من مداخيل إشهارية كبيرة أكثر من زملائهم الآخرين، مما جعلهم يطرحون أسئلة وجيهة: «من يختار اللاعبين الذين يتعاقدون مع السبونسور وكيف يحدد المبلغ ولماذا نادرا ما نشاهد لاعبينا المحليين في صفقات الإشهار الذي أضحى محتكرا من قبل المحترفين؟» . واليوم نسمع بأن أجرة مبولحي في ناديه الفرنسي يتحملها سبونسور جزائري أبرم معه عقدا حتى نهاية ماي لا يقل عن 20 ألف أورو شهريا في الوقت الذي ينتظر فيه أن يصور براهيمي وبلفوضيل وتايدر ومضات إشهارية جديدة هذه الصائفة مقدارها 100 ألف أورو سنويا لكل واحد منهم، وهي مبالغ لا يستهان بها للاعبين يتقاضون 10 آلاف أورو صافية شهريا في فرقهم وتخضع لضرائب صارمة، و كل هذا يعني بالمختصر المفيد أن الالتحاق بالمنتخب الجزائري يمنح لهؤلاء اللاعبين فرصة إبرام صفقات مالية هامة لا يجدونها لا في فرنسا ولا في تونس ولا في إسبانيا، وبالتالي فإن من يقول بأنه اختار اللعب للجزائر تلبية لنداء القلب قد يكون كاذبا لأنه في الحقيقة يخفي ما «يسيل لعابه» والفاهم يفهم.