دعا وزير المجاهدين الطيب زيتوني إلى ضرورة الافتخار والاعتزاز بثورة التحرير المجيدة؛ باعتبارها ملحمة تاريخية صنعت مجد الجزائر، وتكتسب عظمتها من عظمة رجالها ومجاهديها الذين ضحّوا بالنفس والنفيس من أجل الحرية والاستقلال. وأوضح السيد زيتوني على هامش حفل تدشينه ل "معرض الذاكرة" بحديقة الوئام ببن عكنون (الجزائر العاصمة)، بحضور وزراء وشخصيات سياسية وتاريخية ومدير الإعلام والإيصال والتوجيه بوزارة الدفاع الوطني اللواء بوعلام ماضي، أن جيل اليوم مدعو أكثر من أي وقت مضى، إلى الافتخار بثورة الفاتح نوفمبر 1954، وتخليد بطولات المجاهدين والمجاهدات، الذين لم يدّخروا جهدا في الدفاع عن سيادة الوطن وتحريره من الاستعمار الفرنسي الغاشم. وأكد الوزير بالمناسبة أن "تدشين هذا المعرض التاريخي الذي يضم إرثا ثوريا هاما من تاريخ الجزائر من 1830 إلى 1962، يتزامن مع تخليد فعاليات إحياء الذكرى الستين لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة"، موضحا أن هذا الفضاء يبقى مفتوحا لكافة المهتمين بالاطلاع على تاريخ الجزائر، لاسيما حقبة الاحتلال الفرنسي للجزائر، على غرار الباحثين وطلبة التاريخ والمؤرخين، لتمكينهم من كتابة التاريخ، ونقل شهادات حية عن بطولات وملاحم المجاهدين ومجازر الاستعمار المرتكبة في حق الجزائريين. وقال ممثل الحكومة في هذا الإطار: "إن الشباب مطالَبون بتخليد ثورتهم وإحيائها دائما وفي كل محفل؛ لكون الفاتح نوفمبر جاء ليوحّد كافة شرائح الشعب، ويجمع شمل الجزائريين مهما كانت انتماءاتهم، فضلا عن الدفاع عن مقومات وقيم الهوية الوطنية"، مذكرا بأن بيان أول نوفمبر 1954 لم يقصد فئة معيّنة من الشعب الجزائري أو جهة بذاتها، وإنما جاء لكافة أفراد الشعب ليشمل كل ربوع الوطن. وفيما يتعلق بالمعرض، أفاد وزير المجاهدين بأن هذا الأخير الذي أشرف على تصميمه المخرج السعيد عولمي، يعرض جانبا موضوعاتيا عن مختلف الحقب التاريخية التي عرفتها ثورة التحرير المظفّرة، مشيرا إلى التفكير في إقامة معارض تاريخية أخرى للذاكرة بعدة ولايات، على غرار وهران وقسنطينة وورقلة؛ قصد إطلاع كافة المواطنين لاسيما الشباب منهم، على بطولات وملاحم الثورة وصنّاع أمجادها، وإحيائها في كل محفل؛ حفاظا على الذاكرة الوطنية. ويُعد "معرض الذاكرة" الذي يتربّع على مساحة تقدَّر ب 2851 مترا مربّعا، رحلة حقيقية عبر الزمان والمكان؛ حيث يتيح للزائر فرصة استكشاف تاريخ الجزائر (1830-1962) والتمعن فيه، كما يعكس جهود الدولة المبذولة لحماية وصيانة الذاكرة الجماعية، التي تبقى ركيزة أساسية للوحدة الوطنية؛ إذ ينقسم إلى محورين، الأول يتعلق ب "تاريخ وذاكرة"، أما الثاني فيخص "الذاكرة في نظرات متقاطعة". ويتكون هذان المحوران من فضاءات موضوعاتية تشمل المسار البيداغوجي للمعرض، وكل فضاء مدعّم بمستندات مادية وركائز ووسائل توضيحية، تسمح للزوار بالتنقل والإبحار في الأحداث والمواضيع التاريخية بكل سهولة، وبطريقة جذابة تعتمد على توظيف التكنولوجيات الحديثة متعددة الوسائط في عملية التبليغ والإيصال، والاعتماد على الطريقة التفاعلية والإبداعية في تثمين وتبليغ المعرفة وتقديم المعلومات، وهذا باستخدام الشهادات الحية والمجسمات. ويضم المحور الأول عدة فضاءات تاريخية متنوعة، موزعة على فترة رؤساء الجزائر، والمتعلقة بما قبل الغزو الفرنسي وكرونولوجيا الأحداث المتعلقة بالمقاومات الشعبية، والحركة الوطنية والثورة التحريرية، مع التوقف عند أهم الأحداث التاريخية الكبرى، هذا بالإضافة إلى تقديم صور حية عن المنشآت التي كانت قائمة في تلك الفترة، كالمساجد والمدارس القرآنية والسطوح وفرق الأسطول البحري الذي كانت تمتلكه الجزائر قبل دخول الاستعمار الفرنسي سنة 1830. وينقل الجناح المخصص لكرونولوجيا الأحداث ضمن المحور الثاني، الزائرَ إلى المقاومات الشعبية والثورات التي قادها الأمير عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، مرورا بأحداث 08 ماي 1945، والمجازر الدموية التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق الجزائريين الأبرياء، والتعذيب الذي مس النساء والرجال، والإعدام بالمقصلة. وتم تجسيد كل ذلك في وسائط حية بالصوت والصورة، علاوة على مشاهد لاشتباكات مع العدو، ومجسمات مصغرة عن ألغام خطي شال وموريس، وبعض التجهيزات الطبية والعتاد المستخدَم خلال الثورة. كما يتيح المعرض فرصة الاطلاع على حالات النفي التي طالت الجزائريين إلى كاليدونيا الجديدة من قبل الاستعمار الفرنسي، بالإضافة إلى تخصيص فضاء خاص للأطفال للترفيه والتسلية؛ حيث يضم بلغة الأرقام 17 فضاء و391 وثيقة و780 صورة و122 رسما و502 نص، إلى جانب 14 مجسما و11 تمثالا نصفيا و16 نموذجا، يضاف إلى ذلك 50 شاشة خاصة بالشهادات و10 شاشات كبيرة و41 شاشة لمس.