واصلت عجلة كأس أمم إفريقيا دورانها لتحط الرحال في نسختها التاسعة في بلاد الفراعنة من جديد سنة 1974، رغم خروج مصر قبل عام من ذلك من حرب أكتوبر التي شارك فيها عدد من البلدان العربية ضد الكيان الصهيوني، لكن المصريين أصروا على تنظيم البطولة ووعدوا بإنجاحها، حيث خصص البلد المنظم أربعة ملاعب لاحتضان الدورة، غير أن البطولة لم تحظ بقبول الجماهير المصرية التي قاطعتها، كون البلد شهد أحداثا مؤلمة محليا. حادثة ملعب الزماك أفسدت العرس الإفريقي لم تكترث الجماهير المصرية بالدورة التي أقيمت على أرض الفراعنة، بقدر تأثرها الكبير والحزن الشديد الذي ألم بها في واقعة ملعب الزمالك، الذي شهد حادثا مريعا قبل 10 أيام من بداية البطولة، تمثلت في سقوط منصته الشرفية الأمر الذي تسبب في وفات 50 مناصرا “زملكاوي”، ما أدخل البلاد بأكملها في حداد وحتم على لجنة التنظيم الإقرار بإجراء المباريات من دون الجماهير، لكن عرفت مواجهات المنتخب المصري والدور النهائي حضورا استثنائيا غير معتبر من بعض المشجعين. تصفيات الدورة لم تعرف مفاجآت كبيرة لم تشهد تصفيات بطولة كأس أمم إفريقيا 1974 أي تغيير أو مفاجآت كبيرة، سوى زيادة في عدد البلدان المشاركة الذي وصل هذه المرة 27 منتخبا، حيث أقيمت التصفيات من خلال ثلاث دورات (الدور التمهيدي، الدور الأول، الدور الثاني)، وبنظام خروج المهزوم من مبارتين (ذهاب وإياب)، أين اقتطعت ستة منتخبات التأشيرات المؤهلة لدورة 1974 وهي أوغندا، كوت ديفوار، زائير، غينيا، بالإضافة إلى تسجيل اسم بلدين جديدين في تاريخ المشاركات للبطولة القارية، وهما منتخبا زامبيا وموريشيوس، وتنضم بذلك هذه الدول لكل من مصر البلد المنظم وكونغو برازافيل حامل لقب نسخة 1972. مصر تزعمت مجموعتها وتأهلت رفقة زامبيا إلى نصف النهائي أفضت قرعة الدور النهائي لكأس إفريقيا للأمم التي أقيمت سنة 1974، بوقوع مصر في المجموعة الأولى مع كل من أوغندا، كوت ديفوار بالإضافة لمنتخب زامبيا، هذا الأخير كان مفاجأة هذه المجموعة، حيث تأهلت “الرصاصات النحاسية” على حساب منتخبين يملكان خبرة في هذه البطولة وهما “الفيل الإيفواري، و الرافعة الأوغندية”، أين فاز المنتخب الزامبي عليهما وبنفس النتيجة هدفا دون رد، وتأهل إلى الدور نصف النهائي رفقة الفراعنة الذين تزعموا مجموعتهم بتحقيقهم الفوز في جميع مباريات الدور الأول. الكونغو والزائير يتأهلان للدور ما قبل الأخير دون عناء لم يكن تأهل حامل اللقب منتخب جمهورية الكونغو إلى الدور ما قبل النهائي صعبا، كونه لم يجد منافسة قوية في مجموعته من طرف كل من منتخبي غينيا والموريشيوس، كما أن منتخب “الشياطين الحمر” كان مرشحا مع “فهود الزائير” للظهور بقوة في المجموعة الثانية من طرف متتبعي الساحرة المستديرة، ولعل أبرز دليل على هذا هو تصدر حامل اللقب للمجموعة برصيد 5 نقاط من فوزين وتعادل، والزائير للمركز الثاني بعد أن جمع أربع نقاط من فوزين، جاء كلاهما على كل من منتخبي موريشيوس والكونغو. الدورة شهدت مشاركة أضعف منتخب في تاريخ البطولة عرفت الدورة التاسعة من كأس إفريقيا للأمم مشاركة أضعف منتخب في تاريخ البطولة، وهو منتخب موريشيوس، حيث قدم أسوأ مستوى في هذه البطولة، والتي كانت أول وآخر بطولة يشارك فيها هذا المنتخب في الكأس القارية، حيث دائما ما كان يسجل حضوره في التصفيات المؤهلة لكنه لطالما يخرج من معظمها في الدور التمهيدي، يذكر أن موريشيوس هي دولة عبارة عن جزر تتوسط المحيط الهندي وتبعد عن أقرب دولة إفريقية مدغشقر بحوالي 800 كيلومتر. الزائير أطاحت بصاحب الأرض وزامبيا هزمت الكونغو ليتأهلا معا للمباراة النهائية شهد الدور نصف النهائي من البطولة مفاجأة من العيار الثقيل تمثلت بخروج كل من صاحب الأرض وحامل اللقب من هذا الدور، حيث جمعت المواجهة الأولى منتخب الفراعنة بنظيره “فهود الزائير”، الذي هزمه بثلاثة أهداف مقابل هدفين في المباراة التي احتضنها ملعب القاهرة، أما المواجهة الثانية التي شهدها ملعب الإسكندرية فقد حسمها منتخب زامبيا صاحب المفاجأة في هذه الدورة أمام حامل اللقب منتخب جمهورية الكونغو بنتيجة أربعة أهداف مقابل هدفين في مباراة دامت إلى غاية وقتها الإضافي. منشطا نهائي عام 1974 أجبرا على إعادة اللقاء بعد تعادلهما التقى منتخب الزائير بنظيره الزامبي في المواجهة النهائية التي أقيمت على ملعب القاهرة وسط حضور جماهيري بلغ ألف متفرج تقريبا في ال12 مارس عام 1974، وانتهت المباراة في الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل الإيجابي بين المنتخبين بهدفين لمثله، ليقرر الاتحاد الإفريقي إعادة اللقاء بعد يومين على الملعب ذاته. مولامبا نداي يتألق ويمنح اللقب للزائير في اللقاء المعاد بحسب نظام البطولة تم إعادة المباراة النهائية بعد يومين وشهدت أضعف حضور جماهيري في تاريخ المنافسة، توج من خلالها منتخب الزائير بكأس إفريقيا للأمم للمرة الثانية في تاريخه بفوزه بنتيجة هدفين دون رد، وقد ظهر بطل نسخة 1974 بشكل مختلف تماما عن المواجهة الأولى مستفيدا من الإرهاق الذي لحق بالمنتخب الزامبي بعد أن خاض هذا الأخير مبارتين متتاليتين بوقتهما الإضافي، وسجل ثنائية منتخب الفهود الكونغولية نجم المباراة مولامبا نداي. ..ويتوج بلقب هداف الدورة التاريخي برصيد تسعة أهداف توج الفهد نداي في هذه البطولة التي شهدت هدافا أسطوريا من خلال تحطيمه للرقم القياسي في الأهداف المسجلة خلال دورة واحدة، حيث وقع تسعة أهداف كاملة أربعة منها كانت في مواجهتي المباراة النهائية، ولغاية اليوم لا يزال النجم السابق لمنتخب الزائير مولامبا نداي يحمل هذا اللقب، والذي ربما ستعرف الدورة ال29 من الكأس القارية القادمة تحطيم رقمه.