الاستمتاع بأشعة الشمس خلال فصل الصيف يتطلب منا اتخاذ بعض التدابير التي من شأنها توفير حماية فعالة للبشرة، قبل التعرض للشمس، حتى ولو كان ذلك لفترة قصيرة، غير أن اختيار كريمات الوقاية من الشمس خلال فصل الصيف الذي يعرف ارتفاع درجات الحرارة، لا بد أن يخضع لمقاييس معينة، لأن تجاهل بعضها يعني خطر التعرض للإصابة بأمراض عديدة، أخطرها سرطان الجلد، فكيف السبيل لاختار كريمة واقية ضد الشمس من بين المنتوجات المعروضة في السوق، والتي تحمل كلها العديد من الوعود؟ كلنا لاحظنا تلك الرموز البسيطة التي نجدها على عبوات كريمات الحماية من الشمس، إلا أن بعض الأفراد يجهلون ماهيتها أو المعنى الحقيقي من تلك الرموز (SPF)، والتي تمثل عامل الحماية من الشمس، حيث يشير هذا الرمز إلى مستوى الحماية ضد الأشعة فوق البنفسجية، لذا فمن المهم حسن اختيار الكريم المناسب ذي عامل حماية قصوى، حسب لون وطبيعة البشرة ومناخ المناطق التي نعيش فيها، حسبما أفادنا به صيادلة تحدثوا إلينا في الموضوع... إذ يقول الصيدلاني سهيل من بلدية الجزائر الوسطى، أنه يتم التعبير عن درجة الحماية في عبوات هذه الكريمات عن طريق مؤشرات رقمية كالتالي: 6، 10، 15، 20، 30، 40، 50 و50+، فيعد من الواجب على مؤسسات إنتاج هذه المادة ذكر الرقم على غطاء المنتج، وكلما ارتفع الرقم زادت الحماية ضد أشعة الشمس. هذه الأرقام، حسب المتحدث، تمثل فقط المدة الزمنية قبل تعرض البشرة إلى أشعة الشمس، وتكون عادة من 10 إلى 15 دقيقة، وهي فترة كفيلة بتعريض البشرة إلى حروق جلدية، وإذا اخترنا مثلا حماية SPF 10، فهنا تتم العملية الحسابية لمعرفة مدى حماية تلك الكريمة، وذلك بضرب 15 دقيقة في SPF 10 وهنا النتيجة 150 تمثل الدقائق التي تكون فيها البشرة محمية بفضل هذا الكريم، ليزول مفعوله مباشرة بعد هذه المدة. وتبقى هذه العملية الحسابية نظرية وقد تختلف باختلاف الظروف والعوامل المحيطة التي قد تبطل مفعول تلك الكريمات قبل الوقت المحدد، كطبيعة البشرة، لون البشرة ومدى حساسيتها لأشعة الشمس، إلى جانب السباحة، التعرق، الغسل أو المسح بمنشفة بعد السباحة أو أيضا الاحتكاك برمال الشاطئ، كلها عوامل تجعل الكريم يزول عن البشرة سريعا. وعليه شدد المتحدث على ضرورة إبعاد الأطفال الأقل من ثلاثة سنوات عن الشمس حتى وإن كانوا على الشواطئ، لابد من الحرص الشديد على حمايتهم بكريمات واقية لا يقل معامل الحماية بها عن 30، وكذا إلباسهم «تي شرت» من القطن بأكمام طويلة وقبعة شمسية وكذا نظارات شمسية. متعة محفوفة بمخاطر الإصابة بحروق الشمس يقصد الكثيرون خلال فصل الصيف الشواطئ أو المسابح للاستمتاع بأشعة الشمس، فهناك من يبحث عن السمرة ولو كانت على حساب الصحة، وبدون حماية كافية للبشرة تكون هذه المتعة محفوفة بمخاطر الإصابة بحروق الشمس، لذا يعد استعمال كريم الحماية من الشمس بمثابة الدرع الواقي الذي يحمي البشرة من هذه المخاطر، بشرط استعمال كريم بمعامل حماية مناسب لنوع البشرة ووضع كمية وفيرة منه، هذا ما أشار إليه الدكتور باتول مختص في الأمراض الجلدية، موضحا أن الجزائر من الدول التي تشهد درجات حرارة مرتفعة خلال فصل الصيف، وتزيد حدتها في المناطق