أولت الدولة من خلال برامجها ومخططاتها، اهتماما مستمرا بجهاز الأمن الوطني على غرار القطاعات الأخرى، فعملت على تطويره وتدعيمه لمواكبة المستجدات والتطورات الحاصلة في ميدان الجريمة بأنواعها، لاسيما الأشكال الجديدة كالجريمة المنظمة وتبييض الأموال وجرائم المعلوماتية، وتم الاعتماد على سياسة أمنية استشرافية، تقوم على أسس علمية وأكاديمية، مكّنت جهاز الأمن الوطني من رفع تأهيل عناصره لاحتواء الأزمات الأمنية والتصدي لظواهر إجرامية، بدأت تأخذ أبعادا دولية وإقليمية. وسعيا منها للوقوف في وجه جميع أشكال الجرائم الكبيرة التي تتهددها، مثل الجرائم المعلوماتية وتلك العابرة للحدود، والتي كانت بمثابة انعكاسات سلبية للتقدم التكنولوجي السريع في شتى الميادين، مما تمخّض عنه تطور سلبي في أنواع الجرائم، ارتأت المديرية العامة للأمن الوطني أن تقوم بعصرنة وتطوير جهازها حتى تتمكن من مكافحة الجريمة وتحقيق الأمن. وقد ترجمت نتائجها على أرض الواقع من خلال النتائج الإيجابية المحصلة، وكذا السرعة والدقة في الكشف والفصل في القضايا المسجلة. وظهرت في السنوات الأخيرة أنواع جديدة من الجرائم تتصف بالصعوبة والتعقيد، منها الجرائم العابرة للحدود، والجرائم المعلوماتية التي تمس بأمن المواطنين والدولة، مما دفع بجهاز الشرطة إلى التحرك على جميع الأصعدة لمواكبة هذا التطور الذي شمل ميادين عدة، وذلك من خلال استحداث أجهزتها بآخر التكنولوجيات المبتكرة. وكان لهذه الخطوة آثار إيجابية ظهرت على أرض الواقع، من خلال الإنجازات القيّمة والرائدة في مجال مكافحة الجرائم، وتحقيق الأمن الذي يُعتبر من أولى أهداف المؤسسة. وعلى هذا الأساس تم تزويد عناصر الشرطة العاملة في الميدان، والتابعة لمصالح الأمن العمومي، (الشرطة القضائية ووحدات الجمهورية للأمن)، بوسائل متطورة جدا، كأجهزة كشف المتفجرات والمعادن، وأجهزة الحاسوب الشخصي الجيبي (PDA) الخاصة بتنقيط وكشف المركبات والأشخاص المبحوث عنهم بالمحفوظات الوطنية. كما تم إنشاء ما يسمى بالدوريات الذكية للأمن الوطني، المزوّدة بجهاز رادار متطور جدا، يعمل بنظام القارئ الآلي للوحات ترقيم السيارات (LAPI)، الذي يسمح بقراءة وأخذ الصور الدقيقة لألواح السيارات ليل نهار على مدار 360 درجة، وبمعدل 8000 سيارة يوميا، سواء كانت هذه السيارات متحركة أو مركونة، مع التحليل السريع للمعطيات والمقارنة الآنية في قاعدة البيانات، حيث مكنت هذه التقنيات الجديدة والمتطورة من الإطاحة بعدة شبكات متخصصة في تهريب السيارات على مستوى الوطن. وفي السياق نفسه، قامت المديرية العامة بإنشاء مركز القيادة والسيطرة للأمن الوطني بمدينة العلوم بالجزائر العاصمة؛ إذ تكمن مهمته في الإشراف على تسيير قاعة العمليات الخاصة بكاميرات المراقبة، التي تم تنصيبها وتوزيعها على مختلف طرقات وشوارع ولاية الجزائر العاصمة، البليدة ووهران، قصد تحقيق التغطية الأمنية الشاملة في الميدان، والتحكم في الحركة المرورية والتصدي للعمليات الإجرامية، وذلك في انتظار تعميمها على مستوى كامل التراب الوطني. ولم تبخل المديرية العامة