لا يستطيع أحد أن ينكر الدور الكبير الذي لعبه الإعلامي السوري في قناة ال» أم بي سي» مصطفى الآغا خلال الأزمة الأخيرة بين الجزائر ومصر في التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم الماضية، حيث كانت حصة «صدى الملاعب» التي يقدمها قبلة لكل العرب وبالأخص الجزائريين الذين كانوا يجدونها متنفسا لهم للرد على الهجمات التي شنها أشباه الإعلاميين وأبواق الفتنة في مصر خدمة لمصالح بعض الأطراف التي لم تعمر طويلا بعد تلك الفترة وانكشفت ألاعيبهم فأصبحوا المنبوذين رقم واحد في مصر ومعهم هذه الفئة من الإعلاميين الذين فقدوا مصداقيتهم بسبب تهجمهم على الجزائريين، وعن تلك الفترة يتحدث مصطفى الآغا ل»الخبر الرياضي» كما يجيب عن الكثير من الأسئلة التي واجهناه بها باعتباره ضيفنا اليوم في ركن «خارج الملاعب». في البداية، كمواطن سوري كيف تنظر لما يحدث الآن في بلدك من أحداث؟ أولا الرياضة جزء من المجتمع تتفاعل معه وتنفعل مع تغيراته، وما يحدث في سوريا بدأ كحراك طبيعي ومطالب مشروعة، ولكن البعض استغل هذه المطالب واحتجاجات الشباب ليلعب على الوتر الطائفي البغيض والذي جعل الشعب كله يقف صفا واحدا ضد الفتنة، ففي سوريا كما تعلمون توجد 18 طائفة وهي تتعايش مع بعضها منذ مئات السنين بكل وئام ومحبة والطائفية خط أحمر لايمكن المساس به والعبث على أوتاره، والرئيس السوري تكلم مع شعبه وقال إن من ماتوا في درعا هم شهداء وقال إن مطالب الناس مشروعة ووعد بأن الحلول لن تطول علما أن الشعب عندما خرج بعضه إلى الشارع لم يطالب أبدا بإسقاط القيادة أو الرئيس، وكل ما نتمناه أن يكون ماحدث جرس انذار جدي للجميع قيادة وشعبا أن يقفوا صفا واحدا كما تعودنا، لأن من يحمي القائد هو الشعب ولا أحد سواه حتى لو تكالبت عليه الدنيا كلها. في رأيك ماذا حدث للمنتخب المصري صاحب ثلاث بطولات قارية في سابقة لم تتكرر في العالم ثم يهوي إلى هذا المستوى لدرجة اقترابه من عدم التأهل لأول مرة في تاريخه إلى كأس الأمم الإفريقية في غينيا والغابون؟ ما حدث، هو أن المنتخب المصري بدأ بالسقوط أمام سيراليون وأعتقد أنه تكبر على هذا المنتخب وهو المتوج بطلا للقارة 7 مرات منها آخر 3 مرات متتالية، ولكن كلنا نعرف أنه لا كبير في عالم الكرة، وهو من تأخر أولا أمام سيراليون ثم جاءت الضربة الكبيرة أمام النيجر رغم أن حسن شحاتة يقول إن الحظ عاند المنتخب، وأما أمام جنوب إفريقيا كان الحظ عاثرا فعلا ولكن النتيجة هي التي تتحدث عن نفسها واعتقد أن ظروف هذه المباراة تحديدا قد تكون مختلفة جدا نظرا لتغير كل الظروف المحيطة بالمنتخب وتغير النظام وعدم التدريب، ولكن يبقى الأمل أن يتأهل الفراعنة حتى لو من الباب الضيق. المنتخب الجزائري تنتظره مباراة هامة ضد شقيقه المغربي من ترشحه للفوز في هذه المباراة؟ الروح الرياضية العالية هي التي ستتغلب في هذه المباراة كما تغلبت عليها من قبل في عنابة وشاهدنا الجزائريين والمغاربة في مدرجات واحدة رغم أهمية اللقاء. هل تتصور أحداثا مماثلة للتي تلت مباراة الجزائر ومصر والضجة الإعلامية التي تبعتها؟ لا أبدا لا أعتقد ذلك لأن الشعبين الجزائري والمغربي تربطهما علاقات قوية ومتينة ولن تفسدها كرة القدم، وحتى الأشقاء المصريون أنا متأكد بأن الشارع كان ضد تلك الحملة الخبيثة التي مست كرامة الجزائريين ولو يتقابل المنتخبان مستقبلا ألف مرة لن تتكرر مثل تلك الأحداث وهناك أمر آخر.. ما هو؟ الرياضة في العالم الغربي تقرب الشعوب أما في الوطن العربي يكون العكس فهي وسيلة لتفريق الشعوب وظهر ذلك في مواجهات عربية عديدة أبرزها مباراة مصر والجزائر. في رأي الآغا الخاص ما السبب فيما جرى بين الجزائر ومصر؟ ( تنهد مطولا) أولا خلال أحداث مباريات مصر والجزائر ( صدقني خسرت 10 كيلوغرام من وزني) وكانت من أصعب الأيام في حياتي ولكننا في «صدى الملاعب» حاولنا تخفيف الاحتقان ووضعنا بلسما على الجراح لا أملاحا لنزيدها كما فعل البعض، وأعتقد أن ما حدث من تبعات لم تكن خلفياته رياضية فقط فهناك من وضع السم في الدسم وحاول تضخيم الأمور لأنها في النهاية مجرد مباراة ونفتخر أننا حصلنا على جائزة أفضل برنامج رياضي عام 2010 من الطرفين المصري والجزائري وأنا كل يوم أقول لزملائي الإعلاميين « اتقوا الله فيما تقولون « ولا تحاولوا أن تجلبوا المشاهد عن طريق الإثارة الرخيصة وخذوا صدى الملاعب كمثال على النجاح بدون إثارة وتلفيق وشتائم وصراخ وعويل ... فشعوبنا العربية لديها من الحساسيات والمشاكل الداخلية مايكفيها ولديها من الهزائم النفسية والسياسية مايكفيها فلا تصبوا الزيت على النار وتجلعوا الرياضة متنفسا للغضب العربي الكامن في النفوس. يقال إن الاقتصاد الرياضي في العالم قوي لأن الرياضة في أوربا تتعامل على أنها علم بخلاف الذي عندنا، فهل هذا حقيقي؟ وإلى متى ستبقى الدول العربية تتعامل مع الرياضة بشكل معاكس؟ .. وما الحل ؟ للأسف الرياضة ليست كيمياء نووية ولكننا في العالم العربي نصر ونلح على أن تدخل البيروقراطية والأصابع الحكومية والحزبية والنفوذ السياسي وكل البلاوي المتلتلة في الرياضة فنخرج بخليط غير متجانس ندعوه الاحتراف المنقوص والذي يعاني من كل أمراض الدنيا وأعتقد أننا يجب أن لا نكذب على أنفسنا أولا، وثانيا أن نتعامل مع الرياضة على أنها قطاع منتج ومربح ويستطيع الوقوف على رجليه دون تدخل حكومي كما يحدث في الغرب. هل مصطفى الآغا راض عن الرياضة العربية، وماذا قدم برنامجه لها؟ بالتأكيد لست راضيا عن الرياضة العربية التي نال سباح أمريكي واحد أكثر مما نالته 22 دولة منها شاركت في أولمبياد بكين .. وخسارة الملايين والمليارات التي نصرفها على الملاعب والمنشآت والصحف والمجلات والفضائيات والمعسكرات كلها لنخرج مجتمعين بحصيلة تقل عن حصيلة رجل بمفرده أو امرأة لوحدها ونحن 400 مليون ولدينا ثلاثة أرباع ثروات الكرة الأرضية، أما ماذا قدمنا للرياضة العربية فأعتقد أن الجوائز العربية والتكريمات من المحيط للخليج تتحدث نيابة عنا، اختيارنا أفضل برنامج عربي في السنوات الخمس الأخيرة وفي خمسة استفتاءات متتالية ... لماذا؟؟؟ لأننا البرنامج الوحيد الذي يتحدث عن الرياضة من موريتانيا للبحرين ومن فلسطين للسودان وجزر القمر ولأننا نرى في الرياضة جسورا للتواصل لا معاول للهدم والتفرقة ولأننا نعمل بمهنية وحرفية ولدينا كوادر وضيوف على مستوى راق ونقدم البرنامج العربي الوحيد سبعة أيام في الأسبوع. اسمح لي أن أقول لك إنك لا تختلف كثيرا عن مقدمي البرامج الرياضية في الإثارة من أجل المعلِن، فهل أصبحت المنابر الإعلامية الرياضية وجهة للتعصب من أجل المعلن الذي يأتي بالإعلانات ؟ واسمح لي أن اختلف معك وأرفض هذا السؤال ولك أن تعتمد على إجابتي السابقة ولو عندك ما يعارض كلامي فهات دليلك... لماذا لا يتحلى مقدمو البرامج الرياضية بالروح الرياضة في رأيك؟ لأن الحقوق باتت باهظة الثمن وبالتالي صارت برامج «التوك شو» – الحماسية- هي المنفس والمنفذ الوحيد وبدون كلفة انتاجية نهائيا وبالتالي لابد من الإثارة و»قلة الأدب أحيانا « لجذب الجماهير وهو ما نرفضه جملة وتفصيلا عندنا ولكن يبدو أن بعض المقدمين الرياضيين باتوا من أصحاب الملايين نظرا لشغف المحطات الفضائية بجذب الجمهور وبالتالي صار الكل يبحث عن الجمهور بطريقة الغاية تبرر الوسيلة . هل الآغا يتمتع بروح رياضية كمقدم برنامج؟ إذا كنت تأكل جبنة «لافاش كيري»أو «البقرة الضاحكة» فستعرف ما أقصد قوله عندما يشبهني البعض بهذه البقرة الضحوك وكنت انزعج كثيرا «بكل روح رياضية» لأنني لست بقرة وربما لو قالوا الثور الضاحك لما زعلت طبعا... روحي رياضية وأنا المقدم الوحيد في الكرة الأرضية الذي يقرأ رسائل الشتم الموجهة له ومنها مثلا أنني المذيع الأسوأ والأتفه والأحقر وأن أنفي سبب هزائم العرب لأنني أؤمن بالديموقراطية فعلا وليس قولا فقط. من وجهة نظرك ماذا تعني الروح الرياضة لك كمقدم؟ الروح الرياضية برأيي هي أن نتقبل الآخر وأن لا نفرض رأينا على الآخرين وأن نحترم عقل ووقت وفكر المشاهدين كما لا نلعب على الوتر الشخصي وبأجندات خفية ومعلنة فالإعلام رسالة وليس حربا على الآخرين. عملت في محطات عربية كثيرة آخرها «أم بي سي « لو سألتك أي محطة توقفت عندها كثيرا وخرجت منها بخبرات عديدة؟ الأكيد أفتخر بمدرسة التلفزيون السوري الذي تعلمت فيه ألف باء الإعلام وبالطبع شاشة كل العرب ال» أم بي سي «التي أصفها دائما بالأحلى والأجمل والأكمل والأمثل. لماذا دائما يقال إن الإعلام الرياضي العالمي متفوق بمراحل عن الإعلام العربي والبرامج الرياضية؟ وإن صح ذلك، ففي رأيك ما هي المعوقات التي تجعلنا في ذيل القائمة ؟ الحقيقة أن الإعلام الأوروبي والأمريكي متفوق علينا بسنوات ضوئية واستثني (الجزيرة الرياضية والأم بي سي) وأنا أتحدث عن التقنيات والتقديم والتعليق والحرفية والغرافيكس والحيادية في التحليل، وما يجعلنا متأخرين هو دخول كل من هب ودب في الوسط الإعلامي الرياضي ولا اعتقد أن من يتألق في الملاعب يصلح بالضرورة لكي يقدم برنامجا رياضيا أو يقود الرأي العام الرياضي وبالطبع هناك من يتألقون في الملاعب وخارجها في الميادين الإعلامية ولكن التعميم هو الذي يجعلنا نسقط وأيضا انعدام الشفافية والحيادية لدى الكثير. مَن مِن المعلقين الرياضيين يفضله الآغا وما أهم مميزاته في رأيك؟ بالتأكيد زميلي الأستاذ أشرف محمود يأتي في مقدمتهم لأنه يمتلك كل شئ من الخامة للحيادية إلى المهنية العالية ومنهم أيضا حفيظ دراجي ويوسف سيف وعصام الشوالي. ما رأيك في البرامج الرياضية التي تقدم عبر الفضائيات، وما الذي يلفت نظر الآغا منها؟ أي برنامج فيه صراخ ويعتمد على الإثارة لا أتابعه ومن النادر أن أجد برنامجا عربيا بمعنى عربي، أي إن البرامج المصرية تتكلم عن مصر والجزائرية عن الجزائر والسعودية عن السعودية وفي القنوات المتخصصة تندر البرامج التي تتوجه لكل العرب. لماذا يفشل اللاعب العربي في الاحتراف بالخارج أو لا يستطيع أن يكمل مشواره الاحترافي؟ أعترض على هذا التعميم فلدينا نماذج عربية مشرفة لمحترفين بصموا في التاريخ ومنهم مثلا رابح ماجر ومروان الشماخ ومجيد بوقرة ومحمد زيدان وهاني رمزي ومحمد المحمدي ومنير الحمداوي وعادل تعرابت وعشرات غيرهم ولا ننسى أن زيدان وسامي خضيرة وبن زيمة وسمير نصري أصلهم عربي ولكن الظروف التي وجدوا فيها ساعدتهم على إبراز مواهبهم، على العكس من مجتمعاتنا وظروفنا فنحن لم نتعود أساسا على النظام في حياتنا والاحتراف أساسه وعماده النظام الصارم. كنا دائما نشاهدك تستضيف فنانين، فما هي علاقة برنامجك الرياضي مع أهل الفن، أهو مجرد شو إعلامي كما تقولون ؟ الفنان جزء من المجتمع وإبعاده عن الرياضة هو الخطأ وليس العكس وكنت شخصيا موجودا في مصر في نهائيات كأس إفريقيا 2006 وكان لأغنية نانسي عجرم مثلا «أنا مصري وأبويا مصري» أكبر الأثر في تجييش الناس ومشاعرهم واللاعبين ولا أنسى وجود محمد فؤاد وإيهاب توفيق وعشرات آخرين من الفنانين في المدرجات وأتذكر أن عشرات الفنانين تواجدوا في أم درمان مع المنتخب فهل نستطيع أن نقول إنهم ليس لهم علاقة بالرياضة؟؟؟؟ لكنك حصرت هنا الفنانين المصريين فأين بقية الفنانين الآخرين من العرب؟ يا أخي لكل شعب عاداته وتقاليده فأنا أعلم بأن المدرجات الجزائرية تخلو من الجنس اللطيف وفكرة إدماج هذه الشريحة من المجتمع لم تنجح في مباراة الجزائر وصربيا، فهناك شعوب تتقبل فكرة الاختلاط في الملاعب وشعوب أخرى لا تتقبلها ولكل حريته. عشرة أعوام متواصلة يفوز الآغا فيها بلقب أفضل إعلامي عربي، كيف يكون استعدادك للحلقة؟ بمعنى كيف تجهز وتذاكر للحلقة؟ ضرة زوجتي وأم أولادي هي «صدى الملاعب» .. حياتي صدى الملاعب وأنا شخصيا أرد على أسئلتكم قبل البرنامج ب21 دقيقة فأنا أعمل ليل نهار وليس سهلا أن تقدم للعالم وأكثر من مائة مليون متفرج يوميا برنامجا مدته ساعة يتحدث عن كل العرب. كيف تتعامل مع المنتقدين أو المعارضين لك ولبرنامجك أو مع المشاهد عموما؟ أتقبل أي نقد يصدر من أي كان، شرط أن لا يكون النقد موجها لشكلي وأنفي وطولي وجنسيتي فمن يريد أن يحكم فليحكم على عملي فقط. من هو الفريق المفضل للآغا محليا عربيا وعالميا؟ في سوريا الجيش السوري، وعربيا أحب الأهلي المصري، وعالميا تشلسي الإنجليزي. شكرا على إجاباتك