يقدم العدد الجديد من مجلة "الاتصال" الصادر عن كلية الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر الكثير من الدراسات المتنوّعة والبحوث الثرية والمواضيع التي تصبّ في مجرى انشغالات مجال علوم الإعلام والاتصال، حيث نطالع في هذا العدد ذي الفضاء البحثي الرائد، دراسات تعتمد على المقاربات النظرية والتطبيقية، مع الالتزام بالمنهج العلمي الصارم بهدف تعزيز التراكم المعرفي الذي يشكل عصب الحياة في مجتمع المعرفة الذي يتجه نحوه عالمنا اليوم، أي تحول السلطة من القوة والاقتصاد إلى المعرفة والمعلومات. يحتوي هذا العدد من المجلة الجزائرية للاتصال على دراسات وبحوث عديدة متعلقة أساسا بالوسائط الجديدة للاتصال، وأخرى تتعلق باللغة الإعلامية واللغة السينمائية. ويتناول العدد أيضا ثورة تكنولوجيا وسائل الاتصال والمعلومات التي أحدثت العديد من المفاهيم والقيم الجديدة التي انعكست في بعض جوانبها وبشكل مباشر في إنتاج معرفي جديد يتميز بالسرعة وقوة الانتشار، هذه المعطيات الجديدة تفرض على الباحثين حسبما جاء في مقدمة العدد - توخي الحذر في استعمال المصطلحات التي صار بعضها مفخخا، مما يستدعي المزيد من التأني وفحص المراجع المتدفقة كالسيل العرم من الأنترنت، هذا التدفق الذي قد يجرف من يعترض طريقه دون عدة أو عتاد. كتب في هذا العدد الأستاذ عبد اللطيف بوزير عما أسماه بالإعلام القديم وحدوده مع الإعلام البديل، حيث سعى إلى البحث في مختلف المداخل النظرية في هذا المجال، وهي الدراسة التي تبعتها قراءة مهمة للدكتور محمد الأمين موسى أحمد حول تمظهرات الصورة فيما يسميه بالإعلام الجديد وتوقف الباحث عند مختلف الأبعاد الفلسفية والتقنية الخاصة بهذه التمظهرات. وفي مجال الدراسات التطبيقية والميدانية، أنجز الدكتور نصير بوعلي بحثا حول عادات القراءة عند الشباب الجامعي بين الصحافة الورقية والإلكترونية، وسعت هذه الدراسة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، تتعلق بالتعرف على عادات وأنماط استخدام الشباب الجامعي لمحتويات الإعلام الإلكتروني ومقارنتها بعادات وأنماط القراءة التقليدية من الصحافة الورقية، وقد شملت الدراسة 400 مفردة من طلبة جامعة الشارقة بجميع الاختصاصات، وأظهرت النتائج أن القراءة التقليدية أو قراءة الصحف الورقية تشهد ميلا نحو الانحدار، فاسحة المجال للقراءة الفورية من الإعلام الإلكتروني، كما أوضح البحث بأن الصحافة الإلكترونية تتوسع يوما بعد يوم لتصبح ظاهرة اجتماعية عادية تدل على أن حقل الصحافة الفورية في توسع مستمر بين شرائح المجتمع، وتراجع نسبي في عادات القراءة التقليدية التي اكتسبها الفرد من قبل. دراسة ميدانية أخرى أنجزها الدكتور محمد شطاح حول مصادر الأخبار بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد، حيث بحث في طبيعة هذه المصادر وتفضيلات الجمهور لها من جهة، ومدى تأثير التكنولوجيات الجديدة في بناء هذه التفضيلات من جهة ثانية، من عينة طلبة كليات وأقسام الاتصال والإعلام في عدد من الجامعات بدولة الإماراتالمتحدة. كما احتوى هذا العدد على دراسات أخرى حول شبكات التواصل الاجتماعي، أهمها تلك التي أنجزتها الدكتورة رحيمة عيساني التي حاولت البحث في مستخدمي الشبكات الاجتماعية في الوطن العربي من خلال قراءة في الأرقام والمؤشرات، تبحث هذه الدراسة في حجم استخدام أدوات التواصل الاجتماعي وأغراضه وتأثيراته الاجتماعية في البلدان العربية من خلال الأرقام المتوافرة عن الدراسات والبحوث والتقارير العلمية لأعداد ونسب مستخدمي هذه الشبكات ومؤشراتها ودلالتها العلمية والمعرفية في مجال الإعلام والاتصال، إذ أكدت التقارير والبحوث والدراسات المتلاحقة على أنه ومنذ انتشار الاستخدام العالمي لهذه الشبكات، فإن مستخدميها في منطقة الشرق الأوسط والبلدان العربية يتزايد كل سنة بالملايين، وأن أشكال الاستخدام تغلب عليها الأغراض التواصلية والترفيهية. أما فيما يخص الدراسات باللغة العربية، فيحتوي العدد على دراسة ميدانية مهمة للأستاذ رضوان بوجمعة والباحثة وردة لهوازي حول اللغة الإعلامية المتعلقة بعالم السياسة والخاصة باللغة الأمازيغية، حيث عالج البحث إشكالية استخدام اللغة الإعلامية في النشرات الإخبارية الإذاعية باللغة الأمازيغية في محاولة فهم استخدامات هذه اللغة في الفضاء العمومي، كما قدم الدكتور أحمد بجاوي دراسة حول اللغة السينمائية، وقف بها عند النص الفيلمي بين الوثائقي والخيالي والتاريخ، مستعرضا التجربة الجزائرية وأهمية السرد السينمائي ولغته الساحرة الجامعة بين التاريخ والخيال بتمكن شديد. وتضمن العدد أيضا العديد من الدراسات التي تحاول الاقتراب من فهم الظاهرة الإعلامية والاتصالية بمختلف أبعادها.