للأمن الوطني عن مخبرها للشرطة العلمية بشاطوناف؛ حيث زودته بآخر التجهيزات والمعدات والوسائل المادية المتطورة الضرورية، من أجل كشف وفك خيوط معظم الجرائم المرتكبة والمعقّدة، وتحليل الأدلة علميا من خلال بصمات اليد، البصمات الوراثية (ADN) والكشف عن المتفجرات والمخدرات والوثائق المزوّرة، ومعالجة القضايا المتعلقة بالجرائم الإلكترونية على مستوى أقسام الأدلة الرقمية والإعلام الآلي، هذه الأخيرة التي تمتلك وسائل متطورة جدا، تساعد على استرجاع المعطيات الإلكترونية المخزَّنة في بطاقات الذاكرة الخاصة بالحواسيب، الهواتف النقالة والكاميرات الرقمية. ولتطوير وتحسين ظروف عمل هذه المصالح في الميدان بدقة وسرعة وفعالية، عملت على عصرنة وتطوير برامج الإعلام الآلي في جهاز الشرطة، من خلال تطوير وتعميم برامج وأنظمة إلكترونية، منها نظام التشخيص والبحث للشرطة الجزائرية (SIRPAL)، الذي يسهّل الولوج إلى قاعدة المعطيات لصحيفة السوابق العدلية وفق اتفاقية مبرمة مع وزارة العدل، نظام تنقيط الأشخاص (NRH)، نظام التشخيص والبحث الجنائي (SIRC) الخاص بتحديد هوية المجرمين انطلاقا من إعادة رسم قياساته البشرية وفق المعلومات المستقاة من الضحية ومقارنتها مع بطاقات المشتبه فيهم الموجودة بقاعدة المعطيات، نظام المحفوظات الخاص بالسيارات المبحوث عنها (FVR)، وبرنامج توحيد إجراءات التحقيق (LRP) الذي يهدف إلى توحيد إجراءات التحقيق في الشكل طبقا للإجراءات الجزائية. وحتى تتمكن مصالح الوحدة الجوية للأمن من رصد تحركات المجرمين على الأرض والتصدي لمخططاتهم الإجرامية بسرعة ونجاعة، ومكافحة أعمال العنف والمحافظة على النظام العام، تدعمت هذه الأخيرة ب 14 طائرة مروحية عالية التقنية مجهزة بكاميرات مراقبة متطورة جدا من نوع WESCAM MX15 HDI وكشاف البحث SX16، يعمل بالأشعة ما تحت الحمراء وبنظام رسم الخرائط الرقمية، بها 03 شاشات MFD ومكبران للصوت يمكن ربطهما مباشرة مع شبكة الراديو للشرطة، كما أنها مجهَّزة بأجهزة راديو ذات ترددات HF،UHF،VHF وهاتف يعمل عبر الأقمار الصناعية. وتقوم هذه المروحيات بالتغطية الأمنية الجوية والتقاط الصور على مسافات عالية، لتدعيم مصالح الشرطة النشطة ميدانيا.. كما تدعمت مصالح شرطة الحدود على مستوى الموانئ والمطارات، بأحدث وسائل وتقنيات الكشف والمراقبة، منها كاميرات مراقبة عالية التقنية، وأجهزة السكانير لمراقبة حركة الأشخاص، السلع والمواد الممنوعة من وإلى الجزائر، إلى جانب أجهزة الكشف عن الوثائق المزورة، حيث يتم إخضاع وثائق السفر أوتوماتيكيا لأجهزة الكشف ما فوق البنفسجي، للتأكد من صحتها بهدف مكافحة الهجرة غير الشرعية.وبفضل هذه الإمكانات والاستراتيجيات المستقبلية الواعدة، تمكنت الشرطة الجزائرية من تحقيق خطوات عملاقة في سبيل إرساء دعائم شرطة متطورة وعصرية، تقوم على الاحترافية وحسن الأداء، مما جعلها مقصد كافة المؤسسات الأمنية الدولية دون استثناء، للاستفادة من تجاربها وخبراتها الأمنية القيّمة في مجال مكافحة الجريمة، وحماية المواطن وممتلكاته وتحقيق الأمن والاستقرار في الوطن.