مثلما حدث في نهائي 86 لما فازت الأرجنتين أمام ألمانيا بنتيجة 3 / 2، فإن الجماهير الأرجنتينية تحلم في أن يعيد التاريخ نفسه اليوم عندما يلتقي منتخبا "التانغو"و"المانشفت" على أرضية ميدان ماراكانا، وقد عادت الذاكرة بالأرجنتينيين إلى تلك المرحلة التي كانوا يعلقون فيها كل أمالهم على نجمهم السابق دييغو أرماندو مارادونا، الذي قاد منتخب بلدهم إلى انتزاع كأس العالم في الدورة التي احتضنتها المكسيك، فاليوم يضعون أيضا آمالهم بنسبة كبيرة على "البرغوث" ميسي لقلب موازين القوة لصالح منتخبهم. وأكثر ما يدرك ما يجب أن يفعله ميسي في هذا النهائي هو مدربه سابيلا، الذي سيسعى جاهدا إلى استغلال نجم منتخبه في الخطة التكتيكية التي سيعدّها بحسابات دقيقة حتى لا يشوبها أي عيب عندما يكون لاعبوه في مواجهة الألمان، ويعتبر النقاد أن أكثر ما يريده سابيلا من ميسي، هو أن يقوم بجلب إلى حراسته أو مضايقته أكثر عدد ممكن من المدافعين الألمان الذين يعرفون أنه من الأفضل عليهم غلق كل منافذ التحرك ل«البرغوث" قصد منعه من إيجاد أمامه مساحات فارغة تسمح له باستعمال سلاحه المفضّل وهو سرعة تنفيذه الهجمات، ويعد هذا الاختيار الأنسب للمدرب سابيلا، الذي يتمنى أن يقع الألمان في هذا الفخ لكي يتسنى لمهاجميه الآخرين سيرجيو أغويرو، وأنخيل دي ماريا وهيواغين اللعب بكل حرية في منطقة الخصم ويتيح لهم بذلك فرص التهديف مثلما حدث في نهائي 1986 لما ركز الألمان كل جهودهم على مارادونا من أجل محاصرته، لكن هذا الأخير لعب المباراة بذكاء كبير من خلال تمركزه وراء زملائه المهاجمين، وعمد إلى إيصالهم بالتمريرات التي كانت إحداها قاتلة عن طريق بوروتشاغا، الذي استغل تمريرة سريعة من مارادونا على خط التسلل وقضى على أحلام الألمان بتسجيل الهدف الثالث الذي توج الأرجنتين بطلة العالم للمرة الثانية.ورغم أن المنتخب الارجنتيني يضم خط هجوم رائع بقيادة النجم الشهير ليونيل ميسي، فإن الفضل الأكبر في بلوغ هذا الفريق المباراة النهائية لكأس العالم 2014، يعود إلى خط دفاعه الذي يتميز بقوته الفلاذية في الدفاع عن منطقته بفضل امتلاكه لعناصر تجيد التدخل السريع والمراقبة اللصيقة والسرعة في إبعاد الكرة بسرعة عن منطقتهم، وبفضل هذه المهارات تمكن الحارس سيرخيو ريميرو، وزملاؤه في الدفاع ماسكيرانو وبابلو زاباليتا، وازكويل جاراي ومارتين ديميكيليس وماركوس روخو من القضاء على خطورة مهاجمي الفريق الهولندي أرين روبن، وروبن فان بيرسي، في مباراة نصف النهائي، فضلا عن الدور الكبير الذي لعبه الحارس ريميرو، لما تصدى لركلتي ترجيح بعد انتهاء المباراة بنتيجة التعادل الأبيض.وقد جاء الفوز على هولندا بالركلات الترجيحية كحلقة جديدة في سلسلة الانتصارات التي حققها المنتخب الأرجنتيني في المونديال البرازيلي والتي كانت بأقل نتيجة ممكنة، إذ أن المباريات الثلاث للفريق في الدور الأول تحققت بفارق هدف واحد بعدما انتصر منتخب "التانغو" على البوسنة (2 / 1) وإيران (1 / 0) ونيجيريا (3 / 2).