احتضن المركزالتجاري "أرديس" في الآونة الأخيرة، معرضا للحرف التقليدية واليدوية بهدف الحفاظ على الموروث التقليدي وتشجيع استمراره من خلال تحفز العاملين في الحرف والفنون الشعبية على زيادة إنتاجهم إلى جانب ضمان عائد اقتصادي ونقلها عبر الأجيال، باعتبار أن الحرف اليدوية هي الرصيد الحضاري والإنساني للشعوب. وتوليها معظم دول العالم اهتماما كبيرا لأنها تعرف عن تراثها وأصالتها. ويحظى المركز بتزايد إقبال العائلات على المنتوجات المعروضة. في جولة ميدانية في المركز التجاري "أرديس" بباب الزوار في العاصمة حيث نظم معرض يضم مختلف الصناعات اليدوية والحرفية يدوم إلى غاية نهاية هذا الأسبوع، يعرض فيه الحرفيون العديد من الصناعات التقليدية كالنحاس والفخار واللوحات الفنية وإكسسوارات وحلويات بمشاركة 27 ولاية كتيزي وزو وغليزان وورڤلة وبجاية وميلة والمدية .... وغيرها. ويندرج هذا المعرض في إطار ترقية وصناعة الحرف التقليدية وحمايتها من الانقراض، حسب تصريح المدير التنفيدي للفيدرالية الجزائرية للمستهلكين. كما تهدف الفيدرالية من خلال إقامة مثل هذه المعارض إلى إيجاد فضاءات لترويج المنتوج الصناعي التقليدي والتعريف به، وكذا ترقيته وحمايته في ظل غزو المنتوجات الصينية المقلدة الضارة بالسوق الوطنية. المعرض يعكس قيمة وتنوع وتراكم خبرة الحرفيين تدخل دورة هذا المعرض في إطار تنفيذ إستراتيجية تنمية وإنعاش الصناعة التقليدية، وبرنامج دعم الحرفيين، حيث أخذت الفيدرالية الجزائرية للمستهلك بمعية مسؤولي مركز أرديس على عاتقهما مهمة الحفاظ على الصناعات اليدوية التقليدية انطلاقا من قناعتهما بأن لها دورا أساسيا في الحفاظ على الموروث ولأنه الحاضن والداعم لجميع ما يهم المستهلك الجزائري. وتهدف هذه التظاهرة، حسب المنظمين، إلى تسليط الضوء على الخبرات المهنية وتثمين القدرات الإبداعية لدى كل من الصناع التقليديين والمصممين. وافتتح المعرض الأسبوع الماضي في سياق ضمان استمرارية العمل الهادف إلى تمكين الصناع التقليديين من عرض مجموعة منتجات مختارة، وعرضت خلال التظاهرة الأعمال الإبداعية. ويعكس عرض هذه المنتوجات قيمة وتنوع وتراكم الخبرة التي تميز حرف الصناعة التقليدية. كما يسعى المعرض إلى توفير إطار للتعاون والتبادل بين الحرفيين للمساهمة في تنشيط وتحفيز قدرات الإبداع والتجديد لدى الصناع التقليديين. وسيمكن المعرض من جهة أخرى، من إعطاء نفس جديد ودينامية متجددة لمختلف منتجات حرف الصناعة التقليدية، من خلال الاستناد إلى مقومات الإبداع والتمكن والخبرة لدى الحرفيين. الحرفيون المشاركون يطالبون بفرصة ثانية في المركز نظرا للإقبال الهائل للمواطنين الذين أبدوا رغبتهم في معرفة تراثنا العريق والتمسك به، قالت السيدة طاوس إحدى العارضات إن المركز يهدف إلى إحياء التراث وتطويره والمحافظة عليه من الاندثار وإنشاء قاعدة ثقافية عريضة في المجتمع ملمة بواقع التراث التقليدي، إضافة إلى فتح باب للجمهور العريض لاكتشاف ما تصنعه أنامل جزائرية وإتاحة الفرصة للحرفين من مختلف أنحاء الوطن لعرض منتوجاتهم التي تعود عليهم بالنفع ويسهم في الحفاظ على تراث وتقاليد البلاد. وأكد محمد تومي، المدير التنفيذي لفيدرالية حماية المستهلك الذي كان من بين أهم العارضين بالمركز، أن مثل هذه المعارض مهمة جدا للتعريف بمنتجات العارض من جهة تأهيلها