تنظم الفيدرالية الوطنية للحرفيين والصناعة التقليدية من 11 إلى 20 أكتوبر الجاري، معرضا للصناعة التقليدية يهدف إلى ترقية المنتوج الحرفي، اختير له شعار "صنعة اليدين وطاعة الوالدين"، وكشف السيد رضا ياييسي رئيس الفيدرالية، أن تنظيم معارض جوارية وأخرى وطنية ينعش الصناعة التقليدية ويجعلها قريبة من المواطن، بما يسمح بتوارثها عبر الأجيال، حيث تتيح المعارض للكثيرين فرصة التوجه نحو تعلم حرفة ما أو صناعة يدوية للاسترزاق وإبعاد شبح البطالة. يشارك حاليا في معرض الصناعة التقليدية بساحة بلدية القبة بالعاصمة، 20 حرفيا من عدة ولايات يمثلون مختلف أوجه الصناعة التقليدية، حيث وقفت "المساء" على أجنحة لعارضين أغلبهم من الشباب، تمسكوا بإرث الوالدين عبر أجيال متعاقبة، فكانوا من جهتهم خير خلف لخير سلف، وما اختيار شعار "صنعة اليدين وطاعة الوالدين" إلا دليلا على هذا التواصل الجميل، يقول رضا ياييسي الذي أشار إلى أن بحث الفيدرالية المتواصل عن حرفيين متمسكين بمختلف الصناعات اليدوية وإظهارهم للعلن، جعلها تتأكد أن معظم تلك الصناعات اليدوية كانت متوارثة ضمن نطاق الأسرة الواحدة "بالتالي تأتي صنعة اليدين من طاعة الوالدين اللذين يعملان على تربية الأولاد على حب حرفة كانوا قد ورثوها عن آبائهم، وهذه هي رسالتنا"، يقول رضا ياييسي. ومن ضمن الرسائل التي يوجهها معرض القبة الجاري، محاولة جذب أنظار الشباب والعاطلين عن العمل لمحاولة تعلم فنون صنعة يدوية تكون مخرجا لهم من أي ضيق مادي قد يواجهونه يوما. وفي السياق، يشير السيد عبد الله بوبريمة حرفي في إنتاج مشتقات التمر، مشارك في المعرض من ولاية بسكرة، إلى أن الصناعة اليدوية لا تفنى، بل تبقى في يد صاحبها إلى الأبد، "أعتقد أنه لو يدرك كل فرد بأن تعلم فنون صناعة يدوية معينة من شأنه القضاء على البطالة، فإن هذا المصطلح سيغيب إطلاقا عن الألسن، لكن الإشكال يكمن في؛ من أولئك الذين يودون تعلم حرفة ما؟ هذا هو السؤال"، يقول الحرفي ويضيف: "إن كان المتداول في الصناعة التقليدية أنها تورث في العائلة الواحدة، فأنا مستعد لكسر هذه القاعدة، وليأتي أيا كان من أي مكان يريد تعلم حرفتي هذه، ويتقدم"، ويضيف "صنعة اليدين صورة من حب الوالدين وطاعتهما، لأنها تضمن للفرد مدخولا بفضل جهده الحرفي، بالتالي ضمان خبزة حلال كما يقال - ما يعني رضى الوالدين عليه". من جهتها، ترى الحاجة بهية من بلدية القبة زارت المعرض، أنه مبادرة حسنة حبذا لو يتم تنظيمها عدة مرات في السنة "حتى تتعلم بناتنا صنعة اليدين التي نقول عنها بأنها حبيبة مولاها، يعني الصنعة لا تخون صاحبها أبدا، وإذا جارت عليه الأيام فإنه يجد فيها الضمان لدخل يتقوّت منه"، وتواصل بتأسف "لكن الزمن تغير وأصبحت الناس تتلهف على المستورد وكأن سرا ما يكمن فيه، رغم أن المنتوج الحرفي مصنوع بحب وتفان". أما الحاجة يمينة، فتقول من جهتها بأن المعرض مبادرة رائعة ملأت البلدية حيوية "لأننا لم نتعود رؤية منتوجات يدوية معروضة للبيع في الساحات العمومية، وأنا هنا لزيارة كل جناح على حدا.. ربما أجد أشياء تنقصني، مثل الطاجين أو الحصيرة وغيرها". أما مواطنة أخرى أعجبت بالمعرض كثيرا، فقالت بأن معرضا مثل هذا يذكرنا بالماضي "لما كانت كل البيوت تتفن في صناعة يدوية معينة.. اليوم تغيرت الأمور كثيرا وعدد كبير من النساء هجرن الحرفة اليدوية"، تقول مواصلة "مازلت إلى اليوم متشبثة بصناعة تقليدية تشارف على الاندثار، وهي الخياطة الصوفية، لا أجد من أعلمها له، فالبنات اليوم يفضلن الحلاقة العصرية لأنها حسبهن تدر أرباحا كبيرة". واستحسن الحرفيون المشاركون في المعرض، اختيار الفيدرالية لساحة بلدية القبة حتى تحتضن هذه التظاهرة، معتبرين أن المكان سبب رئيسي في إنجاح المعرض من عدمه، وهذا بالضبط ما تسعى الفيدرالية إلى دراسته بعمق، حسب رضا ياييسي الذي أكد أنها تسعى إلى تنظيم معارض لترقية المنتوج الحرفي في كل بلديات ولاية الجزائر، ومعارض أخرى بولايات الوطن، باختيار الأماكن التي تجذب الكثير من الزوار، بالتالي ضمان زيارة أكبر عدد من المواطنين للمعارض من جهة، وضمان التبادل والتعريف بالحرفيين من جهة أخرى، علما أن الحرفيين يعملون على تسويق أنفسهم من خلال بطاقات الزيارة التي توزع عشوائيا، بالتالي ضمان زبائن. ومن المنتظر أن يعرف المعرض تكريم 5 حرفيين بجوائز رمزية. كما كشف رضا ياييسي من جانب آخر أن الفيدرالية الجزائرية للحرفيين والصناعة التقليدية ستشارك في نهاية السنة الجارية في معرض خاص سيقام في عاصمة الضباب لندن، "سنصطحب معنا 5 حرفيين يمثلون شعبا مختلفة للصناعة التقليدية، وسنحاول أن نكون سفراء الحرفة التقليدية ونعرف بصنعة أجدادنا ومدى تواصل الأجيال في الحفاظ عليها"، يقول يايسي في حديثه ل "المساء".