لم يعد الحديث اليوم منصبا على تحرير فلسطين أو عودة اللاجئين أو استعادة الأراضي المحتلة سنة 1967، بقدر ما أصبح حول قبول يهودية الدولة الاسرائيلية وما يعنيه ذلك من أخطار ليس على الشعب الفلسطيني وحده بل على شعوب الأمة العربية وخاصة دول الجوار منها. والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو هل يملك الفلسطينيون أن يرفضوا يهودية دولة إسرائيل؟ وبأية إمكانيات يمكنهم منع تنفيذ مثل هذا المسعى؟ الجواب لا أظن أن أحدا يملكه في ظل ما يجري بالأراضي المحتلة وفي الجوار القريب والبعيد، حيث لم تعد أية جهة تهتم بالقضية المصيرية لشعب تسلب هويته تدريجيا بعد استلاب أرضه بالمفاوضات أكثر مما استولي عليها بالسلاح. إن فكرة يهودية دولة اسرائيل ليست وليدة اليوم -علم ذلك من علمه وجهله من جهله- بل هي متزامنة مع فكرة تأسيس هذا الكيان بدوافع عقائدية، وبنبوءات تعمل الصهيونية المسيحية قبل الدولة العبرية على تجسيدها على أرض فلسطين كل فلسطين. وللأسف الشديد فإن الوضع السائد في الوطن العربي يشجع على إقدام إسرائيل ومن يدعمها عسكريا وسياسيا وعقائديا على تنفيذ مشروعها النهائي الذي بدأت إرهاصاته تتجلى في الخطوات التي تستهدف اليوم المسجد الأقصى لاستبداله بالهيكل المزعوم المتوج ليهودية الدولة الإسرائيلية ويكون رمزها الديني. فهل من استفاقة عربية وإسلامية وغير إسلامية للدفاع عن المقدسات وإحقاق الحقوق وإبطال الباطل؟