مرة أخرى تثبت الأممالمتحدة عدم مصداقيتها كمنظمة أممية ينحصر دورها في السهر على المحافظة على السلم والأمن الدوليين، وحماية حقوق الإنسان في كل مناطق العالم عندما فضّلت التضحية بحقوق الضحية الفلسطيني والانحياز الى جانب الجلّاد الإسرائيلي. وكان قرار الأممالمتحدة باستثناء إسرائيل من قائمة "لائحة العار" الخاصة بالدول التي تنتهك حقوق الأطفال أمس، عارا في جبين المنظمة الأممية وأكدت تبنّيها لسياسة الكيل بمكيالين كلما تعلق الأمر باتخاذ قرارات تنديد بإسرائيل. وشكل ذلك أكبر دليل على أن الأممالمتحدة ليست مستقلة في قراراتها وتخضع لأهواء قوى عظمى على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية ومن ورائها إسرائيل التي تسيرها وفق مصالحها على حساب خدمة الأمن والسلم العالمين. وفاجأت الأممالمتحدة العالم بعد أن تجاهلت نداءات منظمات حقوقية دولية سبق وأن دعت الأمين العام الاممي بان كي مون، لعدم الرضوخ لأية ضغوط واتخاذ قرار جريء بإدراج إسرائيل في قائمة العار الخاصة بانتهاك حقوق الأطفال الفلسطينيين إلا أن الهيئة الأممية أثبتت أنها سيّدة قرارها. وهي حقيقة ليست بالجديدة فكم اقترفت إسرائيل من انتهاكات، بل مجازر في حق الفلسطينيين شاهدها العالم أجمع دون أن تتعرض لأدنى مسائلة أو حتى مجرد لوم وعتاب في وقت مازال فيه عدوان ال51 يوما الصيف الماضي على قطاع غزة وراح ضحيته 2200 شهيد فلسطيني من بينهم ما لا يقل عن 500 طفل عالقا في الأذهان. وربما هو ما جعل مون، يتحدث بلهجة فيها نوع من الحرج بعد إصدار قائمة الدول والتنظيمات المدرجة في "لائحة العار" دون إدراج اسم إسرائيل، حيث راح يعرب عن قلقه تجاه الانتهاكات الخطيرة التي تستهدف الأطفال الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية. ولكن ماذا يفيد مثل هذا التصريح الباهت والأمين العام الأممي لا يستطع اتخاذ أي قرار أو خطوة ملموسة من شأنها إنصاف الفلسطينيين بما يفتح المجال أكثر للكيان المحتل ليعيث فسادا في الأرض الفلسطينية ما دام لا يجد أي جهة قادرة على ردعه. ثم في ماذا تختلف همجية وبشاعة إسرائيل التي تقتل قواتها الأطفال الفلسطينيين بكل دم بارد، وتستهدفهم بالصواريخ وقذائف المدفعية عما تقترفه تنظيمات إرهابية على غرار ما يسمى "الدولة الإسلامية" أو "بوكو حرام" من انتهاكات جسيمة ضد حقوق الإنسان. فإسرائيل وهذه التنظيمات الإرهابية وجهان بعملة واحدة كلاهما يقترف أبشع الانتهاكات ولا تفرقان بين مدني وعسكري ولا بين طفل أو امرأة أو شيخ. بل انتهاكات إسرائيل أبشع بكثير عندما تقصف أطفالا أمام شاطئ أو داخل روضتهم ومدارسهم وآخرين نياما في أحضان أمهاتهم وآبائهم. والحقيقة أن اللوم لا يقع على الأمين العام الاممي، الذي يتعرض لقوة قاهرة هي الولاياتالمتحدة اعتادت الوقوف دائما إلى جانب حليفها المدلل إسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية المغتصبة. ولا تجد حرجا حتى في إعلان دعمها للكيان المحتل في الأممالمتحدة، وهي التي عارضت العام الماضي إصدار 18 لائحة تدين إسرائيل في الأممالمتحدة. وأمام هذا الوضع أعرب رياض منصور، السفير الفلسطيني لدى الأممالمتحدة عن الأسف الشديد إزاء استبعاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إسرائيل من القائمة السوداء للأطراف المنتهكة لحقوق الأطفال في الصراعات المسلحة. وقال إن "هذا القرار يناقض بشكل واضح الأدلة المتوفرة لدى الأممالمتحدة ذاتها بشأن ارتكاب إسرائيل انتهاكات خطيرة بحق الأطفال الفلسطينيين".