وربطها بماضي الأجداد وتوثيق التواصل لإحياء التراث وتطويره والحفاظ عليه من عوامل الاندثار، إضافة إلى تركيزه على إبراز الأعمال اليدوية التراثية بجانب تحسين دخل المرأة ورفع مستواها المعيشي. كما أشار إلى أن المعرض يتيح لزواره فرصة الاطلاع على منتوج تراثي متنوع في أقسام متخصصة تشمل قسم الملابس والحلي التقليدية القديمة بجانب قسم الإكسسوارات الشعبية. ويتضمن المعرض في المركز التجاري أرديس بالعاصمة عدة أقسام في المعرض من أهمها "معرض الكهينة" المتخصصة في إنتاج الجبة القبائلية الذي يعتبر جزءا مهما من التراث المادي الجمالي ومن أقدم وأعرق الصناعات التطريزية.. فيما يستعمل قسم آخر في عرض العسل، لاسيما عسل التمر لما له من فائدة على الصحة، هذا فضلا عن تزيين الملابس الوطنية حيث تستخدم العارضات الشرائط المزركشة بخيوط ملونة متداخلة بعضها البعض لتزيين الملابس التقليدية للمرأة. أما "ميلة" فقد أبدعت في عرضها للرشة والكسكسي وتلتلي وغيرها من العجائن التقليدية التي تزخر بها المنطقة. ويضم المركز أيضا قسم الحلويات التقليدية من بجاية. وأكد العارض "بوجمعة" المتخصص في صناعة الكسكسى بطريقة تقليدية من مؤسسة "امماس" ببجاية وآخر للخياطة والطرز التي تم تطويرها لإنتاج ملابس تحافظ على الزي التقليدي للمرأة، إضافة إلى صناعة المفارش والمخدات المطرزة والشيلان ورسومات الأطفال، دون أن ننسى الفنون اليدوية الحديثة المتخصصة في الرسم على الزجاج وزهور السيراميك. واستقطبت العارضة القادمة من ولاية معسكر اهتمام الزوار بعرضها القفة أو كما يسميها البعض "السعفة" التي يستخدم فيها سعف النخيل في إنتاج بعض المشغولات المنزلية مثل الحصيرة وسجادة الصلاة. وتعرض أيضا بالمركز منتجات تشمل الأشغال اليدوية للزينة والإكسسورات النسائية والعطور والبخور وغيرها من لوازم البيت. وللتعريف بالمنتجات اليدوية التراثية، ينظم المركز العديد من المعارض لعرض المنتجات والمشغولات، فيما يشارك بالتنسيق مع مديرية السياحة وغرفة الحرف التقليدية ناهيك عن فيدرالية حماية المستهلك في العديد من المعارض. وتتميز الصناعات اليدوية بالمهارة والذوق الرفيع والمتانه، فهي تحتاج إلى الصبر والخبرة والإتقان من قبل العاملين بها. ويضم المركز عددا من المشاغل المتخصصة في الصناعات التقليدية والمنتوجات التراثية والنقش بالحناء حسب تعبير الحرفي محمد من تيزي وزو. ويسعى العارضون إلى الحفاظ على موروث الإمارات الثقافي من خلال مشاريع عملية تحفيز الحرفين في الحرف والفنون الشعبية على زيادة إنتاجهم لضمان عائد اقتصادي. وفي الأخير أكد العارضون في حديثهم ل"البلاد" أن الحرف اليدوية والتقليدية في الجزائر تمثل جزءا من الثقافة الجمالية، وقد أسهمت مهارات الحرفيين مهما اختلفت مشاربهم ومناطقهم في التعامل مع البيئة والمواد الطبيعة في إبداعات من خبراتهم الحياتية. وتعد الصناعات والمشغولات اليدوية الرصيد الثقافي والحضاري والإنساني للشعوب وتولي معظم دول العالم اهتماما كبيرا بها لأنها تعرف بتراثهم وأصالتهم وخصوصيتهم التي تميزهم عن الآخرين وتعبر مفرداتها عن هوية ثقافية متميزة، كما أنها تعبر عن طبيعة حياة السكان المعيشية ومهنهم التقليدية التي يمارسونها في مختلف البيئات والمناطق، وتبعا لذلك تقاس بمدى عراقة تلك الشعوب وعمق حضاراتها وتطورها على مر العصور.