دعت أسرة الشهيد محمد بودية، ورفاقه في النضال إلى إعادة الاعتبار له وتسمية شارع أو مرفق باسمه، اعترافا بنضاله الوطني والعالمي خلال الثورة التحريرية كمجاهد، واستشهاده من أجل القضية الفلسطينية، قصد إحياء الذاكرة الجماعية وتعريف الأجيال الحالية والقادمة بتاريخ وبطولات أسلافهم، مشيرين إلى أن "الصمت الذي لازال يحيط ببعض أبطال التاريخ يعد جريمة ضد الذاكرة الجماعية للجزائر لا يمكن السكوت عنها" مثلما أكده المجاهد العقيد حسين سنوسي. وأكد العقيد سنوسي، في تدخله خلال الندوة التي نظمتها جمعية "مشعل الشهيد" بالتنسيق مع جريدة "المجاهد" وسفارة فلسطين أمس، حول "الفنان محمد بودية، مجاهد الثورة وشهيد القضية الفلسطينية" بأنه حان الوقت لمنح الشهيد بودية الذي دفن في السر وظل منسيا، حقه وتعريف الأجيال به كغيره من أبطال الجزائر كونه مناضلا عالميا للحركات التحررية. معبّرا عن أسفه في أن الجيل الصاعد لا يعرف هذا البطل بالرغم من كل ما قام به وظل منسيا "لا لشيء سوى لأنه كان معارضا للسلطة بعد الاستقلال". وفي هذا السياق أضاف المتحدث أن الأبطال الذين صنعوا تاريخ ومجد الجزائر يرحلون يوما بعد يوم، ولا أحد يتحدث عنهم أو يذكرهم في الوقت الذي من المفروض أن يذكروا ويبقوا رمزا للذاكرة الجزائرية. وهو ما أكده السيد مراد بودية، ابن الشهيد الذي تأسف لكون السلطات المتعاقبة لم تفكر في منح اسم المجاهد الشهيد لأي شارع أو مرفق كغيره من مجاهدي الثورة، في الوقت الذي اعترفت فيه بلدان أجنبية بنضاله العالمي كلبنان التي أطلقت اسمه على أحد شوارعها. وفي هذا الصدد دعا السيد محمد عباد، رئيس جمعية "مشعل الشهيد" السلطات لإطلاق اسم محمد بودية، على المعهد الوطني للفنون الدرامية ببرج الكيفان الذي لا زال لا يحمل اسما، كونه صاحب فكرة إنشاء المعهد حسبما سبق وأن أكده الرئيس الأسبق الراحل أحمد بن بلة على حد قوله . من جهته ألح عضو فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا رشيد زهوان، إلى اتخاذ محمد بودية، قدوة للحفاظ على الوحدة العربية التي ظل يناضل من أجلها ومن أجل تحرير فلسطين في الوقت الذي تعيش فيه المنطقة العربية اليوم محاولات لتفكيك هذه الوحدة وتفريق شعوبها. وذكر المتحدث بأن بودية، الذي كان صديقا للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والذراع الأيمن للقضية الفلسطينية كان يمثل أكبر عدو لإسرائيل في أوروبا بسبب حنكته وأفكاره الداعمة لفلسطين، الأمر الذي جعل كل أجهزة المخابرات الغربية تتحرك ضده وتترصده. وقال المجاهد زهوان، بأن بودية، عندما تعرض لعدة محاولات اغتيال نصحه رفاقه بمغادرة باريس التي كان يقيم بها في سنة 1973 للسفر إلى لبنان وسوريا، وبعد أخذ ورد في الموضوع وافق على السفر. وعشية سفره تنقل إلى محافظة الشرطة بباريس لتسوية وثائق سيارته قبل المغادرة. غير أنه تعرض لما لم يكن في الحسبان حيث كان هناك بمركز الشرطة عملاء صهاينة تجسسوا على حديثه مع صديقه وأخبروا جهاز المخابرات الصهيوني بأنه سيغادر باريس، حيث قام هذا الجهاز بترصده ووضع شريحة تجسس بسيارته لمراقبة وتسجيل كل تحركاته ليتم عشية سفره القيام بتلغيم سيارته التي استشهد بداخلها عندما انفجرت بمجرد ركوبه في اليوم الموالي. من جهته أثنى السفير الفلسطينيبالجزائر، عيسى لؤي، على بطولة محمد بودية، شهيد القضية الفلسطينية الذي وقف إلى جانبها كما ظلت بلاده واقفة إلى جانبها، مشيرا إلى أن فلسطين لا زالت بحاجة إلى دعم الجزائر لمواصلة نضالها قصد مواجهة مخطط "سايس بيكو الجديد" الذي يستهدف المنطقة ويعمل على تقسيمها عبر القوى الإقليمية التي لا تدري بأنها ستكون ضحية أيضا لهذا المخطط يقول السفير الذي حذّر من المخططات التي تستهدف المنطقة العربية من اعتداءات على المساجد وأعمال إرهابية. وفي سياق حديثه عن الشأن الفلسطيني دعا سفير فلسطين، كل الفصائل الفلسطينية لتوحيد صفوفها وعدم الانسياق وراء الخلافات الجانية التي تبعدهم عن هدفهم الأساسي المتمثل في تحرير فلسطين مثلما تريده المخططات الصهيونية.