اتفقت الجزائروفرنسا على عقد اجتماع قبل نهاية الثلاثي الأول من العام القادم، لبحث ملف تعويض الضحايا الجزائريين للتجارب النووية الفرنسية في الصحراء أو ذوي الحقوق، والتزمتا ببحث اتفاق حول تسهيل تنقل الأشخاص بين البلدين، معربتين عن عزمهما على رفع مستوى الشراكة الاقتصادية ومواصلة الحوار وتعميق التعاون في مجال مكافحة الإرهاب. فقد التزم البلدان في البيان المشترك الذي توّج أشغال الدورة الثانية للجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى التي جرت بباريس، بإشراف الوزير الأول عبد المالك سلال، ونظيره الفرنسي مانويل فالس، ببحث كافة المسائل العالقة بينهما ومنها ملف تعويض الجزائريين ضحايا التجارب النووية التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية، حيث تقرر في هذا الشأن عقد اجتماع لبحث هذا الملف قبل نهاية الثلاثي الأول من سنة 2015، يقوم خلاله فريق عمل مشترك بتبادل الأراء حول شروط تقديم ملفات تعويض الضحايا الجزائريين أو ذوي الحقوق. كما اتفق الطرفان على عقد اجتماع آخر خلال نفس الفترة بين الوزارة الفرنسية للدفاع والوزارة الجزائرية للمجاهدين، من أجل تسهيل تبادل المعلومات للسماح بتحديد أماكن دفن مفقودين جزائريين وفرنسيين إبّان مرحلة الثورة التحريرية، وأعربا بالمناسبة عن ارتياحهما للأعمال المشتركة التي أنجزت خلال سنة 2014، في إطار إحياء ذكريين مرتبطتين بالحربين العالميتين، ومنها احتفالات 14 جويلية بباريس بمناسبة مئوية الحرب الكبرى، واحتفالات 15 أوت في تولون بمناسبة الذكرى ال70 لإنزال "بروفانس"، والتي حضرها الوزير الأول عبد المالك سلال، كما سجلا ارتياحهما للتقدم الذي حققه فريق العمل حول الأرشيف، وأعربا عن أملهما في تطوير التعاون التقني في هذا المجال ومواصلة الحوار حول هذه الإشكالية الهامة. العمل على تعزيز إجراءات تسهيل تنقل الأشخاص من جانب آخر التزمت حكومتا البلدين ببحث اتفاق حول تسهيل تنقل الأشخاص بين الجزائروفرنسا، وأعربتا عن ارتياحهما للتقدم الذي تم إحرازه في هذا المجال، ولا سيما بشأن الشروط العملية لتنقل وإقامة الجزائريينبفرنسا والفرنسيين بالجزائر، مبديين إرادة أكبر للعمل من أجل تحسينها بشكل أفضل، وتكثيف الحوار قصد إيجاد حلول دقيقة للصعوبات الملموسة التي يواجهها رعايا البلدين. أما فيما يخص الاتفاقيات الثنائية المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية والمساعدة والتسليم القضائيين، فقد أعرب الجانبان عن ارتياحهما للتقدم الملحوظ الذي تم تحقيقه خلال المفاوضات السابقة، واتفقا على عقد لقاء في مطلع 2015 بباريس، لبحث آخر النقاط العالقة في هذا المجال، فيما أكدا من جانب آخر ضرورة مواصلة الاجتماعات السنوية لفريق الخبراء المكلف بملف التنقلات غير القانونية للأطفال المنحدرين من أزواج مختلطين، وممارسة حقوق الزيارة العابرة للحدود مع برمجة الاجتماع المقبل في جانفي القادم. وفي حين أعربا عن ارتياحهما لاستئناف الحوار البنّاء بين الجهازين الاجتماعيين للبلدين بمناسبة اجتماع اللجنة المختلطة للضمان الاجتماعي والأشغال المنجزة في 2014، قصد تسوية المنازعات الاستشفائية، التزم الطرفان باستكمال تصفية هذه المنازعات في آفاق السداسي الأول من سنة 2015، مع إعادة صياغة بروتوكول العلاج الملحق بالاتفاقية الثنائية للضمان الاجتماعي التي ستسمح بتأمين أفضل للتكفل بالعلاج مع تفادي المنازعات. تعميق الحوار والتعاون حول مكافحة الإرهاب وسجل البلدان في البيان المشترك ارتياحهما لتكثيف المبادلات وتطوير التعاون الثنائي في المجال الأمني، وأعربا عن عزمهما على مواصلة الحوار وتعميق التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، لا سيما في ميادين التعاون العملياتي وتبادل المعلومات والتكوين، مبرزين في هذا الإطار تنامي حركية هذا التعاون وقيامه على تصور متطابق للتحديات الأمنية. وأكدا في سياق متصل أن الدورة ال7 لاجتماع اللجان الفرعية المختصة للجنة المختلطة الجزائرية الفرنسية للتعاون في مجال الدفاع التي انعقدت في 17 و18 نوفمبر 