تباينت أراء نواب المجلس الشعبي الوطني، بين مؤيد ومعارض لمشروع القانون الذي يجرّم العنف ضد المرأة، حيث ثمّن أغلبية النواب المشروع الذي وصفوه بالضامن لحقوق المرأة والحامي لكرامتها بنشر ثقافة الاحترام ونبذ العنف المؤدي إلى الإجرام، في حين عبّر نواب التيار الإسلامي المتمثل في تكتل "الجزائر الخضراء" عن رفضهم للمشروع الذي يرونه "إفراط في إعطاء الحق للمرأة"، مطالبين بسحبه حفاظا على المجتمع وتفاديا للتفكك الأسري الناجم عن سجن الرجل الذي يضرب زوجته. وأثار مشروع القانون المعدل والمتمم للأمر رقم 66 – 156 المتضمن قانون العقوبات والمتعلق بمحاربة العنف ضد المرأة، الذي عرض للنقاش بالمجلس الشعبي الوطني أمس، ضجة بين النواب الذين اختلفت أراؤهم حول الموضوع وهو ما عهدناه في مناقشات البرلمان كلما تعلق الأمر بقانون ينصف المرأة كالقانون المتعلق بتوسيع مشاركتها في المجالس المنتخبة، الذي آثار حفيظة عدة تشكيلات سياسية رأت في المرأة منافسا للرجل وحاولت جاهدة سحب القانون الذي تمت المصادقة عليه سنة 2012 بشق الأنفس. ثمّن نواب الأغلبية البرلمانية وحزب العمال، مشروع هذا القانون بالرغم من بعض النقائص التي تضمنها على حد قولهم كونه سيقلل من ظاهرة العنف التي ظلت تعاني منها المرأة الجزائرية في الأسرة كزوجة، حيث تعنّف من طرف زوجها، وكعاملة وتكون عرضة للتحرش في الشارع، حيث تعاني من مختلف أشكال العنف والمعاكسات. مشيرين إلى أن المرأة أنصفها الإسلام وصان حقوقها منذ القديم غير أن الرجل ظلمها وأهانها. ملحين على ضرورة الإسراع في اتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد لهذا الوضع المأساوي الذي عادة ما ينتهي بجرائم أو عاهات مستدامة، وإعاقات نتيجة الضرب المبرح خاصة من قبل بعض الأزواج، كما يتسبب في عقد نفسية وصدمات مدى الحياة لدى الأطفال ويدفعهم للانحراف والآفات الاجتماعية نتيجة العنف الأسري والظلم الذي تعاني منه أمهاتهم. كما اقترح هؤلاء النواب أن يكون هذا القانون متبوعا بإجراءات وحملات توعوية تحسيسية لتغيير الذهنيات بالمساجد، ووسائل الإعلام وكذا بالأعمال الثقافية من أفلام وغيرها لأن الأمر لا يتعلق بغياب القوانين والردع بل بتصرفات بعض الرجال الذين يظهرون قوتهم أمام النساء مستغلين ضعفهن. وحتى إن كان مشروع القانون يفرض عقوبات بالسجن على من ترفع ضده شكوى بضرب امرأة فإن بعض النواب اقترحوا تعديل بعض شروط هذه العقوبة التي لا زال تطبيقها يشترط توفر شهود على ممارسة العنف، أو دليل يثبت صحة الشكوى التي تقدمت بها المرأة كتعرضها لجروح أو عاهة أو عجز عن العمل، مشيرين إلى أن هذا العنف يمكن أن يقع دون وجود شهود ويمارسه الزوج ضد زوجته عندما يكونا منفردين، مشيرين إلى أنه من غير المعقول أن يفلت مرتكب العنف من العقاب إذا لم يوجد من يشهد على فعلته. من جهتهم وقف نواب تكتل الجزائر الخضراء ضد هذا المشروع مطالبين وزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب لوح، بسحبه، مرجعين موقفهم إلى أن سجن الرجل بسبب ممارسة العنف ضد زوجته "يساعد على التفكك الأسري ويزيد من نسبة الطلاق في المجتمع، كما يضر بنفسية الأبناء الذين سيشعرون بغياب أبائهم في حال سجنهم وغياب من ينفق عليهم". محاولين تبرير موقفهم ببعض الاجتهادات الدينية التي قالوا إنها "تجيز للرجل ضرب زوجته، ضربا غير مبرح إذا أخطأت". وتجدر الإشارة إلى أن مشروع القانون الذي سيعرض على المصادقة غدا الخميس، ينص على معاقبة كل من أحدث عمدا جرحا أو ضربا لزوجته بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات إذا لم يخلّف هذا الفعل مرضا أو عجزا كليا عن العمل يفوق 15 يوما، وتصل هذه العقوبة إلى عامين وخمسة أعوام إذا خلّف الفعل عجزا يتجاوز 15 يوما، في حين تتراوح العقوبة ما بين 10 و20 سنة إذا نشأت عن الضرب إعاقة، فيما تصل العقوبة إلى السجن المؤبد إذا تسبب هذا العنف في وفاة الضحية. علما أن الفاعل لا يستفيد من إجراءات تخفيف العقوبة إذا كانت الضحية حاملا أو معاقة، أو إذا ارتكب فعله أمام الأطفال القصّر أو بالتهديد بالسلاح مهما كانت الظروف. كما اقترحت اللجنة القانونية بالمجلس الشعبي الوطني تعديلا يقضي بمعاقبة أحد الوالدين الذي يترك البيت الزوجي لمدة تتجاوز شهرين ويتخلى عن التزاماته الأسرية المادية والتربوية بغير سبب جدي بالحبس لمدة تتراوح مابين 6 أشهر إلى سنتين مع دفع غرامة مالية تتراوح مابين 50 ألفا إلى 200 ألف دينار.