تسبب الفرانكو جزائري محمد بلقاسمي الإطار بالاتحادية الفرنسية لكرة القدم في تفجير إحدى أكبر الفضائح على مستوى الكرة الفرنسية لا تقل في تبعاتها عن فضيحة برنار طابي مطلع التسعينات عندما اتهم بترتيب مواجهة نادي فالانسيان لحساب فريقه أولمبيك مرسيليا، بعدما سرب محضر اجتماع الدوري الذي عقد شهر نوفمبر من السنة الماضية والذي تضمن عزم أكبر هيئة كروية فرنسية، بقيادة مديرها الفني فرانسوا بلاكار تخصيص حصص لا تزيد عن 30 بالمائة للشباب المنحدر من أصول إفريقية ومغاربية، في إجراء عنصري ظاهره محاولة الحفاظ على خريجي المدارس التكوينية من الشباب مزدوج الجنسية، وباطنه سياسي بحت يعكس مستجدات الساحة السياسية الفرنسية منذ قدوم الرئيس ساركوزي، وتصاعد أسهم أحزاب اليمين واليمين المتطرف الذي يرفض تواجد العرب والمسلمين على الأراضي الفرنسية. خيرة مزدوجي الجنسية تحت تصرف بلان وبودبوز وبلهندة حالة شاذة رغم أن المسؤولين الفرنسيين حاولوا ذر الرماد في العيون بوضع المنتخب الفرنسي في خانة الضحية، كون عديد خريجي المدارس الفرنسية من العناصر مزدوجة الجنسية تدير ظهرها لقميص الديكة بعد وصولها لسن النضج وتختار الدفاع عن منتخب الأجداد مستفيدة من قوانين الفيفا وخاصة قانون الباهاماس المصادق عليه سنة 2009 وأبرز هؤلاء اللاعبين نجم الخضر رياض بودبوز واللاعب المغربي المتألق يونس بلهندة، إلا أن التركيبة البشرية لتعداد كتيبة المدرب لوران بلان يظهر بشكل جلي أن الحديث عن سلبٍ للحقوق الفرنسية ما هي إلا أعذار واهية كون خيرة خريجي المدارس الفرنسية من العناصر الفرنسية مازالت تواصل اللعب للمنتخب الفرنسي وما تواجد كل من بن زيمة، ناصري، بن عرفة، الو ديارا، إيفرا، عادل رامي لخير دليل على ذلك. طرح بلاكار يعكس النية السياسية لفرنسا ساركوزي أجمعت العديد من الشخصيات الفاعلة في عالم الكرة الفرنسية أن طرح المدير الفني المجمدة مهامه بلاكار غير بريء وينطوي عن أمور غير رياضية لها علاقة بمستجدات الساحة السياسية الفرنسية التي أخذت أبعادا جديدة منذ وصول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى سدة الحكم، وعدائه المتصاعد للأجانب وخاصة ذوي الأصول الإفريقية والعربية، فبعدما حضر وزير الداخلية في عهد جاك شيراك لوصوله إلى قصر الإليزي عبر أطروحات اليمين المتطرف ولعب على وتر ملف الأمن القومي الحساس بالنسبة للفرنسيين، يريد ساسة فرنسا تبني مرة أخرى خطاب اليمينيين الذين تصاعدت أسهمهم بشكل كبير خاصة بعد النتائج الأخيرة التي حققتها مارين نجلة جون ماري لوبان في الانتخابات الأخيرة وكذا نتائج سبر الآراء في فرنسا التي تشهد تبني عدد كبير من الفرنسيين لخطاب زعماء اليمين واليمين المتطرف المعروفين بعدم تقبل الأجانب وسط المجتمع الفرنسي، حيث حصلت مارين لوبان على نسبة تثير المخاوف في بلد يضم حوالي 5 ملايين مغاربي. نظام الحصص عنصري وعقابي تحت قالب حماية حق فرنسا فشل فرنسا في منع المصادقة على قانون الباهاماس الذي تبناه محمد روراوة وناضل من أجله بمساعدة بن همام وكذا رئيس الاتحاد المصري زاهر، جعلها تلجأ إلى أساليب عنصرية، لا تمد بصلة إلى القيم المثالية لرياضة كرة القدم، في إجراء يهدف إلى معاقبة الجيل القادم من أبناء الفرنسيين ذوي الأصول الأجنبية وخاصة الإفريقية، ومنعهم من احتراف كرة القدم التي تبقى المخرج الوحيد في ظل التهميش لاندماج هذه الشريحة الواسعة التي أصبحت رقما مهما في معادلة نسيج المجتمع الفرنسي الهجين، كما أن محاولة الاتحادية الفرنسية حماية مصالحها من إفرازات قانون الباهامس ما هو إلا ادعاء تحاول به تغطية التوجه العنصري كون أفضل خريجي المدارس الفرنسية مازالوا يدافعون عن ألوان المنتخب الفرنسي، رغم أن بلاكار اتخذ سببا موضوعيا لمحاولة تمرير هذا القانون العنصري كون 50% من تعداد المنتخبات الشبانية الفرنسية تنحدر من أصول إفريقية ومغاربية. قانون الباهاماس لم يسلب حق الديكة، وفرنسا أرادت الاستفادة منه بعد مرور عامين من دخول قانون الباهامس حيز التنفيد وبإجراء تقييم إحصائي صغير يتبين أن تخوفات الفرنسيين من "هروب" العناصر مزدوجة الجنسية ما هو إلا حجة واهية كون مجمل العناصر التي تكونت في مدارس الكرة الفرنسية، واستفادت من قانون الباهاماس في حمل ألوان منتخب بلد الأجداد تصنف في خانة لاعبي الدرجة الثانية، الذين وبغض النظر عن تلبيتهم لنداء القلب، وارتباطهم ببلدهم الأصلي لا يملكون حظوظ التواجد ضمن المنتخب الأول الفرنسي، إضافة إلى أن الاستشهاد بحالة الجزائري بودبوز أو المغربي بلهندة لا يمكن تصنيفه سوى في خانة الحالات الشاذة والفردية، إضافة إلى أن الفرنسيين حاولوا الاستثمار فيه وإقناع اللاعب الأرجنتيني ايغواين بالانضمام إلى المنتخب الفرنسي.