الساحلية، أين يتميز المناخ بالرطوبة الشديدة، مما يزيد من الطين بلة، فتعرض البشرة لقطرات الرطوبة والشمس في آن واحد، يجعل البشرة عرضة للفحات الشمس بطريقة أسرع، وهذا ما نلاحظه على شاطئ البحر عند اكتسابنا للسمرة حتى بدون سباحة. وعن طريقة حسن اختيار المنتج الذي يليق بنوع بشرتنا، يقول المتحدث، لابد من اعتبار عدة عوامل، أهمها حساسية البشرة، فكلما كانت البشرة بيضاء تتطلب منا حماية أكثر واختيار عامل حماية من الشمس ذو درجة عالية، إلى جانب ذلك ظروف التعرض للأشعة، فكلما كانت الأشعة قوية ودرجات الحرارة عالية، كلما تطلب وقاية أكبر. وشدد الدكتور على أهمية وضع كميات كبيرة من الكريم لتكوين طبقة سميكة منه على الجلد وتحقيق أفضل حماية من أشعة الشمس، يقول: «ينبغي وضع الكريم قبل 15 إلى 30 دقيقة من التعرض للشمس، لإتاحة قدر كاف من الوقت لعوامل الحماية الموجودة بالكريم، كي تظهر فاعليتها في الوقاية من أشعة الشمس، مع ضرورة تكرار وضع الكريم بمعدل كل ساعتين والإسراع في وضعه بعد الخروج من الماء عند السباحة أو استخدام نوعيات الكريم المقاومة للماء لهذا الغرض. ولئن كان الوعي الصحي حول كريمات الوقاية من الشمس ملموسا لدى مختلف الفئات العمرية، إلا أن التطبيق على أرض الواقع عكس ذلك تماما، حيث أكدت لنا بعض المُستجوبات أنهن يستعملن هذه الكريمة بهدف الحماية ضد الأمراض المرتبطة بالبشرة، ومحاولة المحافظة على بياض بشرتهن، في حين يهمش الرجال عادة هذه الحماية الصيفية، غير أن استعمال كريم الوقاية من الشمس يبقى لمرة واحدة في اليوم عند الخروج صباحا دون تجديده في كل فترة وهذا خطأ قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على البشرة. احذروا التقليد!!! وعلى صعيد آخر، أوضح الدكتور باتول أنه لابد الحذر من المنتجات التي يكتب عليها حماية كاملة «توتال»، لأنه من المستحيل وجود كريمات تمنع من تغلغل الأشعة فوق البنفسجية إلى طبقات البشرة، فبعض الدول الأجنبية، لاسيما الأوروبية، منعت استعمال هذا المصطلح على منتجاتها، لأنها وعود كاذبة قد تدفع بمستعملي تلك الكريمات إلى التوهم بأنهم محميون جيدا، مما يجعلهم لا يجددون استعمال ذلك الكريم في اليوم الواحد، ويكتفون بتطبيقه في الصباح قبل الخروج فقط. وأوضح أن بعض الكريمات تأتي اليوم بعامل حماية ضد الشمس فوق 50، في الوقت الذي يروج فيه لكريمات تحمل عامل 60، 70، 85 أو أحيانا 90، وهي في حقيقة الأمر لا تختلف كثيرا عن الحماية 50+، مبينا أنه من الآمن البحث عن الكريمات التي تحتوي مصطلح (large spectre)، بمعنى طيف واسع وهي التي تحمي أكثر من الأشعة فوق البنفسجية. من جهة أخرى، أكد الدكتور على ضرورة حسن اختيار المحلات التي تشترى منها تلك الكريمات، مفضلا اقتنائها من الصيدلية، ويمكن طلب رأي المختص في الأمراض الجلدية عن النوع الذي يليق بالبشرة، حتى لا يقع الفرد ضحية التقليد، حيث تجعل من الكريم خطيرا على البشرة لاحتوائه على مواد كيماوية مجهولة الهوية. وأخيرا، يشدد الدكتور على أنه يمنع منعا باتا استعمال كريمات الوقاية من الشمس للأطفال الذين تقل أعمارهم عن سن 6 أشهر، لكن حمايته تكون بعدم تعريضه مطلقا لأشعة الشمس قبل هذه السن.