يسرد كتاب "وديع حداد"، للكاتب بسام أبو شريف، تفاصيل حياة حداد النضالية ومحاولات اغتياله والتآمر عليه في شتى المراحل،كما يكشف طبيعة العلاقة التحالفية التي قامت بين فرع العمليات الخاصة في الجبهة الشعبية بقيادة وديع حداد، والاتحاد السوفييتي وأسرار العمليات البارزة التي هزّت العالم. الكتاب الصادر عن الرعاة للدراسات والنشر، رام الله- فلسطين والجسور الثقافية- عمان، يكشف من خلال الشرح الوافي للنظرية والممارسة وقصص العمليات، وسجل التحالفات الثورية العالمية التي أنشأها حداد، كقائد العمل الخاص في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ويسرد تاريخه في سبعة وعشرين فصلا، ويتناول حياته منذ ولادته حتى اغتياله. ويثير الكتاب تساؤلات حول من قتل وديع حداد؟ وكيف تم تسميمه؟ واللقاء السري بين حداد وأندروبوف، وكيف أنشأ التحالف الأممي بين ثوريي أوروبا والثورة الفلسطينية؟ وما هو الأساس السياسي لهذا التحالف الأممي لمقاومة الإمبرياليين الجدد والصهيونية؟، وكيف خلق أبطالا للمقاومة من أمثال: "كارلوس، ليلى خالد، باتريك أرغويللو، جايل العرجا، فايز جابر، فوساكو شيغانوبو؟"، وفقا لأبوشريف. الكتاب لا يوثق تاريخ القائد حداد، بحسب المؤلف، بل يربط بين فكر هذا القائد الفذ وممارساته والفكر الثوري العالمي وممارساته، ويقدم الكاتب كل هذه المعلومات بأسلوبه "السهل الممتنع" ويمزج بين العوامل التي أثرت في مجرى حداد؛ الطالب في الجامعة الأمريكية ببيروت، وطريق المستقبل الذي اختطه لنفسه. ويذكر أن حداد من مواليد صفد في فلسطين، وعاش وسط عائلة مكافحة لتعلم أبناءها والارتقاء بأوضاعهم الاجتماعية، وهجّرت كغيرها من عائلات فلسطين بعد النكبة في العام 1948، على يد الحركة الصهيونية، وحفر هذا في عقل حداد، خطوط الكفاح للعودة إلى البيت الذي بنته العائلة والأرض التي زرعوها وللبلد الذي فقدوه. يتحدث أبو شريف في هذا الكتاب عن حياة حداد منذ 1948، وصداقته مع جورج حبش، الذي كان هو الآخر تلميذ طب في الجامعة الأمريكية، والدكتور أحمد الخطيب في الكويت، لافتا إلى أن حداد كان مؤمنا بأن "ما أخذ بالقوة لا يسترد بالضعف والتفكك، بل بالوحدة والقوة"، كما ويؤمن حداد بعمق أن "للعرب القدرة على مواجهة العدو بالسلاح مهما اختلف حجمه". ويروي أبو شريف، في كتابه السيطرة الفكرية النضالية للدكتور حداد، منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وكيف أسهم مع الدكتور جورج حبش، وآخرين من القياديين في تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ويركز الكتاب على صورة القائد الذي يدرب المقاتلين على الإصرار وتميزهم وتسليحهم، وتطوير أسلحتهم واختراع رسائل قتالية بأساليب علمية بسيطة، ويتميز الكتاب بالشرح للأساس النظري والإيديولوجي لاستراتيجية حداد القتالية ضد العدو الصهيوني وحلفائه. ويكشف أبو شريف، في هذا الكتاب عن عملية بناء التحالف الدولي والفصائل الرئيسية لهذا التحالف، مثل "الجيش الأحمر في اليابان وألمانيا والدنمارك وغيره"، مشيرا إلى "أن الأساس كان مشاركة الفصائل الثورية في المجتمعات الرأسمالية في القتال مع حركات التحرر ضد الأنظمة الامبريالية وحليفتها الصهيونية". ويستفيض الكتاب في وصف الأبطال الذين نموا مع العمل الثوري بقيادة حداد منهم: "ليلى خالد، فوساكو شيغا نوبو، كارلوس، باتريك ارغويللو، جايل العرجا، الحاج فايز جابر الخ"، ويذكر الكتاب قصص بعض العمليات على سبيل النماذج ومنها عملية "عينتيبه" خطف طائرة "لوفتهانزا"، إلى عدن وضرب ناقلة النفط "الكورال سي". ويدخلنا المؤلف إلى غرف مغلقة لتطلعنا على ما دار فيها من أسرار ومنها كيف حمى حداد "كارلوس"، "رغم الإدانة" من قرار الإعدام القاسي وسمح له بالمغادرة، لكن القصة الأكثر أهمية هي قصة اغتيال وديع، وكيف روى وديع ما شعر به عندما دس السم له. يقول أبو شريف، أنه يكشف هذه المعلومات من أجل أن "يُّكذب الرواية الإسرائيلية حول الشوكولاته، ويروي أن سم الثاليوم دس لحداد في فنجان قهوة قدم له في بيت مسؤول كبير في بغداد". الكتاب مليء بالمعلومات الجديدة التي تدحض ما سبق أن ادّعته أجهزة غربية ومن ذلك طبيعة العلاقة التي كانت تربط حداد كمسؤول للعمليات الخاصة "بأندروبوف" مدير عام "الكي جي بي" ثم أصبح رئيس الاتحاد السوفييتي لاحقا.