يحتضن المركز الثقافي "مصطفى كاتب" بشارع ديدوش مراد بالعاصمة، هذه الأيام، فعاليات معرض الصناعة التقليدية الذي يدخل في إطار تنشيط موسم الاصطياف، وقال السيد شريف توفيق، رئيس مكتب بمديرية السياحة والصناعة التقليدية لولاية الجزائر، بأن هذا المعرض يعتبر الأخير ضمن سلسلة المعارض التي تم تنظيمها خلال صائفة 2014 بولاية الجزائر، مؤكدا نجاح هذه التظاهرات بدليل الاستقطاب الكبير للزوار واستحسان الحرفيين لها. وكشف محدث "المساء" من جهة أخرى، عن برنامج آخر من المنتظر تنظيمه مع انطلاق الدخول الاجتماعي، يشارك فيه نخبة من الحرفيين لولاية الجزائر وستكون على شكل قافلة تجوب بلديات الولاية، حاملة هدف التعريف والترويج بالحرف والصناعات التقليدية الوطنية. واستهل المعرض المقام حاليا بمركز «مصطفى كاتب» في ال10 أوت الجاري ويختتم في ال31 منه، ويعرف مشاركة حوالي 20 حرفية وحرفيا ينشطون في مختلف الصناعات التقليدية والحرف، منها على سبيل المثال النقش على النحاس، الزجاج المعشق، الكريات البلورية، النسيج، السيراميك، الألبسة التقليدية والحلي التقليدية. وقد تم توزيع هذه الصناعات التقليدية بالمركز بطريقة جميلة تعكس تزاوج الثقافات المحلية بما يعطي نظرة جميلة عن الموروث التقليدي العاصمي، فمثلا وضع الألبسة العاصمية مثل «الكاراكو» و«القويّط» و«محرمة الفتول» في الواجهة عند المدخل الرئيسي يريح أعين الزائرين وحتى المارة من الشارع ويجعل الفضول يعتريهم للدخول وزيارة مكان العرض.. واعتبر حرفيون تحدثوا إلى "المساء" أن إقامة معارض مماثلة طيلة السنة تخدم الحرفي والحرفة بحد ذاتها، «إلا أن إقامة معارض خلال الموسم السياحي يخدمنا أكثر، ذلك أن مغتربين وسياحا يزورون معارضنا ويقفون متأملين التحف التي نصنعنها، فنتلقى إشادات منهم»، تقول الحرفية في الزجاج المعشق نسرين مواوكة، مضيفة أنه من المغتربين من أرادوا تعلم بعض الحرف اليدوية فتم توجيههم نحو دار الحرف لوادي قريش، فيما أشارت الحرفية في السيراميك بدرة حسيني، إلى أن الأجانب والمغتربين اندهشوا من وجود حرف على قدر من الجمال والدقة مثل السيراميك، حيث تعرض الحرفية بجناحها قطعا ديكورية جميلة للغاية، بعضها مطعم بالذهب «18 قيراطا»، والآخر بالفضة الخالصة، وقد تفننت الحرفية في رسم أشكال هندسية مستوحاة من التاريخ الجزائري. كما أنها تثير إشكال ترويج قطع حرفتها الجميلة بسبب عزوف الناس عن اقتنائها وحجتهم في ذلك غلاء الأسعار، وتبرر بدرة ذلك بغلاء المواد الأولية مثل الكريستالين والذهب عيار 18 والفضة وحتى الطين، «نحن نقتني المواد الأولية بأسعار غالية، وبالنظر إلى ذلك والمجهود المبذول في إنتاج قطع ديكورية جميلة، فإن الأسعار التي اقترحها تكون مدروسة للغاية»، تقول بدرة حسيني، لكنها متفائلة بمثل هذه المعارض التي أكسبتها تجربة في حياتها المهنية وجعلتها تصقل موهبتها من خلال تبادل التجارب. وهذا بالفعل أحد أهداف مثل هذه المعارض للصناعة التقليدية، حسبما يؤكده السيد توفيق شريف الذي أكد أنه خلال الإشراف على تنظيم معارض للصناعة التقليدية، تمكنت مديرية السياحة والصناعة التقليدية لولاية الجزائر من إشراك حوالي 100 حرفي من كل بلديات الولاية للتعريف بهم وتقريب المنتوج التقليدي من المواطنين والسياح، إلى جانب المحافظة على الأصالة والموروث الثقافي من الاندثار. وأشار إلى أنه تم تسجيل طلبات مهمة من طرف شباب زاروا المعارض وأبدوا رغبتهم في تلقي فنون هذه الحرفة اليدوية أو تلك الصناعة التقليدية، وقد تم توجيههم نحو الجهات الكفيلة بالرد الإيجابي على طلباتهم ورغباتهم، وعلق المتحدث هنا بقوله؛ «هذا تماما ما نسعى إليه.. توطين الصناعة التقليدية في نفوس الأجيال الجديدة». وجذب معرض «مصطفى كاتب» زوارا من كل الفئات، أعجبوا بما جادت به أنامل الحرفيين، خاصة أن المعرض ضم إليه تشكيلة متنوعة من تلك الصناعات، ولا يمكن الجزم بأن جناحا أحسن من الآخر أو أن حرفة استقطبت فضول الزوار أكثر من الأخرى.. فكلها ‘اجتهادات' فردية وإبداعات شخصية تجعل كل زائر يمعن فيها ويحيي صاحبها المبدع.