تتزامن الأيّام الأخيرة من فصل الربيع، مع ظهور أولى لفحات الشمس الحارقة، والمؤكّد أنّ الأغلبية منّا يفضّلون الصيف والبحر والعطلة، مع تفادي أشعّة الشمس التي تؤدّي في غالب الأحيان إلى الإصابة بحروق الشّمس، هاته الأخيرة تظهر في البداية على شكل إحمرار في الجلد، حسب مدّة التعرض للشمس، وحسب درجة الحرق الذي يحدّده لون البشرة، فالبشرة البيضاء تكون أكثر عرضة لحروق الشمس، وتندرج إلى الأكثر دكنا، نتيجة زيادة تركيز الميلانين، وهو الخط الدفاعي الطبيعي ضدّ مشكلات الشمس، كلّما قلَّت فرصة تعرّض الجلد لمشكلات الشمس. حاورته: أسماء زبار وعن هذا الموضوع أجرت "الحياة العربية" حوارا مع المختص في الأمراض الجلدية الدكتور عبد العزيز مالكي. الحياة العربية: ما هي أبرز المشاكل التي تصيب الجلد عند دخول فصل الصيف؟ الدكتور عبد العزيز مالكي : في البداية لدينا" إكزيما الشّمس"، فهناك بعض الأشخاص إذا تعرّضوا ولو لدقيقة واحدة لأشعة الشمس العالية، خاصة إذا كان الجلد المعرض للشمس عليه آثار عطور أو ماكياج أو منظفات، تصيبهم حالة حكة شديدة مع تعرّق كبير في الوجه، ممّا يتسبب في ظهور بقع مائية على الجلد الذي تعرّض للشمس. "الطفح الجلدي": يحدث عندما يتعرّض الجسم لدرجة حرارة عالية، فيحدث انسداد في فتحات الغدد العرقية يمنع خروج العرق إلى سطح الجلد، فيتجمع في قناة الغدد العرقية وتنفجر هذه القنوات ويحدث التهاب للأنسجة المحيطة مع ظهور حبيبات صغيرة، وحكة شديدة ناتجة عن هذا الالتهاب. "الحساسية الضوئية": يسبّب التعرض للشمس لدى بعض الناس نشوء حساسية ويظهر ذلك على شكل بقع حمراء ومنتفخة أحيانا وقد تكون مصحوبة بحكة وكذلك قد تظهر فقاعات، كما أنّ تعاطي بعض الأدوية قد يزيد من التحسّس لأشعة الشمس مثل بعض حبوب منع الحمل وبعض المضادات الحيوية وبعض أدوية الضغط. "النمش": هو تغيير في الجلد يحدث نتيجة عوامل وراثية، وتتميّز به بعض العائلات ذوات البشرة البيضاء، ويظهر على شكل بقع صغيرة بنية اللّون في الوجه وفي الرقبة واليدين وأعلى الصدر والأكتاف. كما أنّ هناك مشاكل أخرى كجفاف الجلد، جفاف الشعر، تشقق الجلد، والدمامل التي تصيب الأطفال خاصة. كيف ذلك؟ تتمتّع الأشعة ما تحت الحمراء بمفعول حراري فتسبّب طفحا جلديا وتزيد من حرارة الجلد، فيفرز الجسم كمية كبيرة من العرق لتعديل حرارته، وفي حال تعرّض الإنسان مدّة طويلة لأشعة الشمس، ترتفع درجة حرارة جسمه ويصاب بضربة شمس. بعد دقائق من التعرّض للشمس، تضفي أشعة uva على البشرة لونا يزول بعد بضع ساعات، ويعود ذلك إلى التأكسّد الضوئي لمنذرات الميلانين وهو صبغ داكن في البشرة. كما تسبّب أشعة uvb طفحاً جلديا ويظهر احمرار على الجلد مصاحب بانتفاخ، وبعد يومين من التعرض للشمس أو بعد ثلاثة أسابيع كحد أقصى، يزداد تكون مادة الميلانين، فيحصل تلون متأخر للبشرة، كما تزداد سماكة الطبقة السطحية للبشرة. تؤدي أشعة uvb وa والطيف المرئي إلى شيخوخة مبكرة للبشرة، حيث تهاجم الوحدات الضوئية الحمض النووي الموجود في الخلايا الوراثية في خلايا بنية البشرة، فتسبب تكون الكولاجين والإيلاستين السيئ النوعية، ما يؤدي إلى جفاف البشرة وتجعدها وظهور بقع ملونة كثيرة عليها وزيادة سماكتها. هل تتسبب أشعة الشمس في الإصابة بسرطان الجلد؟ ينشأ سرطان الجلد ويتطوّر، في مناطق الجسم التي تتعرّض لأشعة الشمس، الوجه، فروة الرأس، الشفتان، الأذنان، الرقبة، الصدر، اليدان والذراعان. ولكنّه يمكن أن يتطور كذلك في المناطق من الجسم التي تتعرض لأشعة الشمس بشكل نادر، مثل كفتي اليدين، تحت الأظافر، الفراغات ما بين أصابع القدمين أو تحت أظافر القدمين. كما يتطوّر سرطان الجلد في الطبقة الخارجية للجلد، ولهذا عادة ما يكون الورم واضح بالعين المجردة، وهذا ما يسهّل تشخيص المرض في مراحله الأولى غالبا، وهناك ثلاثة أنواع مشهورة من سرطان الجلد تسمّى اعتباراً لنوع الخلايا التي ينمو منها الورم، أمّا الأسباب الرئيسة له فهي، التعرّض للأشعة الفوق بنفسجية الآتية من الشمس و ذلك عن طريق حمامات الشمس أو للذين يتطلب منهم عملهم ذلك. وكثرة التعرض للأشعة السينية، كما هناك أسباب أخرى كنوع التغذية، مساحيق التجميل، وغيرها من الأسباب المؤدية إلى الإصابة بسرطان الجلد. كيف يمكن لسكان الجنوب تفادي أشعة الشمس؟ تجنب أشعة الشمس الضارة من الساعة 10 صباحا حتى الثالثة أو الرابعة مساء، إلا للضرورة، ارتداء الملابس الطويلة الأكمام واستعمال المظلات الشمسية، كذلك النظارات الشمسية، استعمال واقيات المضادات للأشعة، الكشف على الجلد في حالة ظهور أي تغيرات في الألوان أو التجاعيد أو طفح جلدي، لأن ذلك من علامات التعرض لأشعة الشمس المحرقة، شرب الكثير من المياه لتجنب جفاف الجلد، وضع القبعات خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعملون تحت أشعة الشمس و تفادي الخروج وقت الظهيرة خاصة بالنسبة للأطفال والشيوخ. هل مساحيق التجميل تؤثر سلبا على الجلد خاصة إذا امتزجت بأشعة الشمس؟ الكثير من السيدات يضعن المكياج في فصل الصيف عند خروجهن، ولا يبالين بمدى خطورة الأمر على صحتهن، لأنّ المكياج عبارة عن مواد كيماوية عندما تضعها السيدة على جلدها وتخرج إلى الشمس وتتعرّض لها لفترة طويلة، تتفاعل هذه المواد الكيماوية مع أشعة الشمس فوق البنفسجية لأنّ المواد المصنّع منها المكياج منشطة للحساسية الضوئية ممّا يجعلها تسبّب حروقا في الجلد والتهابات وظهور البقع السّمراء التي تعانى منها معظم السيدات. وتسبّب عجز الجلد المبكر فمن ضمن أسباب ظهور التجاعيد مبكرا على الجلد التعرّض للشمس لفترات طويلة. باعتبار أنّ بشرة الأطفال رقيقة وحساسة هل تؤثر أشعة الشمس عليها ؟ نعم، ولهذا فعلى الأولياء عدم ترك أبنائهم معرضين لأشعة الشمس طويلا خاصة في البحر، مع وجوب وضع الكريمات الواقية، لتفادي المشاكل الجلدية التي تسبّبها أشعة الشمس على الأطفال خاصة وأنّ بشرتهم حساسة يمكن أن يصابوا بحروق خطيرة يتطلب علاجها أسابيع. إلى أيّ مدى يمكن لكريمات الوقاية من الشمس أن تجنّب الأمراض الجلدية؟ بالنسبة إلى كريمات الوقاية من الشمس تفيد في حالة واحدة وهي الوقاية من الأمراض التي تنتج من أشعة الشمس أو تشتد حدتها بها ولكن لا بد أن يكون استخدام هاته الدهانات بطريقة صحيحة حيث تدهن بكمية كافية قبل الخروج من المنزل بنصف ساعة ويتكرّر استخدامها كل ساعتين، كما على الناس استشارة طبيب الجلد ليوصف لهم الكريم الذي يحتوي على مركبات خاصة تناسب نوعية بشرتهم، لأنّ التي تناسبك قد لا تناسب أختك. في نظركم ما هي طرق الوقاية والعلاج؟ أوّلا يجب تجنّب وضع مستحضرات التجميل على المناطق المكشوفة من الجلد بقدر الإمكان لأنّ الحساسية التلامسية تتولد من أي مادة ولا يمكن التأكد من أن الشخص حساس من المادة إلا بعد التجربة، تجنّب التعرض للحرارة والجفاف والألبسة الخشنة، استخدام النظارات الشمسية التي تمتص هذه الأشعة والابتعاد عن التعرّض لأشعة الشّمس المباشرة، الحذر من أشعة الشمس خاصة على الشواطئ إذ أنّ الماء يعكس 100% من أشعة الشّمس بينما تعكس الرمال 20% فقط. وبما أنّنا مقبلون على فصل الصّيف والمخيّمات الصيفية والفعاليات الخارجية، أتوجّه إلى الآباء والأمّهات بأنّ يعملوا على توعية أبنائهم بمخاطر الشّمس والحرص على إتباع التوصيات قبل التعرّض لأشعة الشّمس، كارتداء القبّعة والنظارات والملابس الطويلة ووضع الكريمات، والمكوث في الظل قدر الإمكان وشرب كميات كبيرة من الماء، والتقليل من المجهود الجسماني خاصة في الأيام شديدة الحرارة، ومرّة أخرى أشدّد على ضرورة شرب كميات كبيرة من السّوائل خاصة للذين يفرطون في إفراز العرق.