2014، سمحت بفتح آفاق جديدة للتعاون خلال السنة القادمة، حيث تم تقديم اقتراحات ملموسة من أجل بعث تبادل التحاليل الأمنية والاستراتيجية وتكثيف تبادل الخبرات وتعزيز التعاون العملياتي في إطار مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل، والعمل على تجفيف مصادر تمويل الجماعات الإرهابية من خلال منع دفع الفدية والجريمة المنظمة وتهريب المخدرات. كما دعا الطرفان إلى تطوير مشاريع مشتركة في التقييم التقني وشراكات صناعية في مجال التسلّح، مشيدان بالمناسبة بمسار المشاورات الجارية من أجل التوصل إلى إقامة شراكات في عدة ميادين، لا سيما صناعة الطائرات وتحويل التكنولوجيا والمهارة والصحة العسكرية، حيث سيعمل تجسيد هذه المشاريع حسب البيان على تعزيز التعاون العسكري بين البلدين. رفع مستوى الشراكة الاقتصادية وتعميق الحوار السياسي وبخصوص دعم التعاون الاقتصادي، أكدت الجزائروفرنسا إرادتهما في رفع مستوى الشراكة الاقتصادية والصناعية إلى مستوى علاقاتهما السياسية الممتازة، وأعربتا في هذا الإطار عن ارتياحهما لنجاح دورة اللجنة المختلطة الاقتصادية الفرنسية-الجزائرية (كوميفا) التي انعقدت في العاشر نوفمبر المنصرم بوهران، بمناسبة تدشين مصنع "رونو الجزائر للإنتاج"، مجددتان إرادتهما في مواصلة بناء هذه الشراكة ضمن منطق إنتاج مشترك وتحقيق التكامل الصناعي والاقتصادي. كما أبرز البلدان إرادتهما في تعميق الحوار السياسي ورفع مستواه، من خلال تكثيف الاتصالات واللقاءات المتبادلة، وأعربا في هذا الخصوص عن ارتياحهما للانعقاد المنتظم للقاءات بين الحكومتين وتوعيتها، مثمّنان في نفس الإطار انعقاد الدورة الأولى للحوار الاستراتيجي على مستوى الأمناء العامين لوزارات الشؤون الخارجية في 16 أكتوبر الفارط، والتي سمحت بتقييم التقدم المحقق في خارطة الطريق الثنائية التي تم الاتفاق عليها في الدورة الأولى التي انعقدت في ديسمبر 2013 بالجزائر، وتحديد أهداف طموحة فيما يخص كافة الجوانب المرتبطة بترقية العلاقات الثنائية. ارتياح لتطابق وجهات النظر حول المسائل الإقليمية وبخصوص تشاورهما المستمر حول القضايا الدولية والإقليمية، سجلت حكومتا البلدين بارتياح تطابق وجهات نظرهما حول كافة المسائل ذات الاهتمام المشترك، ولا سيما ما يتعلق بالأشواط التي قطعتها المفاوضات المالية بقيادة الجزائر التي تترأس الوساطة الدولية. وفي هذا الشأن أكدت الجزائروفرنسا تشجيعهما لحكومة مالي و"الجماعات المتمردة غير الإرهابية" على المساهمة في مواصلة المفاوضات قصد التوصل في أقرب الآجال إلى اتفاق سلام عادل ودائم. كما نوّه البلدان بجهود الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، وبالدعم الفعال الذي يلقاه من الجزائر، من أجل توفير الظروف المواتية لإطلاق حوار بين الأطراف الليبية باستثناء الجماعات الإرهابية المعروفة بذلك، بغية التوصل إلى حل يحفظ السلامة والوحدة الترابية لليبيا. وتجدر الإشارة إلى أن البلدين وقّعا خلال اجتماع اللجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى، على 9 اتفاقيات تعاون في مجالات الطاقة والرياضة والبحث العلمي والدفاع والصناعة والفلاحة. وعلى هامش أشغال الدورة التقى الوزير الأول عبد المالك سلال، رجال الأعمال الفرنسيين، ودعاهم إلى الإقبال على السوق الجزائرية للمساهمة في جهود الجزائر في مجال التصنيع، معتبرا الفترة الملائمة لتطوير التعاون الجزائري الفرنسي، في ظل وضع الجزائر لكافة التسهيلات والتدابير الكفيلة بتشجيع المستثمرين. كما اجتمع الوزير الأول بالمناسبة بممثلي الجمعيات الثقافية الجزائرية وأئمة المساجد بفرنسا، وحثهم على تقديم صورة صحيحة عن وطنهم وعن الإسلام، مؤكدا بأن الجزائر تصدّر السلام والحوار، فيما ألقى وزير الشؤون الدينية محمد عيسى، بمسجد باريس الكبير خطبة الجمعة، انتقد فيها الشيوخ "المزعومين" المتسببين في الغلو والتطرف في ممارسة الدين، مؤكدا بأن الدين الإسلامي الذي تم تحريفه عن منهج الوسطية لطالما كان عرضة للتشويه بسبب الجهل، وسعي بعض الأطراف إلى استغلاله لأغراض شخصية.