لقي معرض النحاس الذي أقيم مؤخرا بقصر الثقافة، مفدي زكريا، في إطار الاحتفال بشهر التراث، ترحيبا كبيرا من الزوار الباحثين عن هذه القطع التراثية التي أبدع أصحابها من 13 ولاية، على غرار قسنطينة، غرداية، جيجل، المسيلةوتلمسان ... في عرضها بأشكال مختلفة جمعت بين ما هو قديم وعريق وبين وما هو حديث و مبتكر، فيما اعتبر البعض الآخر المناسبة فرصة للاحتكاك بالحرفيين طلبا للتعلم. ويأتي تنظيم المعرض الذي حمل هذه السنة شعار «فن صناعة النحاس الجزائرية» ليبرز ما تزخر به الجزائر من موروث عريق في مجال صناعة النحاس التي يناهز عمرها ال5 قرون، استمدت شهرتها من الإرث العثماني. تجولت «المساء» في أجنحة المعرض، ولعل أول ما لفت انتباهنا، أن المشرفين على التظاهرة حاولوا أن يكشفوا عن التنوع الموجود في صناعة النحاس بكل ألوانه الأحمر، الأصفر والأبيض عبر دعوة الحرفيين من مختلف ربوع الوطن، حيث كانت العاصمة حاضرة بحرفييها الذين أبدعوا في عرض أبرز القطع التي تشتهر بها الصناعة النحاسية العاصمية من «المحابس»، «البراد»، «الصحون» و»المهارس»، التي زينت بزخارف متناسقة وأزهار مختلفة الأشكال والأحجام، ناهيك عن إدراج الكتابة العربية والزخرف الإسلامي على مختلف اللوحات التي حولت النحاس إلى تحف غاية في الجمال والروعة. بينما أبهر جناح قسنطينة بمعروضاته، التي غلبت عليها الصينيات التي نقشت بأسلوب مبتكر يعكس احترافية صاحبها، حيث يخيل للناظر إليها أنه يشاهد قطعا نحاسية مطرزة بصورة دقيقة تجعلك تعجب لدقة التصميم، إلى جانب عرض بعض الأواني، على غرار «طاسة» الحمام و»المحبس» بلونيه الأبيض والأصفر والمرش والسكرية والقطارة والمزهريات التي لا تزال بعض العائلات القسنطينية تحرص على وجودها بالمنازل، حسب بعض الحرفيين الذين تحدثنا إليهم. أما جناح تلمسان فكانت المعروضات المقدمة تقترب من تلك التي قدمها حرفيو الجزائر، غير أن حرفييها حاولوا إضفاء نوع من التميز على ما تشتهر به المنطقة من صناعات نحاسية، عكستها الثريات المزخرفة النحاسية والشمعدانات والصينيات، وكذا بعض اللوحات التي عكست تراث المنطقة مجسما على النحاس. فيما حاول جناح المسيلة تسليط الضوء على جانب آخر من الصناعات النحاسية التي تخص الأبواب، حيث عرض تشكيلة متقنة من أقفال الأبواب المصنوعة من النحاس الأصفر، وهي نوع من الحرف التي تسير هي الأخرى في طريق الزوال حسب الحرفي خالد محمد. بينما حاول حرفيو جيجل إبراز الجانب الجمالي للنحاس بتحويله من مجرد مادة تستخدم في صناعة الأواني النحاسية، إلى لوحات فنية، حيث جسد الحرفيون بالاعتماد على تقنية الضغط على أوراق النحاس رسومات لمناطق أثرية ومعالم تراثية لقيت ترحيبا كبيرا من الزوار. وكان للحلي هي الأخرى نصيها، حيث حاول بعض الحرفيين إبراز استخدامات أخرى للنحاس والتي تدخل في إطار تجميل المرأة، إذ تم عرض المحزمة النحاسية الصفراء وبعض السلاسل والخواتم وحتى الرديف النحاسي، الذي كانت بعض النسوة تلبسنه لأسباب صحية ويقال إنه يخفف من آلام الروماتيزم.