تشهد العاصمة الموريتانية نواقشوط هذه الأيام حركة دبلوماسية مكثّفة ضمن مساعي المجموعة الدولية لإعادة النظام الدستوري في هذا البلد بعد انقلاب السادس أوت الجاري الذي أطاح بأول رئيس منتخب ديمقراطيا في موريتانيا. وحل في هذا السياق سعيد جنيت الممثل الشخصي للأمين العام الاممي لدول منطقة غرب إفريقيا أمس بالعاصمة نواقشوط في وقت اشتد فيه الخناق الدولي من حول النظام الجديد لإرغامه على العودة إلى النظام الدستوري. وجدد مبعوث الأمين العام الأممي الذي يزور موريتانيا للمرة الثانية منذ الانقلاب لأعضاء المجلس الحاكم بقيادة الجنرال محمد ولد عبد العزيز موقف الأممالمتحدة الرافض لاستيلائه على السلطة بالقوة العسكرية. واغتنم المسؤول الاممي فرصة لقائه بالجنرال محمد ولد عبد العزيز لمطالبته بضرورة العودة إلى النظام الدستوري وإعادة السلطة إلى صاحبها الشرعي الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله. وكانت زيارة جنيت إلى العاصمة الموريتانية سبقتها زيارة رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي جان بينغ الذي جدد موقف الإتحاد الرافض لعملية الانقلاب ودعا إلى ضرورة تبني حل يتطابق والدستور لإنهاء الأزمة. للإشارة فإن المسؤول الإفريقي إلتقى بالرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي يوجد تحت الإقامة الجبرية منذ الإطاحة بنظامه في قصر المؤتمرات بالعاصمة نواقشوط. وتتزامن هذه الحركة الدبلوماسية التي تشهدها العاصمة الموريتانية في الوقت الذي تتواصل فيه التنديدات الدولية بشأن الانقلاب ويستمر الخناق من حول موريتانيا بعد قرار منظمات دولية بتوقيف مساعداتها الموجهة لها. وفي هذا السياق أعلنت المنظمة الدولية للفرنكوفونية تعليق عضوية موريتانيا ودعتها من جديد إلى "العودة إلى النظام الدستوري" و"احترام الحريات الأساسية". وكان البنك العالمي علق خلال هذا الأسبوع مساعدة قيمتها 175 مليون دولار من أصل ال 413 مليون دولار كانت موجهة لموريتانيا. وتسبب هذا القرار في عرقلة حوالي17 مشروعا وطنيا في موريتانيا وكذا مشاركتها في مشاريع إقليمية للبنك العالمي في مجال التنمية الريفية والصحة والتعليم والمنشآت. ويبدو أن الانقلابين الذين سعوا في الكثير من المرات إلى تبرير انقلابهم لإقناع العالم أن الانقلاب العسكري جاء لصالح الشعب الموريتاني وجدوا صعوبة في توحيد الجبهة الداخلية وكسب دعمها الكامل بدليل رفض أغلبية الأحزاب السياسية الكبرى المشاركة في الحكومة الجديدة التي كلف الوزير الأول الجديد مولاي ولد محمد لغظف بتشكيلها. وتتمثل هذه الأحزاب في "التحالف من اجل العدالة والديموقراطية-الحركة من اجل المصالحة" و"تجمع القوى الديمقراطية" و"الميثاق الوطني من اجل الديمقراطية والتنمية" و"التحالف الشعبي التقدمي" و"اتحاد قوى التقدم" و"التواصل" و"الحزب من اجل المساواة والعدالة". ووصفت الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية في موريتانيا انقلاب السادس من أوت بأنه "جريمة ضد الوطن واغتصاب سافر للسلطة وإطاحة بالديمقراطية". واشارت الجبهة في بيان أصدرته أمس إن الأزمة السياسية التي سبقت الانقلاب كانت مفتعلة وأن الانقلاب نفسه كان مبرمجا.