عادت الحرب الباردة لتلقي بظلالها على العلاقات الروسية الأوروبية ضمن مؤشرات تنذر بصراع قادم قد يعصف بأسس نسق دولي ارتسمت ملامحه بعد سقوط جدار برلين قبل 16 عاما. وكانت تطورات الوضع في منطقة القوقاز الأخيرة بمثابة فتيل اشتعال هذه الحرب بين موسكووواشنطن ومن والاها من العواصم الأوروبية الأخرى ضمن حلقة صراع على اقتسام مناطق نفوذ على خلفية اقتصادية هذه المرة بعيدة عن كل إيديولوجية حتى وان كانت وسيلة تنفيذها القوة العسكرية. ولم تكن المواجهة المسلحة بين روسيا وجورجيا الاخيرة وما تبعها من تطورات إلا مجرد حلقة لمسلسل صراع قادم قد ينتقل الى مناطق اخرى في المحيط الإقليمي القريب من روسيا . واذا كان الصراع في ظاهره ذا علاقة باحترام سيادة الدول الترابية فإن ذلك لا يمنع من التاكيد أن رائحة الغاز والنفط في منطقة القوقاز هي التي اججت شهية الدول الغربية لوضع موطإ قدم لها هناك لكسر الهيمنة الروسية على هاتين المادتين الحيويتين لكل راغب في التحكم في هذا العالم. والواقع ان نار هذه الحرب بدات في التوقد التدريجي بعد قرار واشنطن اقامة دروع صاروخية على الحدود الروسية بزعم التصدي للتهديدات الايرانية ولكن بهدف خفي الوصول الى منابع النفط وحقول الغاز الضخمة في دول منطقة آسيا الوسطى. وهو التصرف الذي لم يكن لموسكو ان تهضمه هكذا وهي التي احست انها اهينت في كرامتها بصفتها القوة العالمية السابقة وكان ردها على جورجيا منطقيا بل ورسالة مشفرة باتجاه غريمتها واشنطن لتعي الدرس قبل فوات الأوان وأن كل مغامرة بالوكالة ستنتهي الى ما انتهت اليه المغامرة الجورجية.