احتضنت "دار البيئة" لمدينة بومرداس في الفترة الممتدة بين 21 و25 سبتمبر 2014، الطبعة الأولى للصالون الوطني لفن السلالة، شارك فيه ما يزيد عن 40 حرفيا من مختلف ولايات الوطن، عرضوا إبداعات تعكس شغفهم بحرفة تقليدية يرى بعض الملاحظين بأنها في طريق الانقراض. وتراوحت المشغولات المعروضة عموما في سلل وقفف وأثاث منزلي مختلف، كلها أشياء مصنوعة إما من نبات الخيزران أو من الحلفاء. اختار منظمو الصالون الوطني الأول للسلالة شعار "معا لإحياء حرفة السلالة من أجل البيئة"، وقالت السيدة فاطمة جمعة رئيسة لجنة التأهيل لغرفة الصناعات التقليدية بومرداس.. إن اختيار بومرداس لاحتضان هذه التظاهرة الحرفية جاء لكونها ولاية تحصي العشرات من العائلات الحرفية التي تتخذ من السلالة فنا وحرفة تقليدية متوارثة عبر الأجيال، خاصة في منطقة بني عمران، كما أن العديد من أولئك الحرفيين طالبوا بتنظيم صالون خاص بالسلالة يبرز جمالية هذا الفن ويعرّف بالحرفيين الذين ما يزالون متشبثين بحرفة تقليدية تشارف على الزوال. مدينة بأكملها أبا عن جد، تحترفو فن السلالة، وهي منطقة بورزازة بقدارة، ولاية بومرداس، أرادت الغرفة من خلال هذا الصالون تسليط الضوء على عمل هذه العائلات والتعريف بحرفتهما التقليدية التي نسعى إلى إحيائها عن طريق تنظيم مثل هذه الصالونات، ولمّ العديد من الحرفيين عبر عدة مناطق من الوطن لتبادل الخبرات والمعارف، في سبيل تطوير الحرفة التقليدية من جهة، والمحافظة عليها من الاندثار"، تقول المتحدثة. شارك في الصالون حرفيون من ولايات البيض والجلفة والمسيلة ووهران والمديّة وتيزي وزو، إضافة إلى الولاية المستضيفة بومرداس، وثمّن عدد من الحرفيين المتحدثين إلى "المساء" هذا المعرض واعتبروه ‘فرصة ذهبية للتعريف بالحرفي وإبراز مجهوده الشخصي"، يقول الحرفي فاتح دبة من تيزي وزو الذي أكد أنه يشارك لأول مرة في تظاهرة وطنية مماثلة، مما يسمح له بالتعريف بنفسه كحرفي مبدع بعد أن عمل لسنوات مع أخواله الحرفيين بمدينة القليعة. وأبدع الحرفيون في عرض تحف فنية أخذت من أوقاتهم الكثير وكانت عصارة جهدهم لتكون في الأخير إنتاجا جماليا لا يمكن وصفه إلا بالجميل، حتى أنه لا يمكن مقارنة سلة، مثلا، بأخرى حتى وإن تشابهتا من حيث الحجم ونوعية المادة المستخدمة، لأن كل حرفي يضفي لمساته الخاصة على شيء معين لتظهر القطعة في الأخير بشكل جميل يعكس قدرته على التشكيل والإبداع. كما أكد هؤلاء على أنهم لم يكونوا بحاجة إلى تلقي أي تكوين في مجال فن السلالة، إنما الوراثة جعلتهم يتعلمون فنونها ويتقنون صنعها، بل ويضيفون لمسات يمكننا الجزم بأنها تكاد تكون بصمة خاصة بكل حرفي، تميزه وتميز أعماله الفنية. ومثلما يشترك الحرفيون في فن السلالة التقليدي، فإن صناعاتهم تشترك هي الأخرى في مادة الصنع التي تتمثل في نبات الخيزران الذي يعتبر أهم مادة في هذا الفن الجميل، حيث أعرب العديد من الحرفيين عن صعوبة الحصول على هذه المادة الأولية كون نسبة 90 بالمائة منها مستوردة، وهي بذلك غالية الثمن، لكنهم لا يعتبرون ذلك سببا يثنيهم عن حرفتهم اليدوية. كما نادوا الجهات المعنية إلى تنظيم العديد من الصالونات والتظاهرات، وجعلهم أطرافا مشاركة فيها، مما سيسمح لهم بالتعريف بأنفسهم أولا، وتصريف منتوجهم الحرفي الذي يفتقر حسبهم - لفضاءات تجارية تروج له. جدير بالإشارة أن الحرفيين المشاركين في الطبعة الأولى للصالون الوطني للسلالة، استفادوا من جولة سياحية قادتهم إلى قصبة دلس العتيقة التي تعتبر نسخة أخرى عن قصبة العاصمة، إضافة إلى استفادتهم من تكريم وتلقي هدايا تشجيعية، عرفانا لهم بمجهوداتهم الرامية إلى المحافظة على الإرث الحرفي التقليدي.