دعت الجزائر إلى استراتيجية متعددة الأبعاد على المدى البعيد من أجل القضاء على الإرهاب، مؤكدة دعمها للائحة حول المقاتلين الإرهابيين الأجانب وتعزيزها بعمل جوهري، يرمي إلى القضاء على انتهاكات الحقوق والحرمان، اللذين قد يشكلان مجالا خصبا للتطرف على الصعيد الدولي، وخاصة في الشرق الأوسط. جاء ذلك في مداخلة وزير الشؤون الخارجية السيد رمطان لعمامرة أمام مجلس الأمن الأممي أول أمس بنيويورك؛ حيث أبرز نظرة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في مكافحة الظاهرة، والدور الريادي للجزائر، الحريص على تبنّي تصور شامل ضد هذه الآفة، التي لا تعترف بحدود ولا بدين ولا بجنسية. وتزامنت مداخلة رئيس الدبلوماسية الجزائرية في هذا الاجتماع، واغتيال الرعية الفرنسي هيرفي غوردل؛ حيث قدّم السيد لعمامرة تعازيه لعائلة الضحية والحكومة الفرنسية، وجدّد إدانة الجزائر الشديدة لهذا العمل الدنيئ، مؤكدا أنها لن تدّخر أي جهد لإيجاد المجرمين وتقديمهم للعدالة. وإذ أوضح أن ذلك يعزّز أكثر فأكثر التزام الجزائر بمكافحة هذه الآفة، فقد ذكّر السيد لعمامرة بتحرير الدبلوماسيين الجزائريين، اللذين تم اختطافهما بغاو (مالي). كما ترحّم على الذين لقوا حتفهم خلال احتجازهم، مؤكدا بقوله: "لن ننساهم أبدا". وغير بعيد عن التوتر الذي تعرفه المنطقة، أكد وزير الشؤون الخارجية أن الجزائر باعتبارها دولة مجاورة لليبيا، مستعدة لمساعدتها على انتهاج طريق السلم وإعادة بناء مؤسساتها. وأوضح الوزير خلال الاجتماع رفيع المستوى حول ليبيا الذي عُقد على هامش الدورة العادية ال 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة بمبادرة من الأمين العام الأممي بان كي مون، قائلا: "نتمنى أن يخرج أشقاؤنا الليبيون أقوياء من هذه المحنة. وبالنسبة لنا فإن ليبيا تمر بمرحلة صعبة من تاريخها، ولا يتعلق الأمر، بالتأكيد، بدولة بصدد الانهيار، بل بدولة تواجه صعوبات ولديها ما يكفي من الحكمة والكفاءات والموارد لاجتيازها". وخلال هذا الاجتماع أوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية أنه "عقب الطلبات المتعددة التي تلقّاها من مختلف الشخصيات والقوى السياسية من ليبيا الشقيقة، قرر رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، إطلاق مبادرة ترمي إلى مباشرة حوار وطني شامل في ليبيا، من شأنه أن يفضي إلى المصالحة الوطنية وتعزيز المؤسسات الليبية". وأبرز رئيس الدبلوماسية الجزائرية أهمية التفريق بين الأطراف التي تؤمن بالحوار كوسيلة وحيدة لتسوية الأزمة، والجماعات الإرهابية التي لازالت تعيث في ليبيا فسادا، مضيفا أن "إنجاح المصالحة الوطنية يفرض عزل هذه الجماعات المنضوية تحت لواء الإرهاب الدولي، وتحضير الدولة الليبية للمشاركة بكل مؤسساتها في مكافحة الآفة". وفي هذا الصدد جدّد السيد لعمامرة دعم الجزائر للجهود التي يبذلها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة من أجل ليبيا، برناردينو ليون. ويأتي الاجتماع الذي بادر به الأمين العام للأمم المتحدة بعد ذلك الذي دعت إليه الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، لبحث الوضع في ليبيا عقب التطورات الأخيرة التي شهدها البلد. لعمامرة يتحادث مع نظرائه من الدول الصديقة من جهة أخرى، واصل وزير الخارجية رمطان لعمامرة على هامش الدورة العادية ال69 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، سلسلة لقاءاته مع نظرائه من الدول الصديقة؛ حيث تحادث في هذا الصدد مع وزراء خارجية اليونان، نيوزيلندا، ألمانيا، صربيا، كولومبيا وأذربيجان. وتم الاتفاق مع الوزير اليوناني للشؤون الخارجية أفنجيلوس فينيزيلو، على العمل سويا من أجل هيكلة التعاون الثنائي، وإضفاء الطابع المؤسساتي على التشاور السياسي، وتعزيز التعاون الاقتصادي، لاسيما في مجال الطاقة. كما شكلت المسائل الدولية، لاسيما الوضع في الساحل وليبيا والشرق الأوسط، موضع دراسة وتبادل معمَّق لوجهات النظر. وسمح اللقاء مع وزير نيوزيلندا موراي ماك كولي، بالاطلاع على التطورات السياسية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي في البلدين، وتبادل تحاليلهما حول المسائل الدولية الراهنة، لاسيما الوضع في ليبيا والشرق الأوسط. كما تطرق الطرفان لترشح زيلندا الجديدة لمقعد غير دائم في مجلس الأمن الأممي. وخلال محادثاته مع نظيره الألماني فرانك والتير ستاينمير، أبرز السيد لعمامرة الدور الذي يمكن لألمانيا أن تلعبه في الجهد الوطني، الرامي إلى تأهيل الأداة الصناعية، وبعث هذا القطاع في إطار البرنامج الوطني الإنمائي المقبل. وأعرب الوزيران عن ارتياحهما للمستوى الحالي للتشاور السياسي، وقررا تعميقه أكثر من خلال تكثيف تبادل الزيارات رفيعة المستوى. كما كان للوضع في منطقة الساحل وليبيا والحوار ما بين الماليين وفلسطين ومشكل الإرهاب، حيّز معتبر في تبادل وجهات النظر بين رئيسي دبلوماسية البلدين. وأفضى اللقاء مع نظيره الصربي إيفيكا داسيك إلى توافق في وجهات النظر حول التصور الذي تم تبنّيه من أجل إعطاء بعد نوعي للعلاقات الثنائية، لاسيما في شقيها الاقتصادي والشراكة. واتفق الطرفان في هذا الصدد، على تكثيف الاتصالات من خلال التشاور السياسي بين وزارتي الشؤون الخارجية للبلدين، ورفع وتيرة الزيارات رفيعة المستوى. كما التقى السيد لعمامرة بالسيدة غيبر سيلاس المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إلى الساحل؛ حيث استعرض معها الوضع في المنطقة. وتحادث السيد لعمامرة أيضا مع نظيرته الكولومبية السيدة ماريا أنخيلا هولغين كويلار، حيث تطرق المسؤولان للتعاون الاقتصادي والتنسيق وتبادل التجارب في مجال الأمن وفتح سفارة لكولومبيابالجزائر. كما تناول الوزيران الملفين المالي والليبيي وكذا أهم المسائل الدولية الراهنة. كما تحادث السيد لعمامرة مع نظيره الأذري السيد المار ماهاران أوغلو مامادياروف، الذي تطرق معه للمسائل المرتبطة بالعلاقات الثنائية، ووسائل تعزيزها في إطار سفارة لهذا البلد بالجزائر.